حوار مع عضو المجلس الوطني السوري فرهاد أحمي: إذا فشلت مهمة أنان، فسنسلح الجيش الحر
يشرح فرهاد أحمي، عضو المجلس الوطني السوري، في هذا الحوار مع كيرستن كنيب الأهداف والخطط المستقبلية للحركة الاحتجاجية في سوريا التي مضى عليها أكثر من عام، طحنت فيها آلة النظام السوري الشجر والحجر والبشر.
سيد أحمي، المواطنون السوريون يتظاهرون منذ عام ونيف ضد حكومة بشار الأسد، والثمن الذي دفعوه من الدماء حتى الآن كان مخيفا. فهل ترى، رغم كل ذلك، إيجابيات في الأمر، ولو جزئيا؟
فرهاد أحمي: نعم، بالتأكيد. أولا: الثورة ماضية قدما رغم الرد الدموي والوحشي للنظام عليها. يوميا تخرج المظاهرات في كامل أنحاء سوريا، وكل يوم جمعة تخرج حوالي ستمائة نقطة تظاهر. الناس لا يتظاهرون في حمص أو إدلب وحدهما، أو في بقية النقاط الملتهبة، وإنما في معظم أرجاء البلاد. الآلاف يخرجون يوميا إلى الشوارع، وعددهم يزداد دائما. كما أن المواطنين يمارسون أشكالا أخرى للاحتجاج، مثل الإضراب وترك العمل. كل ذلك يظهر بأن الشعب السوري لن يتراجع، بعد خمسين عاما من الحكم الديكتاتوري، ويريد أن يحقق أخيرا الانتقال نحو الديمقراطية. ولذلك فهم مستعدون لدفع الثمن مهما كان باهظا.
من خلال هذه التطورات هل يمكن الحديث عن وعي عام للمجتمع المدني؟
ضحايا النظام السوري من أبناء الشعب السوري
أحمي: بطبيعة الحال! لجان التنسيق المحلية تنضم مظاهرات سلمية في كافة أنحاء البلاد، بالتوازي مع نشاط الجيش السوري الحر. هذه اللجان أخذت على عاتقها في أماكن عدة مسؤولية القيام بمهام اجتماعية وإدارية، تقوم بها الدولة عادة. ولكن الدولة سحبت أجهزتها ومؤسساتها بالكامل من بعض المناطق. ولذلك فإن لجان التنسيق المحلية تهتم حاليا بهذه المهام المختلفة، من تعليم الأطفال إلى تنظيف الشوارع. كما تعمل على حل النزاعات التي تظهر في هذه الأوضاع المتوترة. الناشطون يطبقون ثقافة الحوار، بحيث يتم حل المشاكل عبر المناقشة. وهذا الأمر يعتبر بالنسبة لي إشارة مشجعة، لأنه يظهر بأن الناس، ورغم السنوات الطويلة للحكم الديكتاتوري، مستعدون لأن يتولوا تقرير مصيرهم بأنفسهم وأن يديروا شؤون مناطقهم.
لماذا انسحبت الدولة من بعض المناطق؟
أحمي: النظام يلعب بورقة القوة. إنه في الواقع شكل من أشكال العقاب الجماعي. وبالطبع فإن النظام قادر على دخول كل المناطق عبر آلته العسكرية. وبإمكانه مواصلة إدارة الشؤون المدنية للسكان، ولكنه يرفض. وبهذا أصبح سكان العديد من المناطق يعانون من غياب الخدمات الأساسية مثل انقطاع الكهرباء لمدة ثمانية عشرة ساعة وماء الشرب لا يأتي إلا كل أربعة أيام مرة. كل هذه يحصل بناء على أوامر من دمشق، بغرض أن يردعوا الناس عن الخروج في المظاهرات. وإذا ما اشتكي المواطنون من هذا الأمر يأتي الجواب من السلطات بأن هذه هي الحرية التي أردتموها. واللذين طلبوا الحرية يجب أن يكونوا قد حسبوا حساب انقطاع المياه والكهرباء، كجزء من التبعات الكثيرة.
ازداد النقاش مؤخرا حول دور الأقليات ودعمها لنظام الأسد. كيف ترى التوجه السياسي للأقليات؟
أحمي: أنا ككردي سوري أنتمي كذلك لإحدى هذه الأقليات. عموما يجب القول بأن أغلب السوريين، بغض النظر عن قومياتهم أو انتمائهم الديني يتمنون حدوث تغيير ديمقراطي، ويعتبرونه ضروريا. وبنفس الوقت فإن الأقليات متمسكة بحديد حقوقها بوضوح في سوريا المستقبلية. وبهذا فإن الأقليات قلقة على حقوقها،وهي محقة في ذلك، لأنها ترى كيفية التعامل مع الأقليات في دول الجوار، العراق وتركيا، وهو تعامل غير مثالي أبدا.
وأنت شخصيا، هل تبدو متفائلا بالمستقبل؟
أحمي: أجل. أعتقد بأننا كمعارضة سورية على الطريق الصحيح لنصل للإجماع. والآن تجري مفاوضات مع ممثلي الأقليات، وهم يطالبون بأن يتم الاعتراف بحقوق الأقليات في الدستور، وليس في القوانين العادية. ويفترض أن يضمن الدستور حقوقهم في المستقبل.
بعض الدول العربية، وخاصة اللمملكة العربية السعودية، يتطالب بتسليح الجيش السوري الحر. ما هو موقفك من ذلك؟
فرهاد أحمي سياسي محلي وعضو في حزب الخضر في برلين، وعضو المجلس الوطني السوري.
أحمي: بعد زيارة كوفي أنان لسوريا وبدء مهمته كمبعوث دولي، لم نر أي إشارة من النظام في دمشق، إلى أنه مهتم بحل سياسي. السيد أنان لم يصرح بعد بأن مهمته فشلت، ولكن تصريحاته الأخيرة أشارت بأنه غير سعيد بالردود القادمة من دمشق. والآن بانتظار ردود مكملة. وكل هذا يدفع المعارضة السورية لتلجأ إلى حلول أخرى، وتحديدا في اتجاه عسكرة النزاع. وهنا تبرز أسئلة تفصيلية: هل نريد تدخلا عسكريا دوليا، أم يجب أن نبقي الأمر بأيدينا نحن السوريين فقط؟
ويجب أن نذكر بأن المواطنين ليس لديهم القوة، ويعتمدون فقط على الجيش السوري الحر. ولكن الناس في المناطق الملتهبة، مثل حمص وإدلب، يطالبون بصوت عالٍ بحل عسكري. ولايمكن للمعارضة السورية أن تتجاهل هذا الأمر ببساطة. ومع مثل هذا النظام الذي يرفض كل المقترحات فلا يمكن الاعتماد على الحلول السلمية والسياسية فقط.
وماذا يعني هذا بشكل دقيق؟
أحمي: المجلس الوطني السوري قرر أن ينتظر مبدئيا النتائج النهائية لمهمة كوفي أنان. وإذا ما فشلت المهمة فستطالب المعارضة بتسليح الجيش السوري الحر وستحاول تنفيذ ذلك. وبهذا يفترض أن يتم توفير الحماية للمدنيين. هذا هو موقفنا الحالي.
لنفترض بأن الأسد لمح إلى أنه مستعد لتقديم تنازلات، كيف سيكون رد فعلكم؟
أحمي: نحن، من حيث المبدأ، لا نثق به. نريد أن نرى خطوات واضحة. الخطوة الأولى هي بأن يقدم الأسد استقالته وأن ينقل السلطة إلى نائبه أو إلى شخص آخر يتمتع بثقة المعارضة. هذه هي الأرضية المناسبة لعملية سياسية جديدة. وبهذا يتم تجنيب البلاد سيناريوهات فظيعة يمكن أن تحدث.
حوار: كيرستن كنيب
ترجمة: فلاح آل ياس
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: دويتشه فيله 2012
فرهاد أحمي سياسي محلي وعضو في حزب الخضر في برلين، وعضو المجلس الوطني السوري.