تشتت القطاع الزراعي في سوريا: موسم القطن مثالاً/ رولا عطار
لم يعد القطاع الزراعي في سوريا بخير. صعوبات عديدة يواجهها الفلاحون في تسويق منتجاتهم على اختلاف أنواعها، سواء في المناطق الآمنة أو المتضررة. ويأتي اليوم دور تسويق محصول القطن، الذي تتركز زراعته في محافظات خرج قسم كبير منها عن سيطرة الحكومة السورية، وشهدت تراجعا في الإنتاج، لكن حجم التراجع لم يُحدد بشكل دقيق، كون عمليات تسليم القطن لم تكتمل في جميع المحافظات.
تحاول المؤسسات الحكومية فعل ما بوسعها لتسويق محصول القطن للعام الحالي، وتسهيل مهمة نقله على الفلاحين “حتى لا يتحملوا أعباء التنقل من محافظة إلى أخرى”. وفي هذا السياق يصف مدير المؤسسة العامة للأقطان، زاهر عتال، لـ”المدن”، حجم الكميات المستلمة من الفلاحين بالجيد والمقبول، حيث تخطت الكميات المستلمة 59 ألف طن على مستوى البلاد. وقد أنشأت المؤسسة مركزا خاصا للإستلام في محافظة الحسكة بقصد تخفيف العبء على المزارعين بدل اضطرارهم لنقل المحصول من الحسكة إلى محافظات أخرى. ويتسع المركز لتخزين 3000 طن، كما تم حجز المدينة الرياضية في المحافظة واعدادها لاستلام 15000 طن أخرى. لتقوم المؤسسة بعد ذلك بنقل كل الكميات المستلمة من المحافظات إلى “محالج” (مكان جمع القطن تمهيداً لتصنيعه) المنطقة الوسطى المعتمدة في محافظتي حماه وحمص. وبالنسبة لمحافظة الرقة تقوم المؤسسة بدفع 9000 ليرة (حوالي 27 دولارا) للطن الواحد كأجر نقل المحصول المسوق، كما تدفع تقريبا المبلغ نفسه بالنسبة لمحافظة حلب. ويؤكد عتال على إزالة جميع العراقيل لمساعدة الفلاحين على تسويق محاصيلهم. ويلفت النظر الى ارتفاع كلفة كيلوغرام القطن إلى 140 ليرة (0.4 دولار) أي بزيادة 30 ليرة عن العام الماضي. وتعد كميات تسويق القطن لهذا العام أكبر من السنوات السابقة بسبب فرض الأمن على الطرقات التي تنقل عبرها الأقطان.
ويشير المركز السوري لبحوث السياسات، في حديث لـ “المدن”، إلى أن الغالبية العظمى من المزارعين مازالت تواجه المصاعب للوصول إلى أراضيها جراء انعدام الأمن والخوف على سلامتهم الشخصية، الأمر الذي يشكل عائقاً أمام تسويق منتجاتهم. وإضافة إلى ذلك، أدى تواصل العمليات العسكرية وأعمال النهب في مناطق عديدة الى تخريب وتدمير جزء كبير من أنظمة الري المتبقية، ومن الأشجار، والمسالخ، والمواشي، وكذلك الأدوات والمستلزمات والمعدات الزراعية. وتضاعفت الأعباء المادية التي تثقل كاهل المزارعين إلى حد بات معه العديد منهم غير قادرين على إصلاح الضرر الذي طال ممتلكاتهم وموجوداتهم، أو على العودة إلى العمل نتيجة لاستمرار المخاطر. أما القادرون منهم فيواجهون عقبات تزايد تكاليف المستلزمات، من أسمدة ووقود… وما الى ذلك.
وبشكل عام، أصيب القطاع الزراعي وأسواقه بحالة من التشتت المتزايد، وإذ يتمكن بعض المزارعين من التكيف مع هذه الأزمة من خلال مواصلة عمليتي الإنتاج والبيع، يكتفي آخرون بإنتاج ما يكفي لمعيشة أسرهم، الأمر الذي يساعدهم على ضمان الحد الدنى من الأمن الغذائي لعائلاتهم. ولكن العمل الزراعي بشكل عام بات أكثر صعوبة وأقل مردودية.
وإذا ما أخذنا محافظة الحسكة كواحدة من المحافظات المنتجة لمحصول القطن، سنجد أنه “بحسب التقديرات كان يصل انتاج المحافظة في سنوات ما قبل الأزمة إلى 400 ألف طن، أما في العام الحالي فبلغت الكميات المسوقة 8000 طن، وفق ما يقوله محافظ الحسكة محمد زعال العلي، لـ “المدن”. أما المتوقع تسويقه من الإنتاج للحالي للعام الحالي، فهو بحسب العلي، 14 ألف طن، وذلك وفق المساحات الفعلية المزروعة والتي تتراوح بين 5000 و7000 هكتار، مع الأخذ في الاعتبار أن المساحات المرخصة للزراعة في المحافظة هي 55 ألف هكتار، فيما يتم زراعة 5000 هكتار فقط، أي هناك مساحات زراعية واسعة لم يتمكن الفلاحون من زراعتها، لذلك تم تقديم تسهيلات كبيرة للمزارعين عبر شراء المحصول المسوق من قبلهم بسعر عادل، وهو 140 ليرة للكيلوغرام الواحد، وهذا السعر يوفر هامش ربح بنسبة 25%”.
تجدر الاشارة الى ان “المؤسسة العامة لإكثار البذار”، بدأت بتسليم المزارعين بذار القطن، تحضيراً للموسم الجديد.
المدن