حي القزاز.. وشبيحة شارع نسرين/ سامر السليمان
معظم الوافدين إلى حي القزاز الدمشقي، هم مهُجّرو مناطق قرب العاصمة؛ من نازحي الحسينية وكفر سوسة وداريا وغيرها. ويغلب عليهم الفقر والتشدد الديني، حيث تتدلى اللحى الطويلة للرجال، واللباس الفضفاض والقاتم للنساء، ويغيب أي مظهر للسفور.
وفي الآونة الأخيرة، تزايدت الحواجز على الطرق المؤدي إلى حي القزاز، وبعضها يعود لشبيحة شارع نسرين. وهم المشهورين بطائفيتهم، وتعذيبهم لمعتقلي الثورة وقتلهم، والخطف وسرقة السلال الغذائية المخصصة لأهالي حي اليرموك المحاصرين. ويتبع شبيحة حي نسرين إلى المخابرات الجوية مباشرة. ويتذمرون من قلة موارد النهب والسرقة، بعد خمود عمليات الجيش الحر في منطقة التضامن وتدمير أغلب أبنية ذلك الحي، وفرض الحصار على مخيم اليرموك. ويبدو أن هذا هو ما دفعهم لإقامة الحواجز؛ حيث يتصرفون كمافيات وعصابات تقوم بتحطيم أبواب الشقق والمحال المغلقة وسرقة محتوياتها، حتى نقود سائقي سيارات الأجرة وشاحنات بيع الماء لم تسلم منهم. ويمارسون تفتيشاً دقيقاً للمارة من القزاز نحو سيدي مقداد، ويعترضون المارة بالأسئلة: إلى أي منزل تذهب؟ ومن يسكن في المنزل؟ وإن كان زائراً، لماذا هذه الزيارة؟
شبيحة الحي يضايقون الأهالي الذين يقطنون شققاً ذات مواقع إستراتيجية، تطل على فرع الدوريات وفرع فلسطين وطريق المطار، والتي تنصب عليها القناصات. ويمنع قاطنو تلك الشقق، بحسب انذارات وجهت لهم، من استخدام الشرفات لأي سبب كان، وتسدل ستائر النوافذ، لمنع التشويش على القناصين، وتسريب معلومات عنهم.
هذه الإجراءات التشبيحية، ازدادت بعد إطلاق “أجناد الشام”، تحذيرهم لأهالي دمشق بقصف المدينة بعد عيد الفطر الماضي. وربما يأتي أيضاً من خوف الأجهزة الأمنية من وجود خلايا نائمة تنتمي لجبهة النصرة أو داعش، في تلك المنطقة التي تحاذي فروعها الأمنية. حيث تعتبر أية عملية سيطرة على هذه المباني، كإمكانية لوضع القناصات، واحتمال تمدد الثوار السريع إلى قلب دمشق.
شبيحة شارع نسرين، يصل تعدادهم وفق التقارير إلى 500، وهم الأخطر في دمشق وربما في سورية، ولا يتورعون عن ارتكاب أنواع الجرائم المختلفة، ولا يبادلون مختطفيهم. والحي الذي يعيشون فيه تقطنه أغلبية متشددة من الطائفة العلوية، وهو يُعد ترسانة عسكرية، ويعتبره النظام نقطة انطلاق إلى كل من التضامن والمخيمات ودف الشوك، وفيه معتقلات أسوأ من معتقلات النظام.
في 4 آب/أغسطس 2014، وقع اشتباك بين شبيحة نسرين المتواجدين في حي القزاز، وبين عناصر أمنية من “فرع الدوريات”، سقط على إثره جرحى. وقام الشبيحة بدك فرع الدوريات باقذائف، ما اضطر النظام إلى إرسال قوة عسكرية من جنود ومدرعات لإيقافهم. وهو مؤشر خطير لإمكانية خروجهم عن سيطرة النظام. وولائهم لقيادة المخابرات الجوية، يشير بدوره إلى تنازع وتصارع الأجهزة الأمنية.
يقول أحد النازحين إلى الحي “لقد شكونا شبيحة نسرين إلى حواجز الجيش مراراً، ولكن دون جدوى”. ونتيجة لعمليات التشبيح، استبعد أغلب الأهالي أبناؤهم الشباب عن الحي، حيث تجد أن أغلبية السكان هي من النساء والأطفال وكبار السن، لأن الشباب يمكن أن يتعرضوا للقتل أو الاعتقال، ودون سبب يذكر.
من المتحلق الجنوبي إلى قلب القزاز، تتواجد أكثر من عشرة حواجز عسكرية وأمنية وتشبيحية، ودبابات ومدرعات جديدة، وهناك الكثير من السواتر الترابية والدشم الرملية. ويأتي ذلك بعد تخفيف النظام للحواجز في قلب المدينة؛ مما يشير إلى تهافت الهدن والمصالحات التي أقامها النظام مع منطقة بيت سحم المحاذية لسيدي مقداد وببيلا ويلدا. ويوضح في الوقت نفسه، عدم جدوى الحلول الأمنية والمصالحات، ويثير المخاوف من تصعيد جديد في المنطقة الجنوبية لدمشق.
المدن