زين خزام
لا أعرف بأية حجة سوف أستحوذ على اهتمامكم و على بعض من وقتكم في خضم هذا الجنون و هذه الفوضى فأنا لست إلا فتاة سورية شاءت لي الأقدار أن أشهد هذه الحقبة الساخنة من تاريخ بلدي .. أعلم أني أصغر من أن أؤثر في مسار الأحداث لأنها الآن بلغت حدا مرتفعا جدا من الخطورة لكنني لم أعد أستطيع أن أقف مكتوفة الأيدي .. أرى أننا ننجرف نحو الهاوية كسيل دون أن نفعل شيئا حيال ذلك ..
لا أعرف حتى الآن ماذا أستطيع أن أفعل .. ربما لا شيء .. لكني من موقعي هذا وجدت أني أملك سلاحا واحدا .. و سلاحي هو الكلمة .. عل كلمتي هذه تصل إلى مسامع أحدهم و تؤثر فيه و ذلك ربما أفضل من لا شيء ..
و في كلمتي أخاطبكم أنتم .. أخوتي .. شعب سوريا العظيم ..
نحن الذين يتحدثون كل يوم بلساننا و يضربون بسيفنا و يحصون شهداءنا و يقبضون ثمن دمائنا .. نحن شعب سوريا العظيم الذي صدر الأبجدية إلى العالم يوما ما .. نحن شعب سوريا العظيم الذي يجر نحو معركة لم تكن معركته يوما ..
أخاطبكم و في قلبي لوعة لا تحدها لوعة على ما آلت إليه حالنا من إعياء و إرهاق و تمزق ، و خوف لا يحده خوف على مصير ضحكة أبنائنا ، و حب لا يحده حب لتلك السماء التي تحتضننا و تلك الدماء التي تجري في عروقنا و لذلك الانتماء الذي يجمعنا و يربطنا بتراب سوريا المقدس ..
يوما ما ستنتهي هذه الثورة أو الأزمة أو المؤامرة أو سموها ما شئتم و سنبقى نحن .. سيتقاسمون الغنائم و يسوون أمورهم و يبنون قصورهم و سيتركون لنا الدماء و الأحقاد و الدموع و القلوب المحطمة ..
لا أعرف إن كنا نستطيع أن نفعل شيئا حيال ذلك و خاصة و نحن على هذه الدرجة من الإرهاق لكني أجد أننا يجب أن نقف في وجه محاولات زجنا في حرب طائفية .. يجب أن نفعل كل ما باستطاعتنا كي نتجنب اتساع رقعة الاقتتال الطائفي و ألا نسمح لها أن تحرق الأرض بما فيها..
إن الطائفية ما هي إلا وهم يزرع في عقولنا كي يستخدم عند الحاجة و دائمافي خدمة أهداف سياسية تحت مسميات مختلفة..
الآن جميع الأطراف تستخدم هذه الورقة دون أي رادع أخلاقي و تقامر بحياتنا سعيا نحو عرش سوريا .. لكننا يجب ألا نسمح لهم بذلك .. يجب أن نفعل كل ما باستطاعتنا كي نحصن أنفسنا في وجه أي نوع من أنواع التجييش الطائفي مهما بلغت حدة مخاوفنا و مهما بلغ عمق جراحنا ..
أعرف أن الكلام أسهل بكثير من التطبيق و خاصة عندما نتكلم عن حمص .. لكننا يجب أن نحاول قدر الإمكان ألا ننجرف مع هذا التيار الذي لا عودة منه و أن نوجه طاقاتنا لدرء هذا الخطر الذي يمكن أن يودي بالبلاد لعقود قادمة..
لا أحد سوانا يمكنه إنقاذ البلاد ..
أرجوك .. يا من تقرأ كلماتي .. يوما ما أريد لابنك و ابني أن يتجاورا في مقاعد الدراسة دون أن يسأل أحدهما الآخر عن طائفته .. أريد لهما أن يقضيا معا أوقاتا جميلة و يصنعا معا ذكريات طيبة و يتشاركا بناء سوريا و جعلها مكانا أجمل دون أن يأخد كل منهما موقفا مسبقا من الآخر ، دون أن يحدد شكل و مستقبل علاقته مع الآخر وفقا لانتمائه الديني أو العرقي ..
فلنقف جميعا صفا واحدا و نرفض الطائفية بكل أشكالها قولا أو فعلا أو تلميحا أو ترهيبا عن أي جهة صدرت ..
نحن شعب سوريا العظيم على خلافنا و اختلافنا فلنوحد صوتنا و نصرخ ملء حناجرنا .. لا للطائفية ..
شكرا لصبركم ..
التوقيع : شابة سورية
