جهاد المقدسي.. “أنظروا كم أنا ذكي”!
حازم نهار
ليس هناك من شك في أن تعامل النظام السوري خلال الثورة السورية كان تعاملاً غبياً بامتياز، إن كان على مستوى التعامل مع حراك الثورة، أو في إدارة علاقاته الخارجية مع العالم.
جهاد المقدسي، المتحدث باسم الخارجية السورية، صاحب الوجه السمح، والذي اختير كي يكون واجهة لنظام قميء كي يخفف من وجهه البشع، لا يفتأ يظهر مصرِّحاً باسم النظام وخلفه شعار وزارة الخارجية، تشبهاً بوزارة خارجية الولايات المتحدة، في محاولة لاستعادة هيبة مفتقدة، خاصة بعد المطبات الغبية العديدة التي وقع فيها وليد المعلم.
تعلم هذا الوجه السمح بسرعة وأتقن محركات وعناصر الخطاب السياسي للنظام. هذا الخطاب الذي ليس له من هاجس أو اهتمام سوى الحصول على “شهادة في الذكاء السياسي” من المستمعين في الشرق والغرب، و”السخرية من الآخرين”، فكل ممثلي هذا النظام- من الرأس وحتى القاع – عندما يتحدث أحدهم فإن لسان حاله يقول دائماً “أنظروا كم أنا ذكي” و”أرجوكم صفقوا لحكمتي ودهائي السياسي”.
بالأمس يخرج علينا السيد جهاد المقدسي رداً على تحذيرات العديد من الدول فيما يتعلق بموضوع الأسلحة الكيميائية واحتمالات استخدامها في الداخل، ليقول، أو بالأحرى ليقرأ من بيان لوزارة الخارجية السورية في مؤتمر صحفي: “لن يتم استخدام أي سلاح كيميائي أو جرثومي أبداً خلال الأزمة في سورية مهما كانت التطورات الداخلية. هذه الأسلحة لن تستخدم إلا في حال تعرضت سورية لعدوان خارجي”.
أعتقد يستحق النظام السوري، وجميع ممثليه “شهادة في الغباء السياسي” على هذا التصريح الإعلامي الذي يفترض أنه مكتوب على مهل، وليس مجرد زلة لسان من صاحب الوجه السمح.
– يعني هذا التصريح أن النظام السوري سيستخدم السلاح الكيميائي إن تعرضت سورية لاعتداء خارجي. لم أسمع في حياتي أن الإسرائيليين أو الأمريكان مثلاً قالوا يوماً ما بأنهم سيستخدمون السلاح الكيميائي أو النووي الذي بحوزتهم في أي معركة خارجية، إذ لا أحد يخرج للإعلام ليقول صراحة: أنظروا كم أنا مجرم، فأنا مستعد لاستخدام السلاح الكيميائي ضدكم.
– هذه الأنواع من الأسلحة هي للردع فقط، أي لكف الأعداء عن التفكير باستخدام هذه الأسلحة، والإعلان عن نية استخدامها في حال الاعتداء الخارجي يسهِّل للعدو من الآن اعتبار هذا النظام خطراً على السلم العالمي، وهي أولى بوابات التدخل الخارجي، وهنا تصح القاعدة أن السياسات الغبية هي مصدر كل تدخل خارجي، فإذا أردنا أن نفهم هذا التصريح بمثابة تخويف من التدخل الخارجي فإنه على العكس تحريض لهم.
– عندما يقول نظام سياسي ما أنه سيستخدم أسلحة محرمة دولياً ضد أي جهة معتدية، فإنه يعني تماماً أن أرواح مواطنيه لا تهمه ولا يكترث لها، لأنه إن استخدمها ضد مواطني أي بلد فإن الخصم بالضرورة سيستخدم هذه الأسلحة ويعرض الشعب الذي يحكمه هذا النظام الأهوج لمخاطر هذه الأسلحة.
– سورية هي دولة معتدى عليها خارجياً من قبل إسرائيل التي احتلت الجولان منذ عام 1967، وتعرضت سورية للاعتداء ثلاث مرات خلال فترة حكم بشار الأسد، ولم نسمع أي رد ولو بالحجارة، فضلاً عن لواء اسكندرون المنسي، فلماذا لم يستخدم نظامك يا صاحب الوجه السمح السلاح الكيميائي للرد على هذه الاعتداءات الخارجية؟ يبدو أن الموازين مقلوبة لدى نظامك حتى أصيب بالعمى السياسي فأصبح عنده “الداخل” هو “الخارج”، و”الخارج” هو “الداخل”!!
جهاد المقدسي، الله.. كم أنت ذكي!
الله.. لو يتاح لنا التعلم من حكمتك أنت ونظامك!!