دَرْس المعلم: حتى آخر نقطة دم!
راجح الخوري
ربما سيتذكر وليد المعلم كسياسي وديبلوماسي مخضرم ان أسوأ أيام حياته كان يوم وقف أمام الأمم المتحدة ليسقط على الحضور جملة من الترّهات والاتهامات توازي القنابل البرميلية التي اسقطها النظام على رأس الشعب السوري في ذلك النهار.
والمعلم الذي يعتقد أصدقاؤه انه عالق في قبضة الأسد وانه لم يكن في وسعه إلا ان يذهب لتسويق الأوهام في الامم المتحدة، يعرف ضمناً انه كان أكبر الواهمين عندما قال “ان الدعوات الى تنحي بشار الاسد مجرد أوهام”، لأن بقاء الاسد هو الوهم الأكبر إلا اذا تمكن بمؤازرة الروس والايرانيين من تدمير كل سوريا على رأس أهلها ليبقى رئيساً على مقبرة في حجم وطن!
كان بان كي – مون قد انتهى لتوه من دعوة النظام السوري الى الرأفة بشعبه ومن التنديد بالقصف الذي يقوم به منتهكاً حقوق الانسان، عندما وقف المعلم يوزع الاتهامات التي وصلت الى حد اتهام كل الشعب السوري بأنه من الارهابيين والتكفيريين “الذين لا يستجيبون خطة النظام للاصلاح الديموقراطي”، في حين يعرف العالم كله ان النظام لا يملك منذ 19 شهراً إلا خطة واحدة هي التدمير والقتل وقد بدأت في درعا بتقليع أظافر الاطفال لمجرد انهم كتبوا شعارات تطالب بالإصلاح!
تجاوز المعلم كل حدود الفظاظة عندما اتهم المعارضة بافتعال “أزمات لاجئين في الدول المجاورة” ولكأن بطش النظام ليس المسؤول عنها، محاولاً تصوير هذا النظام بانه ضحية “مؤامرة خارجية” في وقت يتجاوز عدد الضحايا من السوريين الـ30 الفاً، ولم يتردد كذلك في اتهام مجلس الامن بالاخفاق لأنه “فشل في ادانة التفجيرات الارهابية”، بمعنى انه لم يقف مع الجلادين ضد الشعب، متناسيا ان الروس يعطلونه لمصلحة الحل العسكري الذي تحول مذبحة العصر!
اسوأ من كل هذا انه وزع الاتهامات في كل الاتجاهات [قطر السعودية تركيا فرنسا الولايات المتحدة] ولم يتوان في الزعم ان هذه الدول افشلت مهمة كوفي انان، ثم ليقع في التناقض بزعمه ان النظام وافق على النقاط الست التي تدعو الى الانتقال السياسي، لينتهي الى ان الدستور لا يسمح بأي عملية انتقال سياسي قبل سنة 2014 بما يؤكد ان النظام هو الذي افشل خطة أنان وهو الذي القى قنابله البرميلية على مهمة الاخضر الابرهيمي حتى قبل ان تبدأ.
ان القراءة في ما وراء الكلمات والاوهام التي ساقها المعلم تكشف مرة جديدة، ان النظام الذي يعتبر انه الضحية رغم ان عدد الضحايا السوريين تجاوز الـ30 ألفاً سيقاتل حتى آخر نقطة دم ولن يبقي حجراً على حجر في سوريا.
منذ اليوم الاول كتبت هذه الزاوية: انها معركة يا قاتل يا مقتول!
النهار