ترسانة الأصهُر حـازم الأميـن
تواترت أخبار في الأيام الأخيرة عن أن الجنرال ميشال عون يريد صهره، العميد شامل روكز قائداً للجيش. مصدر هذه المعلومات جهات صحافية قريبة من عون، من بينها صحيفة “الأخبار”، وهو ما يرجح صحة ما يتواتر.
هذا الأمر يضعنا أمام احتمالين، أولهما أن يكون عون يئس من احتمال وصوله إلى رئاسة الجمهورية، وها هو يبحث عن تعويض يوازن فيه اختلالاً عائلياً رجح كفة الصهر البتروني جبران باسيل في عملية التوريث المبكرة التي راح التيار يترنح تحتها. ولكن وبما أننا نعرف أن الجنرال عون، لا ييأس، فعلينا أن نحتاط في توقعنا. ولهذا لا بد من احتمال ثانٍ يتمثل في أن الجنرال قرر خوض معركة خاسرة ليعزز احتمال فوزه في المعركة الأم، أي وصوله إلى رئاسة الجمهورية، فتأتي خسارته قيادة الجيش تنازلاً قدمه الجنرال في مقابل تقدم حظوظه في الرئاسة.
نقول ذلك، لأن ثمة خللاً منطقياً في أن يكون الجنرال عون مرشحاً للرئاسة، وصهره مرشحاً لقيادة الجيش، فيما صهره الأول وزيراً للخارجية. كيم إيل سونغ لم يفعلها في كوريا، وبشار الأسد اضطر لتمرير تصدر صهره، قبل أن يقتله، أن يستحدث منصباً شكلياً في القيادة العسكرية أعلى رتبة من رتبة صهره، فيما تولى الأخير القيادة الفعلية من دون المنصب. مع فارق أن لدى الجنرال ترسانة أصهر، وليس صهراً واحداً.
وبما أننا أمام أخبار شبه مؤكدة وغير منفية، فعلينا التعامل معها بما ينسجم مع ما يُمثله عون من عقدة علاقات وطنية وطائفية وحزبية. وبناء عليه نقول نحن اللبنانيين، إنه من المعيب بحقنا أن تتصدر عائلة سياسية واحدة كل هذه المناصب مجتمعة. لن نتحدث عن كفاءة أفراد هذه العائلة، فهذا أمر آخر. لكن تجمّع هذا الكم من المناصب في يد هذه العائلة، في نظام سياسي واجتماعي وطائفي لا يُشبه نظامي كوريا الشمالية وسورية بشيء يعني أمراً واحداً، هو انعدام وجود كفاءات خارج هذه العائلة. لا شيء غير ذلك.
ثم إن الجنرال وعائلته يتصدرون زعامة وينافسون في بيئة قد تكون الأحدث بين الشرائح اللبنانية المختلفة. فقبل نحو قرنين من اليوم أطاح المسيحيون النظام الاقطاعي وأحلوا مكان نفوذ عائلاته نمط تبادل تجاري برجوازي، سابقين بذلك مختلف أنماط العلاقات السياسية والاقتصادية في المنطقة كلها، فما الذي جرى لهم اليوم؟
لعل مجرد إشهار الطموح في غزو كل هذه المناصب يُشكل انتكاسة لادعاء هذه البيئة تصدُّر القيم الحديثة. ولمجرد أن يشعر ميشال عون بأن في إمكانه ترشيح صهره الثاني بعد تعيين صهره الأول، وفي سياق ترشحه هو لرئاسة الجمهورية، يجب أن يُراجع المسيحيون قناعتهم في أنهم النموذج الاجتماعي الأحدث على مستوى جمهوريتنا الصغيرة.
ربما كان روكز ضابطاً كفوءاً، ويبدو أن كثيرين يعتقدون ذلك، لكن رمزية انتمائه للعائلة تكفي للحد من طموحه، ذاك أن العائلات الحاكمة، أو الطامحة للحكم يجب أن تُمثل نموذجاً في الانكفاء، وإن الشكلي، عن غزو المناصب.
ليست هذه حال العائلة العونية الواسعة والضيقة. لكننا اليوم أمام لحظة ذروة في تصاعد الطموحات، فلا بد من تسجيل تحفظ يائس
موقع لبنان ناو