رسالة مفتوحة إلى ميشيل كيلو: خلافات المعارضة ليست شخصية
محمد عبد المجيد منجونه
– ولكوني تعودت على متابعة مقابلات وكتابات الأستاذ ميشيل.. فقد وقفت طويلاً أمام مقاله هذا. إذ رأيت فيه تنفيساً عن مخزون من الألم عما آلت إليه الأوضاع في البلد.. لكن هذا أوقع الأستاذ في عدم وضوح التخوم والأدوار والممارسات التي أوصلت المعارضة إلى ما هي عليه.. والجهة المسؤولة عن ذلك. ولأنني لم أر في المقال الأستاذ ميشيل الموضوعي.. الفاعل وليس المنفعل، البعيد عن الشخصنة وعمومية المصطلحات وتجسد ذلك بمقاله.
– إذ حول التباينات بين المعارضة، إلى خلافات شخصية (مشاحنات شخصية.. وكم هي رئيسة قضاياها الثانوية.. ومؤثرة تناقضاتها الشخصية.. الخ) ولا أسعى كي أخوض جدالات حول مرتكزات الأستاذ ميشيل التي اتكأ عليها لطرح هكذا تقييم، ومع قناعتي بأنه يعلم حقيقة الوضع ومواقف كل من الطرفين بتفاصيلها، إلا أنه يضـع القاتـل والمقـتول في سلة واحدة هروباً منه إلى الأمام مبتعداً عن أية شبهة انحياز لهـذا الطرف أو ذاك.. وهذه من طبيعة بعض المثقفـين الذين يقصـرون دورهم على طرح قراءاتهم كمساهم محايد لا يزعج أحداً. مادام الكل تحت الضخ النقدي الملامس للمسائل، بمنظور المعلم الذي يبتعد عن تحديد موقفه من خلافات التلاميذ باعتبارها مسائل شخصية وصغيرة وثانويـة. وهكذا تسطح الأمور وتصل بالقارئ للمقال إلى تسفيه أراء ومواقف وممارسات الأطراف.
– ونخلص إلى طرح تساؤلات حول وقائع ما حدث علها توقظ وتنعش ذاكرة الأستاذ ميشيل:
1- من الذي أفشل محاولة إيجاد إطار جامع للمعارضة لأول مرة من خلال مؤتمر إعلان دمشق؟ من الذي مارس سياسة تمرير أجندة سياسية تحرص على تقديم أميركا جهة غير معادية لشعبنا ونغض النظر عن انحيازها المطلق للصهاينة.
2- من الذي أفشل ما خرج عن مؤتمر الدوحة (إعلان الائتلاف الوطني السوري).
3- من الذي رتب وشكل وأقام المجلس الوطني في ذات الوقت الذي كان يخوض فيه معارك نقاشية بالدوحة؟
4- من الذي مارس سياسة الإقصاء والتحجيم تجاه هيئة التنسيق من خلال دعوة بعض الشخصيات منها إلى حضور المؤتمر الأول باستانبول ثم تكرار العملية بالمؤتمر الثاني فيها أيضاً؟
5- من الذي خرج عما تم الاتفاق عليه بالقاهرة ـ استغرق الحوار ما يزيد على الشهر وشارك به من المجلس الوطني سبعة عشر شخصاً تناوبوا جلسات الحوار وأعادوا النقاش إلى مربعه الأول وإلغاء كل التوافقات في كل حضور جديد لوفد من المجلس ـ الذي تجسد بالتصور المشترك لمواجهة استحقاقات الوضع في سوريا، والذي وقع عليه كل من رئيس المجلس ورئيس هيئة التنسيق بالمهجر؟ هذه الوثيقة ـ لم يجف حبر التوقيع عليها بعد ـ تعرضت لهجوم عنيف ورفض مطلق من صقور المجلس (التسمية ليست من عندنا) كما تعرض رئيس المجلس لذات التصرف، وتعرض موقعه للخطر في مؤتمر تونس لولا التسوية التي أبقته لمدة شهر آخر (كما سمعنا) بعد أن ساهم بالهجوم على وثيقة القاهرة.
6- من الذي يحتكر بأقوال أشخاصه صفة تمثيل الشعب والتعبير عن مطالبه وتطلعاته؟ والممارسات الإقصائية عن أجهزة الإعلام الفضائية العربية والدفع على حصر الإعلام بدور التزيين لممارسات وأقوال المجلس واستغلال العلاقة مع مراكز القرار بأوروبا، في منع مؤتمرين صحفيين لهيئة التنسيق.. وفي رفض تشكيل وفد مشترك للقاء مع الخارجية البريطانية.
7- من الذي حرض شبيحته للاعتداء بالضرب وإيذاء عدد من أعضاء وفد هيئة التنسيق للجامعة العربية بالقاهرة (ما هو الفرق بين الشبيحتين.. والعقليتين؟) ومن الذي كرس هذا الأسلوب مع وفد الفنانين والكتاب العرب أنصار النظام بالقاهرة أيضاً؟
8- وأخيراً من الذي يدفع لجذب التدخل العسكري الأطلسي إلى سوريا وتعريضها لما حدث بالعراق وليبيا والصومال وأفغانستان وغيرها الكثير، ليقوم بدلاً عن شعبنا بإسقاط النظام والإمساك بمصير الوطن وفق مصالح هذا الحلف؟
9- من الذي وجه رسائل تطمئن إسرائيل وأميركا إلى أن دولته القادمة ستكون عامل استقرار بالمنطقة وستبتعد عن إيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية؟ وتلتزم بالقرارات الدولية بتسوية القضية الفلسطينية، وموضوع الجولان، وعلينا أن ننتظر أكثر من ستين سنة أخرى حتى تمتلك الأمم المتحدة القدرة كي تفرض على أميركا والصهاينة الاستجابة للحل الأممي (غير العادل) وليطمئن أعداء الأمة.
وأخلص بعد هذه التقدمة، إلى طرح السؤال ـ أرجو أن يتحملني الأستاذ ميشيل ـ هل هذه الوقائع ما يشير إلى خلافات صغيرة وتناقضات ومشاحنات شخصية، وشكوك وريب؟ أتمنى أن يتجاوز الأستاذ ميشيل سياسة المؤشرات العامة، وتصوير الأمر بخلافات شخصية، والوقوف بموضوعية في وجه من يريد رهن البلاد لحلف الناتو، وبالطريقة التي يراها تتطبق مع تطلعاته.