رئيس حزب يكيتي: خطر تنظيم الدولة مازال قائماً وخروج البشمركة من سورية أمر شائك
روما (29 كانون الثاني/يناير) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء
أكّد زعيم حزب كردي في سورية أن خطر تنظيم الدولة الإسلامية مازال قائماً على أكراد شمال سورية وغيرهم من سكان المنطقة ويهدد وجودهم بسبب توفر طرق الإمداد والموالين المحليين، وأشار إلى أن الأكراد السوريين مندمجون مع مجتمعهم لكنهم يرفضون الانصهار رفضاً كاملاً.
ونفى محي الدين شيخ آلي، سكرتير عام حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سورية (يكيتي)، أن يكون خطر تنظيم الدولة الإسلامية قد زال عن الأكراد بعد هزيمته في كوباني، عين العرب
وقال لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء “لتنظيم الدولة (داعش) مشروعه العقائدي، وهو يمتلك إمكانيات عسكرية ويحظى بحاضنة مجتمعية تلائمها، سواء في أجزاء من مدن وريف محافظة الحسكة، الجزيرة، (عدا البلدات والمدن ذات الكثافة الكردية)، أو في مدن وبلدات تتبع محافظة حلب وخصوصاً في جانبها الجنوبي والشرقي وكذلك في الشمال الشرقي للمحافظة التي تُعدّ الأكبر في عموم سورية من حيث السكان، التي تشتمل إدارياً منطقتين كرديتين معروفتين تاريخياً هما منطقة عفرين المجاورة لتركيا في أقصى الشمال الغربي لمدينة حلب ومنطقة كوباني (عين العرب) المجاورة أيضاً لتركيا في أقصى الشمال الشرقي لحلب، بحيث تتوفر لتنظيم الدولة طرق إمداد وموالين محليين، مما يبقي خطره قائماً يهدد وجود ومصير الكُرد السوريين بوجه خاص وكذلك حياة سكان المحافظتين بوجه عام، بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية والقومية والمذهبية”، وفق تأكيده.
وأضاف “واقع الحال يظهر لنا بأن أكراد سورية يشكلون حضوراً مجتمعياً تاريخياً أصيلاً يتمركز أساساً في محافظتي حلب والحسكة وجزء من ريف الرقة، وكذلك في العاصمة دمشق فضلاً عن انتشار بعض قرى وبلدات كردية بائسة في جيوب من جبال الساحل السوري شرق المتوسط ومدينة حماه وغيرها، وأيضاً ثمة قرى وبلدات كردية ـ تركمانية ضمن محيط عروبي إسلاموي تطبع مدن جرابلس والباب ومنبج وإعزاز التابعة لمحافظة حلب”. وأضاف “أكراد سورية أولئك مندمجون في المجتمع السوري ويشكلون جزءاً هاماً من نسيجه، إلا أنهم يرفضون الانصهار رفضاً كاملاً، وبالتالي فهم يدافعون بلا تردد عن وجودهم وحقهم في حياة لائقة، وقوتهم الدفاعية المتمثلة أساساً بوحدات حماية الشعب أثبتت جدارتها في تقديم التضحيات لدفع شرور الهجمات الغادرة التي لطالما تعرضت لها المناطق الكردية من الشمال السوري (عفرين ـ كوباني ـ الجزيرة)، وبهدف ردع الهجمات المحتملة وإبعاد شرور تنظيم الدولة وأخواتها ودحرّ مشروعها التكفيري الظلامي”. وأردف “أكراد سورية مهيئون للشراكة مع فصائل الجيش الحرّ لأداء واجبهم المشترك في إيقاف تمدّد داعش، سواءً في مدينتي حلب والحسكة وغيرهما من أراضي سورية، حيث الخطر الداهم والأساس بل الأسوأ يتمثل اليوم وفي المدى المنظور بمشروع تنظيم الدولة وباقي شبكات الإرهاب الدائرة في فلك تنظيم القاعدة العالمي”، على حد تعبيره.
واعتبر شيخ آلي أن انسحاب قوات البشمركة الكردية من سورية بعد طرد التنظيمات الإرهابية من كوباني (عين العرب) أمر شائك ومعقد، وقال “تلك التابعة لإقليم كردستان العراق والتي ساندت وحدات حماية الشعب في كوباني بجدارة وبأسلحة نوعية، لم يتجاوز تعدادها الـ 150 عنصراً، جاءت بناءً على قرار من برلمان الإقليم وموافقة رئيس الإقليم مسعود بارزاني بعد اتصالات مكثفة أجرتها أكثر من جهة مع الإدارة الأمريكية التي بدورها استطاعت أن تُقنع تركيا بقبول عبور تلك القوة الرمزية عبر أراضيها لتصل إلى كوباني”. ورأى أن “بقاء أو سحب تلك القوة من كوباني أمر شائك يتوقف حسمه على نتائج مشاورات رئاسة الإقليم مع أنقرة وبغداد وواشنطن، ومدى جدية حكومة أنقرة في مكافحة قوى الإسلام السياسي المتطرف وشبكات داعش وجبهة النصرة هنا وهناك”، حسب توضيحه.
ونفى أن يكون بقائها في سورية تدخلاً بالشأن الداخلي وقال “إن مواجهة شبكات الإرهاب وخصوصاً إيقاف تمدد داعش ودحرّ مشروعه تلتقي مع مصالح الشعب السوري بكرده وعربه، وبالتالي فإن بقاء تلك القوة الرمزية من البشمه ركه يعدّ إسناداً لجميع قوى السلم والحرية على صعيد المنطقة والعالم وليس تدخلاً في شأنٍ سوري محض، أو إساءة لمؤسسات الدولة السورية أو إعاقة لمساعي بلورة حلّ سياسي سلمي للأزمة السورية”، حسب تقديره
وأثنى زعيم الحزب الكردي على تجربة الإدارة الذاتية للمناطق ذات الغالبية الكردية في شمال سورية ووصفها بأنها مقدمة لمستقبل سورية، وقال “إن تجربة الإدارة الذاتية القائمة في المناطق الكردية من الشمال السوري تجربة فتية لم تمضِ عليها أعوام، فهي بحاجة إلى إغناء وتطوير وحماية أكثر، كونها ليست فقط حاجة موضوعية لملء الفراغ، بل باتت تلك المناطق تشكل ملاذات آمنة لعشرات الألوف من النازحين السوريين من مناطق أخرى، علماً أن ثمة جهات محلية وإقليمية تجهد كثيراً للنيل من هذه التجربة وإفشالها ومنع التعامل الإيجابي معها”.
وأضاف “وحدات حماية الشعب وبقدر إمكاناتها لم تتردد في الدفاع عن تلك المناطق، وتصدت ببسالة لهجمات غادرة ومتكررة طالت مناطق (قسطل جندو، جنديرس…) عفرين، رأس العين، الحسكة وغيرها، وسجلت بطولات في معارك تحرير كوباني وإلحاق الهزيمة بالغزاة المعتدين، فالإدارة الذاتية توفر الأمان وتحمي السلم الأهلي والتعايش بين مكونات الشعب، وبالتالي تبقى قائمة، وتشكل مقدمة صالحة ومفيدة لمستقبل سورية وحماية وحدتها، ولا تشكل خطراً على الأمن القومي العربي أو التركي كما يتم الترويج له في الكثير من وسائل الإعلام”.
كما أعرب عن رضاه عن ما أُنجز من خطوات لتشكيل مرجعية سياسية كردية وفق اتفاقية (دهوك)، وقال “اتفاقية دهوك عبارة عن مسعى جاد ونبيل تحققت برعاية مباشرة من مسعود بارزاني وبجهود معروفة بذلها حزبنا في التحضير لها وإنجازها وحَظيت بمباركة جميع القوى الكردستانية، إلا أن الخطوات التنفيذية للاتفاقية اعترضتها اشتراطات وتلكؤ من جانب مسؤولي بعض أحزاب المجلس الوطني الكردي، مردها نزعات حزبوية وضيق أفق، إلا أنه وعلى العموم تحقق نزع فتيل التوتر والحالة شبه العدائية التي كانت سائدة بين المجلس ENKS وحركة المجتمع الديمقراطي TEV – DEM، وهذا أمر إيجابي لا يُستهان به في الوسط الكردي العام”.
وأضاف “إن ضرورة وجود مرجعية سياسية لكُرد سورية التي لطالما نادى بها حزب الوحـدة منذ أكثر من عقد زمني باتت تدخل وبقوة في الوعي الجمعي للغالبية العظمى من أكراد سورية وحراكهم السياسي والثقافي، فجاءت اتفاقية دهوك لتُجسّد هذه الضرورة، فمهما اعترضت طريق التنفيذ صعوبات وسلبيات، إلا أنها تبقى محط تضافر كل الجهود المخلصة والواعية لإنجاح الاتفاقية عبر ترجمة مضامينها على أرض الواقع وإن تطلب ذلك وقتاً” وفق قوله.
ونوّه شيخ آلي بإمكانية توافق القوى الكردية السورية على الرغم من أن بعضها جزء من ائتلاف المعارضة السورية وبعضها جزء من هيئة التنسيق، وقال “ثمة إعادة نظر ومراجعات جدية لمواقف وسياسات كانت تراهن عليها قوى وأحزاب المعارضة السورية وخصوصاً أشهرها إعلامياً الائتلاف الذي يُعدّ ضعيف المصداقية في الداخل السوري جراء العديد من الأسباب والعوامل والملفات، وإنّ تواجد بعض الكُرد (المجلس الوطني الكردي) في الائتلاف والبعض الآخر (حزب الاتحاد الديمقراطي وغيره) في هيئة التنسيق الوطنية لا يحول دون الإقدام على بناء مرجعية سياسية للكُرد السوريين والعمل في ضوء فحوى ومضامين اتفاقية دهوك رغم وجود كوابح وتدخلات من هنا وهناك”.
وأضاف “لقد بات ممجوجاً ومنبوذاً كثيراً أمر كل من يسعى لتشتيت الصف الكردي في سورية ومنع تلاقيه، بدءاً بألاعيب نظام البعث في دمشق مروراً بأوساط الإسلام السياسي ووصولاً إلى أوساط في أنقرة والدائرين في فلكها ومستسهلي رفع الشعارات” على حد تعبيره.
وشدد على أن حزبه سيبقى جزءاً من المعارضة التي ترفض السلاح والرهان على الخارج، وقال “نحن في حزب الوحـدة نبقى نشكل جزءاً حيوياً من المعارضة السياسية الوطنية، ننبذ لغة السلاح أو الرهان على الخارج لإحداث تغيير ديمقراطي في الداخل السوري، ننتهج مبدأ اللاعنف ونشر ثقافة حقوق الإنسان والمواطنة وسيادة القانون وإتباع سبل الحوار وقوة المنطق في حل جميع المسائل والقضايا، لا منطق القوة ولغة الحروب والعداوات، ننشد السلم والحرية والمساواة، ولم نتشارك يوماً مع نظام البعث في أعماله وسياساته الرعناء”. وأضاف “لا أرى أن ثمة حزب سياسي كردي يتمتع بحضور تنظيمي ما في المناطق الكردية مشارك للنظام أو مؤيد له، أما وجود بعض أسماء محسوبة على الوسط الكردي السوري جرى تلميعها إعلامياً في الآونة الأخيرة سواء من قبل أجهزة النظام أو قنوات الإسلام السياسي، فهذا أمر نشاذ لا يمت إلى الحركة السياسية الكردية بصلة”، وفق تأكيده.
وأثنى المعارض على بيان القاهرة الذي يسعى لتوحيد رؤى وبرامج المعارضة السورية، قال “بيان القاهرة ببنوده العشرة يجسد إلى حد كبير عقلنة وواقعية سياسية في تناول قضايا سورية وأزمتها الكارثية، فالمطلوب هو وقف نزيف الدم والدمار قبل أي اعتبار آخر، وحمل النظام على قبول لغة التفاوض والحوار لإيجاد حلّ سياسي سلمي للأزمة بإشراف دولي، وامتثال جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية لمقررات مجلس الأمن الدولي” ذات الصلة