تظاهرات “سورية لأبناء الست وأخرى سورية لأبناء الجارية!
ب.ش
التظاهرة الرسمية التي نظمت في دمشق دعماً للرئيس بشار الأسد كانت حاشدة. وهذا يدعو الى الفرح.
لأنها، يفترض ان تكون جزءاً من ممارسة الديموقراطية المباشرة، حتى وإن كانت تؤيد السلطة، عال! ولكن عندما نتكلم على الديموقراطية، فيعني اننا نتكلم على حرية التعبير؛ وحرية التعبير يعني الحرية التعددية، ويعني حق المعارضة (او الثورة) أو الاحتجاج، بالتعبير السلمي.
ويعني كذلك الحق بحماية الدولة، والأجهزة، هذه بديهيات، فالتظاهرة الرسمية حظيت بأكثر من حماية وكان المشاركون فيها (ونحن نحترمهم) يتمتعون بالراحة، وبالوقت، وبالمساعدة، وبالاعلام، وبالترحيب من قبل وسائل إعلام النظام في سوريا (وفي لبنان ايضاً: اقصد حلفاء النظام السوري. رائع). وقد بدا ذلك جلياً على وجوه المتظاهرين بحرية تحرك تامة، وبهتافات عالية، وبملابس مريحة، وبوسائل سخية، من دون اي شعور بالخوف من قمع، أو بتعرض للضرب، أو للرصاص، أو للقصف أو للسجن، أو لاتهامات بالعمالة والخيانة.
فصور التظاهرة نقلتها بديموقراطية رائعة، وسائل الاعلام السورية، من دون مصادرة لا للافلام ولا الاعتداء على الصحافيين والمصورين. وماذا كان لتقول المصادر الرسمية السورية لو قلنا مثلاً ان التظاهرة لم تقع. أو انها اقتصرت على العشرات. أو ان أخبارها وصورها ملفقة! لقالوا عنا “اننا نكذب”، وإننا متواطئون مع اميركا وفرنسا (لم يتعرض الاعلام السوري الرسمي لاسرائيل باعتباره ممانعة متعرضة لعدائية العدو الصهيوني. رائع) لكن، اذا كان النظام، كما يريد ان يقول، من خلال هذه التظاهرة الرسمية، انه يتمتع بأكثرية الشعب السوري، فلماذا لا تكون المنافسة حرة بين تظاهرات الثورة او “الانتفاضة وبين تظاهراته”. لماذا مثلا لم نلمح أحداً من “العصابات المسلحة رشق بوردة أو بحصاة هؤلاء المتظاهرين، ولماذا لم تهدد هذه العصابات المسلحة الوحدة الوطنية باطلاق الرصاص عليهم. أو لماذا لم نسمع عن “فتنة طائفية” تفوح من تلك التظاهرة؟ أترى يحق لفئة من الشعب السوري (وبحسب القوانين والدساتير) ان تنزل الى الشارع وتكون وطنية، وتُمنع أخرى وتتهم بالخيانة؟ أين كانت العصابات المسلحة التي تروع المواطنين، ولماذا غابت عن تظاهرة النظام؟ بل ولماذا لا تظهر هذه العصابات المسلحة بمعجزة الا في مواجهة تظاهرات المعارضة والثورة؟ فلماذا لا يحمي النظام المتظاهرين في درعا والغابون وريف دمشق وحمص وحماه ودير الزور.. وحلب، بينما يحمي من يهتفون له؟ أوليس هؤلاء الآخرون سوريين، ابناء سوريين أباً عن جد؛ أوليسوا مواطنين مثل غيرهم؟ أوليسوا بشراً مثل غيرهم؟ لماذا يعامل الثوار وكأن دماءهم مهدورة، وممتلكاتهم مستباحة، وأطفالهم ونساءهم رخيصة؟
وهل يمكن ان نسمي النظام دولة عادلة، عندما يفرق بهذه الطريقة المرعبة بين مواطنيه؟ واي نظام هذا الذي يخون أكثرية شعبه! اذا كان الأمر، كذلك.. فكيف يكون اي نظام في العالم شرعياً على شعب نصفه عملاء وقتلة وخونة؟
مع هذا فسوريا ما زالت واحدة. بشعب واحد. وثورة واحدة. وقلب واحد. القتل يوحّد الثوار ويقسم المرتكبين!