صفحات العالم

ساحة لحرب القرن!

    راجح الخوري

اذا كان بشار الاسد واثقاً من النصر الى هذه الدرجة، فلماذا يذهب الى مؤتمر جنيف الذي يريده هو والروس مقبرة للثورة السورية؟ واذا ذهب على سبيل المناورة، فما الذي سيتغير اذا كان متفاهماً مع سيرغي لافروف على “شمّاعة” من اربع كلمات اي “ما يقرره الشعب السوري”، بمعنى ان اي اتفاق سيحتاج في النهاية الى استفتاء الشعب عليه؟

الشعب؟

كيف يستطيع الاسد الحديث عن الشعب الذي يقصفه منذ سنتين ونصف سنة بالطائرات ومدافع الميدان؟ ثم اين سيجد هذا الشعب المنكوب، أفي التظاهرات مطالباً بالاصلاح صارخاً “سلمية سلمية” لتكسّر اصابع اطفاله في درعا، أم في الجبهات ثائراً يريد اسقاط النظام، أم في المقابر الجماعية وقد تجاوز عدد القتلى 80 الفاً، ام في المستشفيات حيث مئات آلاف الجرحى، ام في اللجوء الداخلي والخارجي حيث فرّ الملايين من الحديد والنار؟

الشعب؟

ومن اين سيأتي الشعب والمدن السورية دمار، وهل يجرؤ الشعب ليأتي اذا كان الاسد يعتبره من الارهابيين والمخربين الذين يجب سحقهم بالحل العسكري الذي لن ينتهي غداً، وخصوصاً بعدما صارت سوريا ساحة لخمس حروب على الاقل هي حرب النظام ضد الشعب، ثم الحرب الاهلية بين السنّة والعلويين، ثم “الحرب” الاقليمية لمواجهة التدخل الايراني السافر، ثم “الحرب الباردة” الروسية الجديدة، واخيراً الحرب المذهبية بين السنّة والشيعة بعد دخول الايرانيين وأذرعهم العسكرية اي “حزب الله” و”عصائب اهل الحق” في العراق المعركة، وهو ما ينذر باندلاع الحرائق المذهبية في كل العالم الاسلامي!؟

لست ادري اين سيجد سيرغي لافروف بدوره الشعب السوري الذي اشترط دائماً استفتاءه طبعاً لإفشال التغيير وكل مبادرة للحل عبر الانتقال السياسي، لكن من المؤكد ان لافروف لا يرى في هذا الشعب غير الاصوليين الشيشانيين الـ 300 الذين تسللوا الى سوريا وذلك بعد مرور اشهر على القتل وحمامات الدم التي انزلها النظام بالشعب، حين كانت موسكو تشتري له الوقت تلو الوقت للحسم الذي بات الآن مستحيلاً، وقد تحولت سوريا اكثر من صومال واكثر من ساحة مفتوحة على موجة من الدم والدمار ستطول كثيراً !

رأى البعض ان الاسد، في حديثه الى “المنار”، بدا غارقاً في نشوة من احساس استباقي بنصر ممكن في القصير، لكنها نشوة واهمة اذا كان يجهل ان القصير ليست اكثر من شجرة في غابة كبيرة سيتساقط في مجاهلها الكثير من الضحايا السوريين واللبنانيين والعراقيين والايرانيين والمتشددين والتكفيريين، بعدما حوّل سوريا ساحة لحرب القرن برعاية حماقة روسية تقابلها غباوة اميركية أدهى!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى