صفحات العالم

بروباغندا الأسد وارتباك خصومه/ موناليزا فريحة

يحقق النظام السوري اختراقات واضحة على جبهة البروباغندا.في الغرب كما في منطقتنا، يصير النظام الذي حول انتفاضة شعبية عليه حربا دموية شعواء، “أهون الشرين”، بعدما كان “شرا مطلقاً” في السنتين الاوليين للثورة. و”الفضل” في ذلك يعود خصوصاً الى صخب وسائل اعلام واقعي وافتراضي يحاول “تهذيب” صورة النظام ورئيسه، من خلال “شيطنة” الفريق الاخر واللعب على مساوئه، وهي كثيرة في أي حال.

قبل الحرب، غالباً ما ترك الاسد انطباعا ايجابيا في وسائل الاعلام العالمية. تبدل الحال أخيرا. لم يعد بشار الاسد ذلك”التحديثي”، كما وصفه المؤرخ ديفيد ليش، ولا زوجته أسماء عادت تحلم بما وصفتها به مجلة “فوغ”: “حسناء رقيقة طويلة ذات عقل تحليلي ومستوى ذكاء قاتل”! فضحت مأساة السنتين ونصف السنة الاخيرة “التحديثي” و”الحسناء” على السواء. ومع ذلك، وجد النظام وماكينته الدعائية قنوات جديدة للتأثير في العقول المترددة والقلوب الخائفة من المستقبل المجهول لسوريا.

في الولايات المتحدة خصوصاً،غالبا ما يعيد معلقون يمينيون ادعاءات النظام الذي يشاطرونه عداءه للاسلام السني المتطرف وادارة أوباما. مقدم البرامج الاميركي المحافظ الشهير راش ليمبو تحدث عن”أدلة متزايدة” على تنفيذ الثوار الهجوم الكيميائي في الغوطتين،وقال إن البيت الابيض كان على علم وربما ساعد في التخطيط للهجوم.

وفي أوروبا، نجحت الاصوات المؤيدة للاسد في التأثير في السجال الدائر حول سوريا.

وليس بعيدا من هذه الاجواء ما خرج به الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك الاثنين عن لقاء “قيل له” أنه ضم ممثلين لـ”الجيش السوري الحر” ومسؤول كبير من طاقم الرئيس الاسد، في ما قال إنه خطوة قد تعيد تشكيل الحرب برمتها.

ليست جديدة مواقف فيسك من الاسد. فهو أعلن منذ آذار الماضي في مقال شهير له أن “الاسد هو الفائز في الصراع”. لكنّ كلامه هذا يكتسب وقعا مغايراً في ظل التشرذم المتزايد في الجبهة العسكرية المعارضة والمخاوف من تكتلات فصائلها الاسلامية.

ولعل ماكينة الدعاية السورية نجحت خصوصا عندما استغلت وكالات الاعلام المسيحية القلقة من المد الاصولي في سوريا والمنطقة، للوصول الى الصحف الكبيرة، ولم تتوان عن تجنيد الأم أغنيس مريم الصليب في معركتها.

وسط هذا المكر المشروع في الحروب، لا يبقى مستغربا أن يحظى شريط المعتوه الذي أكل كبد الجندي السوري بكل هذا الضجيج، وقت تمر أشرطة الاف الانتهاكات التي يمارسها النظام والتي لا تقل عنه وحشية، مرور الكرام.على الارض كما في البروباغندا، لا شك في أن جزءا كبيرا من قوة الاسد ينبع خصوصاً من ارتباك خصومه.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى