ما زال مصير المدوّنة السورية مجهولاً بعدما أوقفتها الشرطة على الحدود الأردنية. صاحبة «رزانيات» لم تتردّد يوماً في التعبير عن دعمها لمعتقلي الرأي والاحتجاجات الشعبية في بلادها
عماد استيتو
«لو أصابني مكروه، فأريدكم أن تعرفوا أنّ النظام لا يخشى المعتقلين، بل يخاف هؤلاء الذين لا ينسون المعتقلين». هذه العبارة كانت آخر ما كتبته المدوّنة رزان غزاوي على الشبكة العنكبوتية، قبل أن تتّجه إلى عمّان للمشاركة في «ملتقى المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي»، علماً أنّه كان يُفترض أن تمثّل «المركز السوري للإعلام وحرية التعبير»، لكن على الحدود السورية ـــــ الأردنية، انتهت رحلة رزان بعدما اعتقلتها شرطة الهجرة والجوازات السورية يوم الأحد الماضي واقتادتها إلى جهة مجهولة.
قد تكون مدوّنة رزان التي تحمل اسم «رزانيات» (2009) الأكثر تعبيراً عنها: مقالات عن مدونين اعتقلوا ثمّ أطلق سراحهم، أو آخرين لا يزالون في سجون النظام من دون أن يعرف أهلهم أيّ معلومات عنهم. ولم تتردّد الناشطة الشهيرة في التعبير عن موقفها الداعم للحراك الشعبي، الذي تشهده المدن السورية منذ أشهر طويلة. ولعل سخرية القدر هي التي جعلت رزان تكتب آخر مقالاتها (1 كانون الأول/ ديسمبر الحالي) عن صديقها المدوّن حسين غرير، لتحتفل بإطلاق سراحه، «حسين سيكون في منزله هذا المساء. سيعانق بحرارة زوجته ولن يترك ابنيه العزيزين أبداً»، لكن ما لم تعلمه المدونة المشاغبة أنّها لن تتمكّن من الاحتفاء بصديقها طويلاً، لأن مكانه في السجن لن يبقى شاغراً، بل ستشغله
هي.
إذاً اعتقلت رزان غزاوي التي أصرّت دوماً على التدوين باسمها الحقيقي، لتنطلق بعدها عشرات الحملات المطالبة بإطلاق سراحها. وقد قال صديقها الصحافي والمدوّن السعودي حسن مصطفى لـ «الأخبار»: «كانت رزان تتابع الأحداث في سوريا بمهنية وصمت. وكانت دوماً منحازة إلى الإنسان من دون ادعاء البطولة أو المجد». من جهته، يتذكر المدون والناشط السوري المقيم في سان فرانسيسكو أنس قطيش كيف أنّ رزان ألهمته وجعلته لا يخشى الكتابة باسمه الحقيقي «شجاعتها لا توصف» يقول.
من جهتهم، أصدر المدونون السوريون بياناً تضامنياً ينددون فيه باعتقال زميلتهم. وجاء في البيان «بالكاد تنفّسنا الصعداء بعد الإفراج عن زميلنا حسين غرير، قبل أن يعود اختناق الغضب والحزن ليذكّر صدورنا بواقع القمع، والكبت، وعبادة الصّمت الذي نعيشه… رزان غزّاوي سوريّة بامتياز.. سوريّة بعملها المحموم للمرافعة عن القضية الفلسطينيّة وﻻجئيها في وسائط الإعلام اﻻجتماعي باللغتين العربيّة والإنكليزيّة. سوريّة بالتزامها بكل قضايا التقدّم والعدالة اﻻجتماعيّة والمساواة. سوريّة بوقوفها مع الأحرار في طريقهم لنيل الحرّية والكرامة… رزان صوتٌ ﻻ يريد له الصمت إﻻ أعداء الحقّ والكرامة والعدالة والحرّية». وطالب البيان السلطات السورية بالإفراج الفوري عنها، وعن كل «معتقلي الرأي، والضمير، والكرامة»، محمِّلاً النظام مسؤولية أي مكروه قد تتعرض له، كذلك رأى «المركز السوري للإعلام وحرية التعبير» أنّ هذا الاعتقال هو استمرار لعملية «تقييد وخنق المجتمع المدني في سوريا، ومحاولة بائسة للقضاء على حرية التعبير فيها». كذلك استنكرت منظمة «مراسلون بلا حدود» اعتقال رزان غزاوي «التي ناضلت منذ تأسيس مدونتها لحرية التعبير وحقوق المثليين».
وكان بعض المدونين قد قالوا في وقت سابق إنّ رزان كانت ملهمة الأميركي توم ماكماستر، الذي ابتكر شخصية أمينة عبد الله «المدوّنة المثلية» وجعلها بطلةً في مواجهة النظام السوري، لكن سرعان ما اكتشفت لعبته واتّضح أن أمينة ليست سوى شخصية
افتراضية.
