جنرال “الديموقراطية الأسدية” يرهب مسيحيي سوريا
كارلا خطار
النظام السوري يساوي الديموقراطية بالنسبة الى رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون. ويبدو أنه يحسب قبل سقوط النظام المجرم ثمن خسارته. ربما يستحيل على أحد تحديد خسارة الجنرال، لكن الأكيد أن الديموقراطية هي التي ستربح والشعبين اللبناني والسوري سيتلقيان هدية لا تثمّن.
إحذروا أيها المسيحيون في العالم وتحديداً في سوريا، فإن الجنرال المستبدّ يرهب حياتكم ويربطها بنظام الديكتاتور بشار الأسد. فهو يدعم الأنظمة الديكتاتورية، متصالح مع النظام الأسدي المتورّط في جرائم ضدّ الإنسانية، متواطئ مع الإرهاب ضد الشعوب التي تسعى الى تقرير مصيرها. وإن كان برأيه نظام الأسد يشجّع حرية الاعتقاد والسياسة وحقّ الاختلاف، فكيف تكون الأنظمة الديكتاتورية والشمولية إذاً؟
قد يكون كلام الجنرال، الذي أضاع سنوات من عمره في فرنسا من دون أن يستفيد من الديموقراطية ليتجذّر في التطرّف والانحياز الى “خربان البيوت”، مقبولاً في العراق مثلاً في عهد صدام حسين الذي كان الجنرال معجباً به أو في ليبيا أو في سوريا الأمس.. لكن كلامه لا يجوز في ظل الربيع العربي وتحديداً في لبنان، حيث تحتل إنجازات لبنان في الحياة الديموقراطية المرتبة الأولى على المستوى السياسي والحقوقي، وهذا ما يسمح للجنرال بالكلام “طالع نازل” وإبداء رأيه بمن يشاء وأن يتحدث في الإعلام مدافعاً عن الديكتاتوريين، في غياب معيار الضمير. ولا حاجة للتذكير بأن الجنرال الوطني كان معجباً بكل الحكام العرب الذين سقطوا خلال الربيع العربي، إلا أن مصيره الأخير أن يلجأ الى عرين الأسد.
يقول المثل “من يعرف أكثر يُدان أكثر” والجنرال أعلم الناس بأن الشعب اللبناني يُسقط رؤساء ويواجه حكومات ويحاسبها وينتفض في 14 آذار، وسبق له أن تحمل اختراقات عديدة لديموقراطيته من قبل ممثلي النظام السوري الذي حكم لبنان بقبضة من حديد طوال سنوات فاعتقل لبنانيون ديموقراطيون منهم “انصار ميشال عون” لأنهم كانوا يرفضون الهيمنة السورية على الوطن، وقد دفع الجنرال بمناصريه الى مواجهة النظام الامني اللبناني – السوري حينذاك. والتاريخ يحتفظ بما قاله ميشال عون في 7 أيلول 2002: “نحن نكن كل صداقة للشعب السوري، ونتمنى له الخلاص من نظام إرهابي، (..) هكذا نظام لا أعتقد أنه يعطي العالم نموذج خير، ونموذج وفاق، ومجتمع سلام”.
أتحف عون الشعب اللبناني بحديثه عن الديموقراطية لخلاص الشعب السوري، وفي كل مرحلة يتبيّن أنه سقط في شرك الديكتاتورية. لكن حان للتاريخ أن يكتب خلاصة من يدّعي الدفاع عن المسيحيين والإنحياز الى كل القضايا الشائكة، ويستميت لإظهار وقوفه الى جانب بشار الأسد الذي وصفه منذ فترة بـ”الانساني”، حتى قيل فيه إنه الفرع اللبناني لوكالة “سانا” السورية. هو جنرال ونائب انتخب في نظام ديموقراطي من دون أن يكون لديه قناعة بالديموقراطية ولو القليل منها، ولو عاد الأمر له لفاز في الانتخابات بنسبة 99.99%!
بالنسبة الى جنرال التغيير الديموقراطي الى إصلاح ديكتاتوري، الديموقراطية ليست سوى لعبة لفرض الذات، لكن ما يأتي بعدها حُكماً ديكتاتوري. ميشال عون ظاهرة ستتبخر مع انهيار النظام السوري.
يلفت عضو كتلة “القوات اللبنانية” النائب فادي كرم الى أن “مشروع ميشال عون هو الخاسر في ظل الخيارات الإنتحارية التي يعتمدها، والبعيدة عن مفاهيم الديموقراطية والسيادة”، ويذكّر بأن “المواطنين أيّدوه في البداية نظراً الى حبّه للسيادة أما اليوم فقد ابتعد عن مفهوم السيادة والديموقراطية والإنسانية وحرية الرأي”.
ويرى كرم أن “عون تحوّل الى حليف لأنظمة قمعية مشروعها تدمير المدن وإسكات شعوبها”. ويشير الى أن “المواطنين في كل العالم العربي، والمسيحيين تحديداً، لن يعيشوا بسلام وحرية إلا ضمن أنظمة ديموقراطية ستنشأ فوراً بعد سقوط الأنظمة الديكتاتورية”، شارحاً أن “النزاعات الأصولية والمتطرفة ليست سوى نتيجة للأنظمة الديكتاتورية الموجودة”. ويخلص كرم الى أن “التخلص من الأنظمة القمعية يساعد على زوال الأصولية، مع الإشارة الى أن شعوب المنطقة ستمرّ بمخاض قد يكون مؤلماً ومكلفاً ولكن الديموقراطية هي التي ستربح في النهاية”.
“ما يحدث لبشار الأسد اليوم هو نتيجة ما قام به العماد عون في العام 1989 عندما هزّ المسمار لنظام حافظ الأسد” يقول عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار المحلل الصحافي نوفل ضوّ. ويستنتج أنه “من الطبيعي أن يعقب هزّ المسمار في العام 1989 سقوط النظام اليوم..” ويخلص الى أنه، بمنطق عون، “هز المسمار وإسقاط النظام يعني القضاء على المسيحيين، لذا فإن ميشال عون هو أول من بدأ بالقضاء على المسيحيين”. ويختم “المعادلة سهلة جداً وهذه نتيجة تناقضات عون، فقد هزّ المسمار دفاعاً عن المسيحيين وعن لبنان واليوم اقتُلع المسمار” متسائلاً “فإما عون كان مخطئاً في العام 1989 وإما هو اليوم يمثّل”.
من ناحيته، يعتبر عضو كتلة “المستقبل” النائب محمد قباني أن النائب ميشال عون “يحاول دائماً تخويف المسيحيين من سقوط نظام الأسد لأنه بذلك يريد أن يضمن ولاءهم له وللأسد معاً”، مبدياً أسفه “لهذا المنطق الذي يخالف التوجهات الوطنية التي تشكل وحدها الحامي للأقليات في كل مكان وبما فيها الحامي للأقليات في الوطن العربي”.
ويرفض قباني استخدام كلمة “حماية” ويستبدلها بـ”ضمانة”، قائلاً “إن ضمانة المسيحيين في الوطن العربي هي الديموقراطية والمواطنية وليس أي شيء آخر”. ويخلص الى أنه من “الضروري أن يسيطر الوعي الوطني على عقولنا جميعا كلبنانيين وكعرب وأيضاً كشعب سوري شقيق”.