ثلاثة أفارقة في الأزمة السوري
ة
علي سعد الموسى
هل هي صفة نادرة، أم كانت بترتيب مسبق؟ وما أقصده أن يكون أقطاب الدبلوماسية العربية والعالمية التي تولت ملف سورية الأممي من أصول أفريقية. اقرؤوا بالصدفة أيضا تواتر الأسماء من السوداني الفريق محمد الدابي، إلى كوفي عنان من غانا، وأخير رئيس المراقبين الدوليين: جنرال من السنغال، كانت زلة لسانه الشهيرة حين قال: قد أحتاج إلى بعض الوقت لأتعرف على الخريطة السورية.
يجمع بين هؤلاء الدبلوماسيين الثلاثة أكثر من القول إنهم من جذر أفريقي مشترك؛ صفة الهدوء القاتل في مهمة دبلوماسية ذات ضجيج مرتفع. وحين كان محمد الدابي يجول في شوارع حمص، كان يسمع صوت المدرعات السورية، تقصف الأحياء في أطراف المدينة، فيخرج الدابي يطلب من “كافة أطراف النزاع” الهدوء وضبط النفس. كان أول دبلوماسي يتحدث عن مصطلح “أطراف النزاع” في الموضوع السوري، ومن بعده أصبح المصطلح لزمة إعلامية عالمية يتساوى فيها القاتل والضحية.
فشل الدابي فشلا ذريعا ولم تستمر مهمته لأكثر من أربعين يوما، وعندما تلا تقريره في مجلس الجامعة العربية كان أعضاء بعثة المراقبين من بلدان عربية عدة يكتبون تقاريرهم الخاصة التي لا تتفق في شيء مع تقرير الدابي. لم نعرف أن الفريق محمد الدابي كان مطلوبا ذات يوم بتهمة جرائم حرب في دارفور، إلا بعد أن أنهى مهمة الرقابة على الجيش السوري، وهو يقصف بابا عمرو. ومن بعده جاء كوفي عنان في مهمة مختلفة، وأغرب مافي مهمة كوفي عنان، ليس أكثر من نقاطه الست التي كتبها بلغةٍ مائيّة، تستطيع معها أن تقرأ كل فقرة على وجهين متناقضين. كانت القصة مع فقرات كوفي عنان الست هي في تفسيرها اللغوي والقانوني، لافي تطبيقها الميداني: كان بشار الأسد يقرأ كل يوم فقرة من فقرات كوفي عنان، ثم يعلن التمسك بها بالحرف، ونحن لا نعلم طبيعة الحرف الذي قرأه، ولا ماهية تفسيره اللغوي لهذه الحروف. المهم أنه استقال بعد أن أغرق العالم في دهاليز “مشروعه اللغوي”، وخطته التي استعصت على الفهم.
نحن اليوم أمام جنرال سنغالي، بوصفه رئيسا ثالثا للمراقبين الأممين، فماذا سيفعل هذا الأفريقي الجديد، وأي لغة سيتحدث؟
الوطن السعودية