جون بولتون: المشهد في سوريا قضية ثانوية/ آدم رانسلي
يبدو أن الرئيس ترامب يستعد لقصف سوريا، لكن مستشاره الجديد للأمن القومي قال إنه يعتقد أن الشأن السوري شيء “جانبي”
الصورة التي تظهر من خلال تصريحاته هي لمحافظ يقبل الكثير من المقولات المحافظة عن سوريا لكن لا تحدوه حماسة جياشة تجاهها.
وقال بولتون في حوار له على قناة “فوكس” مستخدماً التوصيف الذي يفضله للصراع في سوريا “أعتقد منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية منذ ما سبع سنوات تقريباً أن موضوع سوريا، للأسف، وعلى رغم أن الشأن السوري قد يبدو مأسوياً، إلا أنه مجرد مشهد ثانوي بالنسبة إلى الصورة الاستراتيجية الأكبر للشرق الأوسط”.
لم تتخذ إدارة ترامب تغيير النظام في إيران سياسة لها، ولكن من المرجح أن تجد آراء بولتون المتشددة تجاه طهران آذاناً صاغية لدى الرئيس، بخاصة في ما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني. إذ وصف ترامب الاتفاقية بأنها “أسوأ صفقة على الإطلاق”، وقد تكون دعوة بولتون إلى إبطالها قد استحوذت على البيت الأبيض قبل أن يضع مستشار الأمن القومي قدمه في منصبه الجديد. في الوقت الذي يدعم جيمس ماتيس الصفقة الإيرانية، فإن وزير الدفاع، الذي لطالما اعتُبر متشدداً تجاه إيران، قد يشارك بولتون هدفه لتقليص النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
دعم بولتون الجولة الأخيرة من الضربات العسكرية ضد سوريا، ويبدو أنه يميل إلى القيام بذلك مرة أخرى، لكن تعليقه على المسألة السورية يرسم صورة لرجل يأتي إلى البيت الأبيض، مفضلاً التركيز على تغيير النظام في طهران بدلاً من التعامل مع المشكلات الشائكة في دمشق.
جاءت إحدى مناقشات بولتون المطولة حول سياسة سوريا عام 2012 في مجلةNational Review ، أعلن خلالها أن “تغيير النظام في سوريا هو أمر بديهي لتحقيق مصلحة أميركا وكذلك مصالح إسرائيل وأصدقائنا العرب في المنطقة”.
ومع ذلك، حتى في تلك المرحلة المبكرة من الحرب الأهلية، كان بولتون يظهر بالفعل علامات تردد، محذراً من أن إمكان إزالة الأسد أصبح الآن “أبعد بكثير”. لقد كان الوقت الأمثل لتغيير النظام، في نظره، بعد فترة وجيزة من غزو العراق، عندما كان لدى القوات الأميركية المزيد من القوات في مكان قريب، وكان عدد حلفاء الأسد أقل.
بحلول عام 2012، فقد بولتون الثقة في وجود قوة كبيرة الحجم للمعارضة، خالية من نفوذ تنظيم القاعدة أو الجماعات الجهادية الأخرى.
ومنذ ذلك الحين، زاد نفوذ الجماعات الإسلامية التي جعلت بولتون حذراً للغاية عام 2012 وتراجع ارتياح بولتون للمعارضة السورية كأداة من أدوات السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وقال في تقرير في برنامج the Journal Editorial ، عام 2017: “أعتقد أننا في حاجة إلى المزيد من القوات العربية من دول الخليج ومصر والأردن، ويجب أن نعتمد بشكل أقل على بعض المجموعات السورية المثيرة للريبة”.
إذاً ماذا سيفعل بولتون في شأن الهجوم الكيماوي الواضح في دوما؟ لقد دعم الضربات التي قامت بها إدارة ترامب تحت ظروف مشابهة عقب هجوم نظام الأسد على خان شيخون.
قبل يوم من شن إدارة ترامب هجومها الصاروخي على قاعدة شعيرات الجوية في سوريا، دعا بولتون ترامب إلى “القضاء على سلاح الجو السوري” و”طلب من الروس مغادرة تلك القاعدة الجوية حتى لا يصبحوا هم قوة الأسد الجوية المقصودة”. بعد الضربات، صافح ترامب محيياً إياه ووصف الضرابات التي قام بها بأنها “محسوبة ودقيقة جداً، وكان لها منطق محدود بسبب استخدام الأسلحة الكيماوية، ولكنها فعالة للغاية”.
ولكن كما أشار، فإن دعم ضرب سوريا بعد أن انتهكت خطوط الرئيس الحمراء المتعلقة بالأسلحة الكيماوية يمثل “تحولاً” نحو سياسة “لم أكن أفضِّلها من قبل”. عام 2013، عندما طلب أوباما من الكونغرس السلطة لاستخدام القوة عقب استخدام سوريا الأسلحة الكيماوية، كتب بولتون أنه “من منظور سياسي فإن أوباما مخطئ لاستخدامه القوة في سوريا”.
لكن لا يبدو أن بولتون متحمس للتفكير في السياسة السورية في ما ما هو أبعد من ضربة تكون رداً على خرق خط ترامب الأحمر بعدم استخدام الأسلحة الكيماوية. بالنسبة إليه، فإن سوريا ليست مشكلة إنسانية للتعامل معها بشروط خاصة، بمقدار ما هي مشكلة أوسع نطاقاً متعلقة بنمو النفوذ الإيراني والروسي في الشرق الأوسط بشكل أفضل من خلال المواجهة في أماكن أخرى.
غير أن حماسة المواجهة مع إيران قد لا تلقى ترحاباً في وزارة الدفاع، حيث يحاول القادة تنظيف بقايا “داعش” في الوقت نفسه على نقاط مواجهة متوترة ضد القوات الروسية والإيرانية وقوات نظام الأسد. قال آرون ستاين، باحث في مركز رفيق الحريري التابع للمجلس الأطلسي في الشرق الأوسط. “سرعان ما سيكتشف أن الولايات المتحدة لديها 12 ألف جندي يمكن استهدافهم إذا بقي لطيفاً جداً، وأن القتال مع الميليشيات الإيرانية ليست مهمة يريد البنتاغون توليها في هذه اللحظة”.
الغريب في الأمر أن شعور بولتون بأن الوضع في سوريا مجرد أمر جانبي، تجمعه بعض الصلات بنهج الرئيس أوباما تجاه الصراع. أوباما أيضاً ينظر إلى سوريا على أنها إلهاء مزعج تشتته عن محاولاته للالتفات نحو أولويات استراتيجية أخرى اعتبرها أكثر أهمية. لكن سوريا لديها عادة مزعجة في التطفل على الكيفية التي يفضل بها رجال الدولة، الجمهوريون أو الديموقراطيون، قضاء أوقاتهم. وانتهى الحال بأوباما إلى إرسال قوات إلى البلد وأسلحة لقوات المعارضة.
حتى الآن كان من السهل على بولتون التقليل من أهمية المسألة السورية وهو جالس على مقعد الناقد الخبير وتجاهل الأسئلة حول السياسة الأميركية هناك، مستعيضاً عنها بتفضيلاته السياسية المتشددة تجاه إيران. لكن تجاوزها من موقعه في البيت الأبيض في الوقت الذي تتراكم فيه معضلات السياسة الأميركية في سوريا، سيكون أصعب بكثير.
هذا الموضوع تم اعداده وترجمته عن موقع The Daily Beast لمراجعة المقال الاصلي زوروا الرابط التالي.
درج