حوار موقع إسلام أن لاين مع ياسين الحاج صالح
1ـ بداية كيف يمكن تشخيص الوضع الراهن في سوريا بعد ستة اشهر على انطلاق الثورة؟
سورية في أزمة وطنية شاملة تولدت عن مجابهة نظام سياسي ضيق ومتقادم لحركة احتجاجات شعبية تطورت إلى ثورة كاملة. وتتجاوز الأزمة النطاق السياسي لتطال وحدة المجتمع السوري وسلامة كيان البلد بالذات، وهذا لأن لدينا نظاما يقتل محكوميه بالجملة وبحقد، ولا قضية له غير أن يستمر في حكم البلد إلى الأبد، ولا يكاد يخفي أن البديل الوحيد عنه هو الفوضى أو الحرب الأهلية. وهو جاد في أن لا يبقى من سورية بعده إلا الخراب: الأسد أو لا أحد! كما كتب شبيحة النظام على جدران المنازل في حماة المحتلة. سورية لن تتعافى دون التخلص من هذا النظام المستعد لتدميرها، وستحتاج إلى سنوات قبل أن تتعافى حتى لو سقط اليوم.
2 ـ رغم كل ما وصلت إليه الحركة الاحتجاجية في الشارع فان المعارضة ما زالت تتخبط فيما بينها… فكيف يمكن رسم صورة لهذه المعارضة داخليا وخارجيا ؟
منبع تخبط المعارضة بنيوي، يتصل بتكوين الثورة وبتكوين المعارضة. الثورة شابة عموما، لا إيديولوجية، مفتوحة الأفق، أما المعارضة التقليدية فهي كهلة أو شائخة، إيديولوجية، ومتمركزة حول ذاتها. وتنظيمات المعارضة التقليدية تشبه بعضها كثيرا (وأكثر مما تفضل أن تعتقد)، وتختلف عن الثورة كثيرا. أنا شخصيا أقرب لبعضها من بعض آخر، لكن يبدو لي أن لا مستقبل للمعارضة التقليدية ككل. وغاية المأمول منها اليوم هي أن تقف أخيرا إلى جانب الثورة سياسيا وفكريا، وعمليا حيث أمكن، إلى حين التخلص من النظام. هذا لا يقتضي التوحد، وهو ممتنع، بل التقليل من الخصومات، والاتفاق على الهدف الكبير الذي لا محيد عنه: إسقاط النظام.
أما المعارضة الخارجية فقد عقدت الكثير من المؤتمرات التي كانت عرضا للفراغ المعارض، لا تعبيرا عن ملئه. لكن بمحصلة هذه “البروفات” والتجارب المخفقة، يبدو أن الأمور تتطور ببطء في اتجاه تشكل أكثر سياسي معارض أكثر تمثيلية وشرعية. هذا ما تفيد به آخر المعلومات المتاحة.
3 ـ بالتالي كيف تنظر الى المؤتمر الذي عقد في ريف دمشق .. ولماذا سمحت السلطات بعقده برأيك؟
يبدو لي أن الروحية العامة التي حكمت المؤتمر هي تشكيل إطار يجمع طيفا من المعارضة متقارب الحساسية، من باب إعداد النفس للتعامل مع الأوضاع القائمة في البلد. هذا مشروع طبعا. لكنه لا يختلف في تقديري عن مؤتمرات كثيرة سابقة، عقدت في الداخل أو أكثر في الخارج. ما يلزم هو تشكل إطار سياسي للثورة حائز على الشرعية. وهذا يتحقق بواحدة من طريقتين. إما عبر تمثيل واسع للقوى السياسية المعارضة، دون استبعاد أحد، ومع تمثيل واسع للمعارضة الجديدة المتمثلة في الانتفاضة وناشطيها؛ أو عبر الفاعلية المنظمة المستمرة والجادة والمتواضعة، والقادرة على إطلاق مبادرات سياسية وبرنامجية مثمرة. لا يستجيب اجتماع هيئة التنسيق لشرط التمثيل، ولا يبدو لي قادرا أن يكون مركز مبادرات مثمرة طويل النفس.
4 ـ نشرت مواقع قريبة من الأجهزة الأمنية بالأمس خبرا عن مبادرة روسية تجمع بين المعارضة والنظام وطرحت خلالها أسماء مثل برهان غليون وهيثم مناع ومجنونة .. كيف ترى مثل هذه ” التسريبات”، وما مدى حقيقة وجود مبادرة روسية بين النظام والمعارضة؟
منجونة وليس مجنونة!
لا أعلم إن كان الأمر يتعلق بمبادرة فعلية أم بفكرة تجريبية أو ببالون اختبار. ما أنا متأكد منه أن أي محسوب على المعارضة يقبل بطرح كهذا يحرق نفسه. الواضح على كل حال أن ما يوجه التحركات الروسية هو إيجاد مخرج للنظام، ولو بحيل سخيفة من هذا النوع. النظام هو المركّب السياسي الأمني المالي، أي الرئيس وأخيه والمخابرات ورؤساء أجهزتها وكبار ضابطها، وأصحاب المليارات من “أبناء المسؤولين” السابقين واللصوص الرسميين ومحاسيبهم. وبالتالي فإن رئيس وزراء محسوب على المعارضة لا يغير أي شيء في النظام. الحكومة لا شيء، ورئيس الحكومة لا أحد، مجرد موظف لا وزن له. ومع ذلك لا أتصور أن يقبل النظام مخرجا كهذا لأنه مُصمَّم بحيث يسيطر سيطرة مطلقة على كل شيء، فإذا فتح بابا لتخفيف قبضتها يخشى أن يفقد هيبته (أي جدار الخوف الذي بناه في نفوس السوريين) وأن تبدأ الأمور بالانفلات من يديه.
5 ـ ترفض المعارضة بشكل عام أي تدخل أجنبي وفي الوقت نفسه ترفع التظاهرات شعار الحماية المدنية .. كيف يمكن فهم هذا الامر.. و ما هو تصوركم لكيفية هذه الحماية المدنية .. ؟
هذا يشير إلى الوضع المعضل للثورة السورية. إذ يتجاذبها الاعتماد على الذات والتطلع إلى إسقاط النظام بالتظاهرات الشعبية السلمية، وإرادة تجنب تدخلات خارجية يصعب التحكم بها. لكن المشكلة أن النظام لا يعرف حدا في مواجهة الأنشطة الاحتجاجية، وهو ما يوجب حمايتها، ومن هنا ظهرت فكرة الحماية الدولية للمظاهرات السلمية بعد نحو نصف عام من الثورة، وهذه يمكن أن تفتح بابا لتدخلات دولية أوسع. ومن المفهوم أن المعارضة التقليدية، بحكم تكوينها وإيديولوجياتها (يسارية، إسلامية، قومية)، أكثر حساسية حيال التدخلات الخارجية، لكن تأثيرها على الأحداث ضعيف ما دام لا دالة لها على النظام، ولا هي تقود الثورة أو تؤثر عليها.
ويختلف تصور الحماية من مراقبين حقوقيين وإعلاميين مستقلين إلى منطقة حظر جوي إلى تدخل عسكري. لكن ليس أكيدا أن مراقبين يضمنون حماية المدنيين، ومن شان تدخل عسكري، لا يبدو اليوم مطروحا عند القادرين عليه، أن يخرج مستقبل السوريين من تحكمهم، وهو ما قامت الثورة من أجله. إنها معضلة.
6 ـ ولكن في ضوء التصعيد الأمني والعسكري الرهيب الذي تمارسه السلطة هل ترى هناك إمكانية للحفاظ على شعار سلمية الثورة؟
يبدو أن الواقع يتجه إلى الإجابة على هذا السؤال بالنفي. ورأيي لن يغير في الأمر شيئا. المهم أن نرى ما يترتب على مسار العسكرة. العسكرة ليست مجرد استمرار مسلحا للثورة، بل هي خطوة كبيرة باتجاه الحرب الأهلية المفتوحة. سيسقط النظام في المحصلة دونما ريب، لكن قد تسقط أشياء أخرى من سورية، مجتمعا ودولة وكيانا.
7 ـ بالتالي ما هو موقفكم من الانشقاقات التي تحصل داخل الجيش ومن استخدام هؤلاء للسلاح؟
تعرضت بنية الجيش لضغط هائل بفعل استخدامه كجهاز أمن إضافي للدفاع عن النظام الذي يفتك بالبلد. ولأن الجيش السوري مفخخ بالأجهزة الأمنية التي هي الركن الركين للنظام، ولأن كبار ضابطه منتقين ومراقبين معا، فإننا نرى تفتتا في بنية الجيش وليس انشقاقات كبرى. لكن بالمحصلة يبدو أن هناك اليوم ألوف الجنود والضباط الذين يواجهون المخابرات والشبيحة والجيش الموالي. بالطبع كنت أتمنى ألا نتجرع، شعبا وبلدا، من هذه الكأس المرة، التي قد تكون أكثر مرارة بعد. لكن يحكمنا واحد من أسوأ الأنظمة في العالم وأكثرها إجراما، يجمع بين السلطة الاستعمارية والنظام الشمولي والمنظمة الإرهابية، وبلدنا للأسف قد يعاني الكثير الكثير إلى حين يتخلص منه، والكثير الكثير إلى حين يعاود استجماع نفسه، والبدء في النهوض والتقدم من جديد.
8 ـ العديد من اطراف المعارضة تراهن على الجيش وترى أن الحل بيده وانه لابد ان يعيد النظر بمواقفه من قمع الشعب والحراك والوقوف الى جانبهم .. ما رأيك بهذا الامر .. وهل ترى أي بارقة امل على هذا الصعيد ؟
الجيش السوري فاقد للشخصية والمهنية والكيان الذاتي منذ عقود. فككه النظام واخترقه من أجل لا يكون مصدر خطر عليه. ومفهوم الجيش العقائدي يعني عمليا الجيش الموالي للنظام أو الذي يعتبر النظام ورئيسه هو قدس الأقداس.
وهو جيش مفخخ كما قلت قبل قليل. ولا يتوقع منه أن يتصرف كقوة مستقلة أو كطرف سياسي. لذلك أظن أن تعويل “أطراف المعارضة” التي تشير إليها على الجيش في غير مكانه. ما يمكن أن يحصل هو ما يحصل حاليا: تآكل مستمر للجيش. لكن إذا بدا أن سقوط النظام وشيكا، لن أستبعد أن ينقلب عليه بعض كبار الضابط مع قطعاتهم العسكرية وأسلحتهم وفرقهم.
9 ـ كيف تنظر الى المسألة الكردية… لاسيما وان عددا من المعارضين وجهوا انتقادات الى الاحزاب الكردية على دورها اثناء الثورة؟
عموما الثورة ليست ثورة أحزاب، ولا دور مهما للأحزاب فيها، عربية كانت أم كردية. لكن يبدو لي فعلا أن الوسط الكردي يتحرك بأقل من طاقته الاعتراضية الكامنة. هذا لأن طبيعة الثورة اليوم ثورة اجتماعية ديمقراطية، فيما اعتقد أن أقوى محركات الوسط الكردي هو المحرك القومي لأسباب مفهومة (تمييز ضد الكرد وعدم اعتراف بوجودهم، في دولة لطالما عرفت نفسها تعريفا قوميا عربيا…). وهذا يجعل الوسط الكردي مزدوج المشاعر، فيما يبدو لي. من ناحية هو راغب بالتغيير لأنه في موقع المضطهد حاليا، لكنه أيضا يتوجس من أنه لن يحقق تطلعاته عبر ثورة سورية عامة، ينخرط فيها ويضحي في كفاحها جمهور عربي واسع. ورأيي أن الضمانة الوحيدة كي ينال الكرد السوريون تطلعاتهم المشروعة هو المشاركة الواسعة في الثورة. وأرجح أن الكرد كاسبون من التغيير السوري في كل حال، لكن حجم المكسب يتفاوت بتفاوت مشاركتهم. الحقوق تنال بالكفاح ولا تنال بغيره.
10 ـ على صعيد المواقف الدولية يبدو وكأن هناك خمود في الحراك الدولي حاليا…؟
الحراك الدولي متموج منذ بداية الثورة، يصعد حينا ويخفت حينا. الأمر متعلق أساسا بحركية الثورة من جهة، وبظهور بديل منظم من جهة أخرى، وبمدى الإجماع أو التوافق على مستوى القمة الدولية (مجلس الأمن) من جهة أخيرة. هذا الأخير مفتقد بفعل الموقف الروسي والصيني. والبديل متعثر التشكل حتى اليوم، لكن الثورة مشتعلة ومستمرة. ولو تصورنا أنها توقفت في وقت مبكر، أو اليوم، فلا يبعد أن تعود القوى الدولية الفاعلة إلى التفاهم مع النظام. ولذلك فالتعويل الأساسي على الثورة، ومن شأن استمرارها مع التقدم على مستوى تبلور بديل أكثر تمثيلا وشرعية أن يدفع المواقف الدولية باتجاه قطيعة نهائية مع النظام.
11 ـ في هذا الاطار هل ترى أي تغير في الموقف التركي أو الايراني؟
لا أرى تغيرا مهما في موقف أي من الدولتين. الأتراك قانطون من النظام، لكنهم لا يستطيعون التصرف بمفردهم، ويخشون أن يجري توريطهم في سورية (إسرائيل ستكون سعيدة بذلك)، وأن يدفعوا الأكلاف السياسية والأمنية لفوضى محتملة في البلد، فضلا عن خسارة اقتصادية مهمة للتبادل مع سورية ذاتها ولكونها ممر ترانزيت إلى الأردن والخليج. لكن إذا بدا أن القوى الغربية سائرة باتجاه الدفع نحو إسقاط النظام، فأظن أن تركيا ستشارك في جهد كهذا.
أما إيران فلا تزال مصطفة إلى جانب النظام بعزم، لكنها أخذت تحسب قليلا. وهي تعلم أن تغيير النظام سيؤدي إلى خسارة كبيرة لها، وتريد مثل روسيا المساهمة في إنقاذه، لكن لا يبدو أنه يساعدها في ذلك لشدة تطرف تكوينه.
12 ـ أيضا كيف ترى الموقف العربي وما توقعاتك؟
يصعب الكلام على موقف عربي بالمفرد. العالم العربي مكون من دول مستقلة، وتتصرف كل منها بما يناسبها أو يناسب تحالفاتها وروابطها.
الدول العربية الفاعلة، والسعودية بخاصة، تواجه معضلة. من جهة لا تحب النظام ولا تثق به، ولعله تتمنى زواله اليوم قبل الغد. لكن بنيانها السياسي مغلق ومحافظ ويشبهه، وهي تخشى التغيير في سورية وفي أي مكان من العالم العربي. لذلك أظنها تقدم رجلا وتؤخر أخرى. أسهمت مع دول خليجية أخرى في الضغط على النظام وعزله، لكنها لا تبدو بصدد مزيد التصعيد، ولعلها تتمنى لو تنطوي الأزمة دون مزيد من الحرج لها. وأظن موقفها مرهون بمواقف القوى الدولية الأخرى. ويبدو أن هذا ينطبق على دول الخليج الأخرى والأردن. مصر منشغلة بأمورها وأحوالها ولا تكاد تقدر على ممارسة دور عربي أو إقليمي مهم حاليا. أما أداء الأمين العام للجامعة العربية حيال سورية فرديء ولا يشكر عليه. حكومة المالكي العراقية ومثلها حكومة لبنان مؤيدتان للنظام. لكن انقلابهما عليه غير ممتنع إذا بدو أنه موشك على السقوط. والشيء المبهج أن أكثرية الشعب الفلسطيني إلى جانب الثورة السورية، وحركة حماس نفسها تجنبت أن يربط اسمها به. هذه شهادة مشرفة للثورة السورية.
13 ـ تطرح العقوبات الاقتصادية التي فرضت على سوريا تساؤلات كبيرة عن انعكاسها على المواطن وبالتالي على الحراك الشعبي…؟
أرى أن تأذي عموم السكان في معيشتهم ودخولهم معيار صالح للحكم في شأن العقوبات الدولية، فإن كان لها آثار سلبية كانت مرفوضة حتما. لكني أريد أن تتأذى مصالح الأشخاص الذي شملتهم قوائم العقوبات. وحتى اليوم لا يبدو أن هناك تأثيرا ظاهرا على حياة عموم السوريين. المهم على كل حال أن تبقى العقوبات اسمية، وأن يسقط النظام قبل أن يكون لها آثار سلبية عامة. إذا استطالت الأزمة الوطنية، ستلزم تقديرات جديدة وأحكام جديدة.
14 ـ على الصعيد القومي… هل ترى انه من المفروض على المعارضة الان تحديد مواقفها القومية من القضية الفلسطينية او من حزب الله؟
ينبغي أن يكون الموقف من القضية الفلسطينية واضحا في خطوطه الرئيسية. وأظنه واضح. نحن مع الشعب الفلسطيني، وشركاء لله في تطلعه إلى الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي (شخصيا أتطلع إلى التخلص من إسرائيل)، وإننا نؤيد الإجماع الفلسطيني، الذي إذا كان متعذرا فإننا لن نكون سببا في تعذره ولا مصدر انقسام فلسطيني. وإسرائيل عدونا بمعنى يتجاوز السياسي والاستراتيجي. يشعر عموم المعارضين السوريين بالدهشة حين يطلب منهم أن يعلنوا موقفهم من القضية الفلسطينية لأنهم يعتبرون الأمر بديهيا، وليس في سلوكهم وفي وثائقهم ما يدل على العكس.
أما حزب الله فمسألة أخرى. كان بعضنا متحمسون له، وبعضنا فاترون حياله، لكن لم يكن بيننا من هم معادون له. اليوم الأمر مختلف. يشعر كثيرون بالاحتقار حيال تنظيم نال شعبية بفضل مواجهته لإسرائيل ودفاعه عن الحق والعدالة، فيما هو يصطف اليوم إلى جانب القتلة ويلوم الضحايا، ويشتبهون بأن المنابع العميقة لهذا الموقف ربما تكون أسوأ من الموقف نفسه.
15 ـ سؤال اخير، ما هي السيناريوهات المطروحة .. هل سيبقى النظام متماسكا ..هل سيتمكن من القضاء على الثورة .. هل ستنتصر الثورة ..ومتى .. ؟
فات أوان التفاوض والتسوية التاريخية، وقد كنت تكلمت عليهما في وقت باكر من الانتفاضة. كان المأمول التوصل إلى ترتيبات جديدة للحكم، تجنب البلاد مخاطر الصراع وعم الاستقرار، وتنهي نظام الحزب الواحد والحكم الوراثي الأبدي وحاكمية المخابرات، لكن بصورة تفاوضية وسلمية ومع صون كرامة الجميع. لكن بعد أن قتل النظام فوق 3600 سوري، وواضح أنه لا يقيم اعتبارا لغير نفسه، لم يعد هذا الخيار مقبولا من أحد.
ويبدو أن الاحتجاجات الشعبية السلمية الواسعة ومتعددة البؤر غير قادرة وحدها على إسقاط نظام لا يتهيب قصف المدن بالدبابات والزوارق الحربية، ومؤخرا بالطائرات الحربية.
والأمور سائرة باتجاه عسكرة الثورة، جزئيا أو على النطاق الوطني. وهذا قد يقترن بتطييف الصراع الجاري في البلاد، وهو ما عمل من أجله النظام منذ البداية. وقد يقترن أيضا بتدخلات خارجية متنوعة. والعنف والطائفية والأصابع الخارجية هي ثالوث الحرب الأهلية في المشرق، على نحو ما سبق أن رأيناه في لبنان والعراق.
لكن سورية دخلت منذ بداية الثورة زمن التخلص من النظام البعثي والحكم والأسدي. هذا لا رجعة عنه، ولن يستتب الأمر للنظام بحال. ما قد يكون موضع جدال هو المسار الذي سنسلكه إلى حين سقوط النظام، وأكلاف السقوط، ومداه الزمني.
موقع إسلام أن لاين