صفحات العالم

التشدد الإيراني دعماً للنظام يرفع السقوف


سوريا تحت وطأة حرب دولية مكشوفة

    روزانا بومنصف

رصدت مصادر ديبلوماسية اخيرا ما اعتبرته تطورا ايرانيا في التعبير الرسمي العلني الى جانب النظام السوري ذهب نقيض بعض التحفظ او محاولة مراعاة كل جوانب الازمة السورية الذي اظهرته ايران قبل اشهر قليلة علما ان الدعم الايراني المعلن والمعروف ليس مستغربا خصوصا متى اعتبر سقوط النظام السوري ضربة قاسية لايران في الدرجة الاولى ولمشروعها الاستراتيجي في المنطقة عبورا من العراق الى سوريا فلبنان. لكن المتصلين بطهران ولا سيما منهم الاتراك وسواهم كانوا لاحظوا مرونة معينة في مواقف العاصمة الايرانية في نهاية السنة الماضية لجهة احتمال عدم بقاء الرئيس السوري بشار الاسد نتيجة الثورة الشعبية ضده وتناول النقاش مع المسؤولين الايرانيين الاحتمالات البديلة وحسابات الربح والخسارة في حين ان المواقف الايرانية الاخيرة عبرت عن تصلب رفع سقف الحرب الى مستوى عال. وتم ذلك من خلال ما اعلنه القادة العسكريون او من خلال كلام مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي الذي كان اعتبر ان الحرب في سوريا ترقى الى حرب مقاومة ضد الكفر كأنه يضعها في مرتبة دينية او ايضا من خلال كلام وزير الخارجية علي اكبر صالحي الذي قال اخيرا ان لا مبرر للتفكير في امكان اطاحة الحكومة السورية وقوله ايضا بعد استقباله نظيره السوري وليد المعلم ان الحديث عن حكومة انتقالية في سوريا هو وهم. وهذا الموقف الاخير بدا لافتا للمصادر المعنية كونه يتناقض مع ما اعتبره الروس وتحديدا السفير الروسي في باريس لمرتين متتاليتين ان قبول الاسد بنتائج لقاء جنيف يعني قبوله مرحلة انتقالية وكون ايران بدت معبرة عما يمكن قبوله من الاسد او عدم قبوله به في الوقت الذي ابتعد النظام او اعلامه عن المجاهرة بمثل هذه المواقف في الآونة الاخيرة او كما لو ان هناك وهنا لدى النظام تحاول ايران التغطية عليه بمواقفها التصعيدية. وينسحب ذلك على المواقف الاخيرة التي عبر عنها الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في اليوم نفسه لوقوع التفجير في مبنى الامن القومي وسقوط عدد من اركان النظام السوري وما انطوت عليه من تصلب وتشدد في دعم النظام من دون مراعاة للبعد الطائفي والسياسي لكلامه في سوريا والمنطقة. لكن استمرار المواقف الايرانية المرتفعة ابقت الاهتمام والمتابعة مسلطتين على الموقف الايراني باعتباره الاساس في ما يتعلق بالنظام السوري.

هذا التصلب الايراني يبدو مستغربا قياسا على المواقف السابقة المرنة ظاهرا بعض الشيء مع تحديد طهران خصوم النظام السوري وتسميتهم بالمعارضة على غير ما يعتمد النظام حتى الآن لجهة اعتبارهم ارهابيين وعملاء للخارج، لكن في ظل البحث عن مبررات هذا التصلب الاخير تثار تساؤلات تتصل برفع السقف لجهة سعي ايران الى المحافظة على اوراقها وموقعها في التفاوض حول الوضع في سوريا وقبل ذلك محاولة دعم النظام واشعار من يدعمه انه ليس متروكا بما يمكن ان يحد من الانشقاقات او يخفف من وتيرتها. وتطاول هذه التساؤلات تعثر المفاوضات حول الملف النووي الايراني وعدم رغبة ايران في تقديم تنازلات في هذا الاطار في ظل خشيتها من حرب اسرائيلية تطاول منشآتها النووية مما يؤدي بطهران الى اظهار المزيد من التشدد. اذ على رغم معلومات ديبلوماسية تفيد بان اسرائيل لا تريد حربا في المنطقة فان التحليل الايراني قد ينطوي على خشية من احتمال حصول حرب عليها. كما تثار تساؤلات لجهة غياب اي حل او تسوية في الافق المنظور باعتبار انه غالبا ما تجرى اتصالات دولية من اجل محاولة الوصول الى جوامع مشتركة في شأن تسوية ما وهذا لا يبدو موجودا في المرحلة الراهنة في ظل اصرار الرئيس السوري على مواصلة مواجهته للمعارضة ورفضه كل ما عرض عليه من مرحلة انتقالية والرحيل يعني ان المواجهة مستمرة على ما هي عليه ولذلك يعزز الافرقاء المعنيون المحليون والاقليميون مواقفهم بالمزيد من التصلب وكذلك الحال بالنسبة الى ايران التي تحاول ان تضاعف حظوظها لتكون شريكة في التسوية متى حان الوقت. فهناك مقارنة يجريها البعض مع استمرار التصلب الروسي وتأكيد الرئاسة الروسية قبل ايام قليلة ان موقف روسيا ثابت بصورة مطلقة تجاه سوريا وكذلك الامر بالنسبة الى ما اعلنته وسائل اعلام اميركية عن توقيع الرئيس الاميركي باراك اوباما وثيقة سرية تسمح بتقديم المساعدة للمعارضة السورية في اشارة واضحة الى يأس الولايات المتحدة من الجهود الديبلوماسية لتسوية الازمة السورية ورفعها وتيرة الضغط في اتجاهات اخرى من اجل المساعدة في دفع الاسد الى الرحيل حتى لو كانت المساعدة غير عسكرية وفقا لما تصر واشنطن حتى الان.

واذا كان من معنى مباشر لهذا فهو ان الحرب المباشرة بالواسطة باتت على المكشوف في سوريا في ظل تناقض واضح لمصالح الافرقاء الاقليميين والدوليين. وفي ظل غياب اي افق للحل السياسي خصوصا بعد فشل مهمة كوفي انان في وقف النار واعلان هذا الفشل علنا في استقالته من مهمته، فان التشدد في مواقف الاطراف يأخذ مداه ومعها يشتد وقع الحرب على الارض كترجمة للصراع المباشر السوري المباشر والخارجي غير المباشر.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى