صفحات الرأي

سورية المغلوب على أمرها” لفؤاد مطر


مقالات ترتسم فيها السياسة السورية والعراقية

جوزف باسيل

جمع فؤاد مطر في كتابه “سورية المغلوب على امرها” الصادر عن “الدار العربية للعلوم ناشرون” (535 صفحة) مقالات كتبها خلال سنوات من الحكم البعثي الاسدي ونشرها في مجلة “التضامن” الاسبوعية السياسية الصادرة في لندن في ثمانينات القرن الماضي وصحيفة “الشرق الاوسط وصحيفة اللواء التي عاود الكتابة فيها بعد عودته الى بيروت من “الاغتراب الاضطراري” عن لبنان بسبب حرب “كانت ايضا اليد البعثية السورية – الاسدية هي الاطول فيها بين الايدي”.

اذاً الكتاب هو وجهة نظر “هادئة” في وضع متفجر، تبدو فيه المحنة السورية لم تنته فصولا، مع مزيد من التدخلات الدولية والاقليمية تتوالى فيها المفاجآت وتؤدي تداعياتها الى مزيد من تفتيت الدولة “التي لم تعد الرقم الثاني الصعب في معادلة الصراع العربي – الاسرائيلي”. ويعد الكاتب بأن المقالات تبلور فكرة عن المحنة التي تؤكد ما يحمله عنوان الكتاب للقارئ المتأني.

يرى مطر ان المحنة السورية تستوجب الاضاءة على فواجعها الفكرية والسياسية والميدانية، ويقول: “لم يسبق ان عشنا من قبل حربا يدور رحاها بين النظام مستخدما سلاحه الخفيف والثقيل بما في ذلك السلاح الجوي، وبين المحتجين الغاضبين المطالبين بحقوق صادرها الحزب الذي جاء اصلا من اجل ان يمنح الناس الحقوق، فإذا به لا يتصرف بما هو واجب عليه، ويعتبر الاحتجاج مجرد حالة عصيان تقوم بها من وجهة نظره، عصابات، مع ان الواقع ليس كذلك”.

تدور المقالات في اجواء الحرية التي تاقت اليها نفوس الشعوب العربية في مرحلة الانتدابات، وارتجتها مع الاحزاب والعقائد التي اخذت تطلق الوعود بالوحدة والحرية والاشتراكية، ثلاثية استهوت جمال عبد الناصر فوقع في فخ دعوة حزب البعث الى الوحدة، كما وقعت الشعوب في الشرك، ولما استفاقت كانت الشباك اطبقت عليها ولا مفر.

اربعون عاما تنتظر الشعوب العربية الفرج بالحرية الموعودة بعدما سقطت الوحدة والاشتراكية لكنها تأخرت الى درجة لا تطاق، فانتفضت في المدن والشوارع والدول، وستدور الدائرة على الجميع، فالشرق الاوسط الجديد يبنى على الفوضى.

المقالات تشير الى الخلل في النظام السوري، واساليبه التي ناقضت شعاراته، وبالتالي توحي بما سيحدث، وحدث ويستمر، بسبب “العناد بدل الحنكة والحكمة من قيادتها البعثية في معالجة الأزمة”.

في تمهيده للمقالات كتب مطر مختصرا، ظروف تسلم الرئيس السوري بشار الاسد الحكم بعد والده عام 2000، ويحدد شعاراته التي بدأ بها، وتراجعه عنها ما شكل صدمة مضاعفة للجماهير التي ارتجت على الاقل التخلص من النظام الامني في النظام الحديدي، المتبقي في العالم الى جانب كوبا. ما بدا استقبالا له من الزعماء العرب والمسؤولين الاوروبيين، فكان الظاهر رائعا، لكن المضمون لم يتغير والتسوية السياسية مع اسرائيل التي اعتقدت دول الغرب انه يسعى اليها اخفقت، و”الربيع السوري” التي افترض الشعب انه سيراه احبط، فعاد التشدد على الحريات البسيطة التي نمت، واتجه الرئيس الشاب نحو ايران التي “كانت بدأت ترسخ وجودها في اوساط اهل السياسة والامن”، وخلال عام 2004 تفاقمت العلاقات بين سوريا ودول الغرب واضطربت الاوضاع في لبنان وتفاقمت عقب التمديد للرئيس اميل لحود، الى ان جرت محاولة اغتيال النائب مروان حماده، ثم اغتيال الرئيس رفيق الحريري شباط 2005، الذي فجّر “ثورة الأرز” في وجه النظام الامني السوري – اللبناني، ما ادى الى انسحاب الجيش السوري من لبنان في نيسان تلك السنة، لكن التدخلات السورية في الشؤون اللبنانية لم تنته حتى الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى