حسن عبد العظيم: الانتفاضة الشعبية مستمرة وستصل في النهاية إلى مبتغاها
دمشق – أكد المحامي المعروف حسن عبد العظيم احد ابرز وجوه المعارضة التقليدية في سورية أنه رغم كل ما تمارسه السلطات في دمشق من تجبر على الانتفاضة السورية إلا إنها مستمرة وستصل في النهاية إلى مبتغاها طال أم قصر الزمن .
وقال عبد العظيم لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إن هناك إصرارا واضحا على تحقيق مطالب الانتفاضة في الحرية والكرامة والتغيير الديمقراطي السلمي ، مشيرا إلى أن الانتفاضة السورية لم تتمكن حتى الآن من تحقيق معظم أهدافها النبيلة رغم تقديم آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين وعشرات الآلاف من المعتقلين ومئات المفقودين ، لكنها ستصل في النهاية إلى مبتغاها طال أم قصر الزمن .
ويمثل المحامي المعروف حسن عبد العظيم احد ابرز وجوه المعارضة التقليدية في سورية ، وكان قد تعرض عدة مرات خلال العقود الماضية للاعتقالات التعسفية على ” يد أجهزة البعث القمعية ” ، وهو اليوم بصفته الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي والمنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية السورية،يدعو مع أحزاب ومعارضين انضموا تحت هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي إلى ” المؤتمر الوطني الموسع ” المزمع عقده في منتصف أيلول/سبتمبر الجاري حيث سيتم دعوة أكثر من 300 شخصية عامة وأحزاب من المعارضة في الداخل والخارج ومن مختلف أطياف المجتمع السوري للمشاركة .
وقال عبد العظيم لـ ( د. ب.أ) إن مؤتمرا مشابها لمؤتمر الداخل سيعقد في الخارج وقد يكون متزامنا مع مؤتمر الداخل من أجل تنشيط وحدة المعارضة السورية وأطروحاتها الرئيسة وان بقيت بعض الخلافات في التفاصيل موجودة فليس المطلوب تطابق كامل بقدر ما أن المطلوب هو ” الاتفاق على القضايا الأساسية”.
وأضاف عبد العظيم ، الذي تجاوز منتصف عقده السبعين من العمر ، أن “السلطات السورية أخذت إخطارا وعلما بالمؤتمر الذي ننوي عقده في دمشق من خلال الإعلان عنه ، وللأسف برغم حديث السلطة عن الإصلاح والحوار ، لكننا نرجح عدم موافقتها على الاجتماع ما سيضطرنا إلى عقده في مكان خاص بشكل علني ، وليس في مكان عام يحتاج إلى موافقات الأجهزة الأمنية المنشغلة أصلا ، في الوقت الراهن ، في خيارها القمعي ضد المتظاهرين السوريين السلميين” .
وتابع بالقول :”ليس لدينا عقلية المؤامرة التي لدى نظام البعث الحاكم فنحن نعمل فوق الطاولة وفي العلن ونريد إن نناقش في المؤتمر كل الأوراق المطروحة أمامنا وخطة العمل على غرار ما حصل في المرة الماضية في 30 حزيران/ يونيو الماضي عندما طرحنا الخطة السياسية وعددا من الوثائق التي أقرتها الهيئة التأسيسية واللائحة التنظيمية، ومشروع برنامج وخطة عمل وطني”.
وعن مواصفات وطبيعة خطة العمل التي سيتم طرحها قال المعارض السوري الذي يضع في صدر مكتبه صورة الزعيم العربي جمال عبد الناصر ” نريد إبراز تصورنا لسورية المستقبل ، سورية كدولة مدنية ديمقراطية يتساوى فيها الناس أمام سيادة القانون وتحترم حقوق جميع أطياف الشعب السوري ، ومن خلال تواصلنا مع شرائح واسعة من أبناء بلدنا لمسنا تشجيعا كبيرا لهذا التصور الذي سيتم طرحه أمام المشاركين في المؤتمر الذي سيحضره عدد يمثل مختلف أطياف المجتمع السوري” .
وعن وجود اتصال بينهم وبين السلطة أجاب عبد العظيم بالقول :” أرسلوا لنا عضوين من أعضاء لجنة الحوار ( الشيوعي حنين نمر واقتصادي السلطة منير الحمش ) طلبا منا المشاركة في ” الحوار الوطني ” الذي أقامته السلطة قبل فترة في منتجع صحارى ودعونا للمشاركة لكننا تقدمنا ببعض الطلبات كان أولها إيقاف الخيار القمعي الأمني للسلطات لكن لم يأت أي رد إيجابي على مطالبنا ، ثم تبين صحة موقفنا”.
وتابع :”فالبيان الختامي لحوارهم الوطني لم ينفذ منه شيئا ، وكل ما يقومون به هو التفاف على الإصلاح الجذري والحقيقي ،وكسب الوقت وإيصال رسائل إلى الخارج والداخل ، مفادها ، إنهم يطلقون برنامجا إصلاحيا وإنهم يحاورون المعارضة ، لكن للأسف هذا برنامج مفرغ من أي محتوى جدي ،وله لون واحد وهو سطحي فضلا عن إنهم حتى الآن لم يقوموا بإلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تخول البعث الحاكم احتكار السلطة وإدارة المجتمع ، لذلك ليسوا جادين في السماح بإمكانية تداول السلطة والتأسيس لحياة سياسية وبرلمانية ومجتمع مدني ديمقراطي وعقد اجتماعي جديد ودستور جديد والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية”.
وأضاف :”لذلك وصلت السلطة إلى حائط مسدود في خيارها القمعي الأمني التشبيحي ( نسبة إلى الشبيحة الذي يعتدون على السوريين السلميين كما يقال ) وانكشفت أمام الجميع وتم لها السقوط السياسي والأخلاقي”.
وعن خلافات المعارضة قال عبد العظيم :” بدأت المعارضة الوطنية في عام 1979 بتأسيس التجمع الوطني الديمقراطي الذي ضم خمسة أحزاب آنذاك ، وكان لدينا خلاف ، حينها مع جماعة الإخوان المسلمين من حيث آليات التغيير إذ رفضنا العنف كأسلوب للتغيير وطالبنا بالتغيير السلمي”.
وأضاف :”لكن بعد عام 2000 أخذت قوى المعارضة بنهج التجمع الوطني الديمقراطي وتوحد النضال الشعبي برغم قسوة المنع السلطوي الذي يمنع أي نشاط في هذا الاتجاه ، والكل يعرف أن السلطة وأدت واستمرت في محاولاتها لإلغاء الحياة السياسية المدنية”.
وأشار إلى أنه بعد ذلك توحدت المعارضة أكثر رغم أن الإخوان المسلمين كانوا في الخارج وفي 16 تشرين أول / أكتوبر 2005 تم إطلاق “إعلان دمشق” للتغيير الديمقراطي الذي انضم إليه الإخوان المسلمون ولكن السلطة اعتقلت معظم شخصيات إعلان دمشق في الداخل .
وعن ابرز ما يريد المؤتمر المرتقب طرحه للسوريين في هذه الظروف أجاب عبد العظيم بالقول :”مؤتمرنا يمكن وصفه بالحالة الباحثة عن خطوات استباقية وضرورية لوضع السوريين في إطار مشروع سياسي يبحث في حلول متكاملة في إطار الظروف الراهنة وحاجة سورية مستقبلا لأنه لا بد من مواكبة سياسية كإطار تسهم مع انتفاضة الشارع في خلق المزيد من الأفكار الجادة لصالح الجميع مستقبلا” .
وعن التواصل مع حركة الشارع قال :”بكل تأكيد ، فكرة تشكيل الهيئة أخذت بعين الاعتبار قوى الانتفاضة في الشارع والقوى الشبابية ، لا يمكن لأحد تجاهلهم أو تجاوزهم نحن نتكامل ونتعاون ونوسع حراكنا سويا ، ولهم حصة أساسية معنا ، أي الثلث يجب أن يكون منهم ، وممثليهم حضروا معنا في الهيئة التنسيقية والمكتب التنفيذي ، ولدينا جزء ميداني” .
وعن موقف المعارضة من قبول تدخل عسكري خارجي أو رفضه أضاف بالقول :”حاليا ،نحن نرفض التدخل العسكري المباشر ، ونرفض العقوبات الاقتصادية التي تضر بالشعب السوري ، ومشروعنا الوطني سلمي وهو قبول أي مساندة خارجية ، عربية وإقليمية ودولية ومن الجميع على أن لا يفرض احد أجندته علينا”. وأضاف “ونحن كمعارضة ديمقراطية سنرحب بالتعاون مع الجميع ، موقفنا عدائي فقط من الكيان الإسرائيلي ، أو من يسانده بعقلية استعمارية ،وفي القضايا المفصلية العامة المطروحة لا بد من خيار الناس أيضا” .
وعن رؤيته في اعتماد النظام الخيار الأمني في قمع الحراك والانتفاضة السورية أوضح عبد العظيم أن تعامل النظام بهذه القوة والقسوة مع أبناء بلده جاء لتعميق أخطائه القاتلة ، ووصفه للمتظاهرين ” بالعصابات المسلحة والإرهابيين ” ما هو إلا خيار خاطئ لا يوصله إلى مكان صحيح ، فهؤلاء طيف واسع ومهم من الشعب السوري .
وتساءل :”هل رسام الكاريكاتور علي فرزات إرهابي مثلا أو الشيخ أسامة الرفاعي أو الشباب المتظاهرين الذين يخرجون عراة الصدر ، ثم أن الحراك فيه من الألوان السورية الاجتماعية والفكرية”.
وأضاف :”لا احد ينكر وجود مسلحين كحالات فردية ، هذا يحصل ، كنوع من ردات الفعل ، هناك من لا يحتمل قتل أخيه أو قريبه أو صديقة ،لذلك هذا خطاب السلطة مرفوض”.
ورأي أن “النظام يريد إسقاط النظام ويعمل لإسقاط نفسه ” الناس في الداخل وفي الخارج تدرك ذلك ،أي أنهم كسلطة ،يحفرون حفرتهم بأيديهم ، ولذلك “نحن نصر على سلمية الثورة ونرفض مبدأ التسلح لأننا نريد لانتفاضتنا أن تكون سلمية” .
وأكد أن إصرار النظام على العنف يدفع سورية إلى المجهول ، هذا حديث الشارع ومعظم البيوت في سورية وخارجها، وهو تأكد ( النظام ) بنفسه أن إرادة الجماهير لا تكسر ولا يمكن العودة إلى ما قبل 15 آذار/مارس الماضي ( بداية الحراك والانتفاضة ) ، ونحن على علم أن تجمعات الشباب تبلور نفسها بشكل مستمر ، رغم قسوة الأمن والشبيحة كما بات معلوما .
وعن مطالبهم من المجتمع السوري والعربي والدولي قال :”مطلبنا أولا من رجالات السلطة الذين لم تتلوث أيدهم بالدم السوري ، أن ينحازوا إلى الناس ، إلى الشعب السوري ، إلى الانتفاضة الشعبية ، مطلبنا هو المساندة من الجميع في الداخل والخارج لهذه الانتفاضة التي ستنقل سورية إلى مستقبل جديد فيه الحرية والعدالة والكرامة ، وان كان هناك مرحلة مخاض ، فنحن لسنا واهمين” .
وعن فرص النظام لتصويب الأخطاء أجاب عبد العظيم بالقول:”النظام ضيع فرص كثيرة ، النظام حتى اليوم لم يلغ المادة الثامنة من الدستور التي تخول البعث احتكار الحياة السياسية والاجتماعية ، الحوار الوطني الذي دعا له هو مفرغ من محتوى حقيقي وتبين انه حوار حول الخدمات البسيطة”.
وأضاف أن “النظام يريد التجميل والترقيع وقد ولى هذا الزمن الذي يمكن لأي نظام أن يستخف بعقول أبناء شعبه ، كفى ، ومرة أخرى تصح مقولة النظام يريد إسقاط النظام” .
وعن الأدوار الإقليمية لكل من تركيا وإيران وأحزاب مثل حماس وحزب الله قال :”ليس هؤلاء فقط بل حتى روسيا والصين و جنوب إفريقيا والعالم العربي ، معظم حلفاء النظام سيكونون محرجين إمام شعوبهم من مساندتهم للنظام ، ولا بد إنهم لن يستمروا في مواجهة معظم الشعب السوري” .
الاربعاء 7 سبتمبر 2011