رواية جزيرة تحت البحر لإيزابيل اللندي
هل تخلت إيزابيل الليندي عن واقعيتها السحرية في روايتها ” جزيرة تحت البحر”
غويترا بهادور
ترجمة: نجاح الجبيلي
كان ناقد فني هو الذي صاغ مصطلح “الواقعية السحرية” كي يصف موجة جديدة للرسم في ألمانيا في العشرينيات. تشدد اللوحات ،التي انفصلت عن التعبيرية متقلبة المزاج لذلك العهد، على الحقيقة المادية كأنها فتحت عالما فوقيا مراوغا في نظام الأشياء اليومية. مع ذلك، يتماس الفنتازي أحياناً مع الواقعي: ففي إحدى اللوحات يتقاسم جنرال بدين المنضدة بشكل غير مبال مع رجال بلا رأس ببدلاتهم الرسمية.
في الأدب كما في الفن هيمن الرجال على هذا النوع. لهذا اخترع النقاد لصقة “النسوية السحرية” فقط لإيزابيل الليندي وسجل عائلتها متعددة الأجيال الذي يبرز نساء قويات الإرادة متورطات بعلاقات عاطفية حميمة إزاء خلفية الحرب والغليان السياسي. كل هذه العناصر حاضرة في روايتها الأخيرة ” جزيرة تحت البحر” التي تدور أحداثها جزئياً في هاييتي أواخر القرن الثامن عشر. البطلة عبدة خلاسية تدعى “زاريتي” وهي خادمة لدى زوجة صاحب مزرعة سكر تصبح شيئاً فشيئاً مجنونة. (يبدو الكاريبي أنه امتلك تأثيراً مفسداً موثوقاً على النساء في الرواية ابتداءاً من “جين إير” فصاعداً). وحتى قبل موت سيدتها تصبح “زاريتي” خليلة سيدها “فالمورين” وهي تخضع لهذا الدور عبر العقود والحدود حتى في حالة هروبها إلى “نيوأورليانز” بعد ثورة العبيد عام 1791.
لا تحتوي القماشة الناتجة أقل من التاريخ الثوري لأول جمهورية للسود في العالم بينما تصور الليندي انشقاقات الجزيرة المختلفة: الجمهوريون مقابل الملكيون والسود مقابل الخلاسيين والمضادون للعبودية مقابل أصحاب المزارع والعبيد مقابل السادة. إنها تجد متعة بالغة في تفصيل الفترة: القبعات المزينة بريش النعامة، الأثواب النسائية ذات الخصر العالي، الوجبات التي تضم الخنازير الصغيرة مع الكرز. طاقمها نابض بالحياة على حد سواء: محظية مخلّطة والضابط الفرنسي الذي يتزوجها؛ الزوجة الثانية لـ”فالمورين” وهي كريولية مسيطرة من لويزيانا؛ عشيق “زاريتي” المتمرد الذي يلتحق بـ”توسان لوفرتور” في الجبال. لكن بالرغم من كل النصر الساحق المسلّي للقصة فإنها تفتقد الشخصنة المركبة والأصالة. وأسلوبها تقليدي. فأنت تتساءل: أين هم الرجال الذين بلا ررؤس، أو في حالة الليندي، النساء اللاتي بلا رؤوس؟ أين هي الواقعية السحرية؟
إن ما هو “سحري” في الرواية يظهر عند نقطة تقاطع تاريخ هاييتي وفولكلور العبيد المتأثر بديانة الفودو (ديانة تمارس في بلدان الكاريبي وخاصة في هاييتي وهي مزيج من شعائر الرومان الكاثوليك والمعتقدات الروحية للعمال العبيد التي تشمل السحر والاتصال بروح الأسلاف-م). في الواقع إن هاييتي ألهمت واحدة من الاستفادات الأدبية المبكرة لمصطلح “الواقعية السحرية”. فبعد رحلة للكاتب الكوبي أليخو كاربنتير إلى هناك عام 1943 كتب مقالة مؤثرة ناقش فيها بأنه في المشهد الطبيعي والسياسة للأمريكيتين كان الواقع فنتازياً مسبقاً. وكان التعبير الخيالي لهذه المقالة رواية “مملكة هذا العالم” التي تصف تمرد العبيد ولا بدّ من أنّ هذه الرواية ألهمت الليندي.
كلا الروايتين تحتويان على مشهد يضرب مثلاً على دور الخوارق الطبيعية قي التاريخ الهاييتي، لكن مقاربة الليندي المحترسة تعكس انسياقاً من الأسلوب التجريبي الذي ميّز أعمالها الأولى. في عام 1758 قامت طبقة المزارعين المالكين بحرق قائد متمرد حياً وهو فرانسوا ماكندال، عبد هارب ذو ذراع واحدة وكاهن عبادة الفودو. وتصفه الأسطورة بأنه تحاشى النار بتحوله إلى بعوضة. تصف رواية كاربنتير:” دخل ماكندال في غالب الأحيان العالم الغامض للحشرات المصنوع بسبب افتقاده ذراعه الانسانية بامتلاك العديد من الأقدام وأربعة أجنحة أو لوامس طويلة”. لكن في وصف أداء الليندي فإن كل ذلك هو مجرد مسألة منظور على نحو مخيب للأمل:” البيض… رأوا جثة ماكندال المتفحمة. الزنوج لم يروا سوى عمود فارغً”.
في تنقيح سارّ تجلب الليندي النساء إلى واجهة قصة الثورة. فهي تستبدل إله الحرب الأفريقي “أوغون” بإلهة الحب “إيرزولي”.( في مشهد يقترب من الواقعية السحرية تقوم “إيرزولي” بامتلاك “زاريتي” لكن حتى ذلك الحين لم يكن من الواضح إن كان هذا قد حدث فقط في خيال “زاريتي”). إلا أنه في النهاية فإن الليندي تاجرت باللغة المبدعة والتقنية من أجل مسرح تاريخي مباشر أساساً. هناك وفرة من الميلودراما والصدف في رواية “جزيرة تحت البحر” لكن قلة من السحر.
تحميل الكتاب من الرابط التالي
http://www.4shared.com/office/kexCb-Eq/___-__.html
صفحات سورية ليست مسؤولة عن هذا الملف، وليست الجهة التي قامت برفعه، اننا فقط نوفر معلومات لمتصفحي موقعنا حول أفضل الكتب الموجودة على الأنترنت
كتب عربية، روايات عربية، تنزيل كتب، تحميل كتب، تحميل كتب عربية،