رومل ومونتغومري ومعركة القلَمون!/ الياس الديري
للمرة الثانية الثالثة… أسمعها من مراجع لا يرقى إليها الشك، تؤكّد وتجزم أن رفع الأصوات والنبرات عَبْر التلفزيونات لا يعني أن الحرب العالمية الثالثة واقعة غداً.
غير أنّ هذا التطمين لا يعني أن لبنان الأخضر الحلو عائد بسرعة البرق والبريد، ليحتلَّ مكانه وعرشه اللذين ضيّعهما في “حروب الآخرين”، وخلال بحث زعمائه وجماعاتهم عن المكاسب والمسالب في مرفأ بيروت، والأسواق، والبنوك، وبين الأنقاض، وتحت جثث الضحايا.
قد يكون المقصود في هذه الخلاصة أن الاستقرار والأمن والأمان بعيدة عن الواقع بُعْدَ السلام والحلول عن الشقيقة سوريا، باعتبارها التوأم الأول والأخير للبنان، كما بالنسبة إلى مصر وتونس وبقية دول “ربيع الخريف” العربي.
أشياء ومواقف وقرارات كثيرة، تغيّرت خلال الفترة الماضية، ولا تزال تتفاعل بنتائجها وانعكاساتها على العلاقات القديمة جداً بين المملكة العربية السعودية وأميركا. وستبقى تفاعلاتها تنتشر وتتوسّع، إلى أن يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود على مسار المفاوضات والأخذ والردّ بين واشنطن وطهران.
لا شك في أن “النقزة” حصلت. وللحال دخل على الخط الوسواس الخنّاس. وقد تنضم الشكوك وما هو أعظم في الآتي من الأيام.
في هذا الوقت تنصبّ الاهتمامات والأنظار على خط “ماجينو” في طرابلس، ثم تتركّز المتابعات على معركة “العلَمين” الجديدة في جرود القلَمون السورية. أي على تخوم سلسلة جبال لبنان الشرقية حيث ارتسمت معالم الماريشال الألماني إرفين رومل في قائد “داعش” وملامح الماريشال البريطاني برنارد مونتغومري في قائد فيلق “حزب الله”. والجيشان، كما الماريشالان، كما الجبلان، يستقطبان الرأي العام في لبنان الواحد الموحّد، كما في عواصم العالم العربي المرتاحة البال، ثم يأتي دور “الخارج” الذي يتعمشق به الجميع، والذي يبدأ من طهران ليحطّ رحاله في واشنطن، مروراً بدمشق… وربما ببغداد أيضاً، وليأخذ نفساً عميقاً في بيروت التي ضيّعت ملامحها وصورتها وقامَتها وصوتها ومنديلها.
لا شيء مضموناً. لا شيء نهائياً، لا في سوريا، ولا في لبنان، بصورة خاصة. ولا تعني هدنة الأمس في طرابلس أن ملاك السلام والاستقرار هبط فجأة على المدينة التي تكاد تنضب دموعها ويُبَحُّ صوتها… وهي تنْدَه على ذوي الهمّة والغيرة!
ولن تلفح رياح السلام والطمأنينة لبنان على حين غرَّة، ويستيقظ اللبنانيون ليجدوا فجأة أن كل ما كان قد انتهى ومضى… وها هو الرئيس تمّام سلام يدخل السرايا على رأس حكومة من 9 – 9 – 6، مدعومة بثقة فاقت المئة صوت.
ثمة الكثير من التطورات قد تفاجئنا رياحها وعواصفها من الشرق والغرب معاً، قبل أن تتم التغييرات المطلوبة ليكتمل عقد الشرق الأوسط الجديد، وتكتمل الأفراح في بيروت وطرابلس.
واقعياً، لا يزال الانتظار سيّد الموقف. ولا يزال “الخبراء” يردّدون أنها لا تزال حبلى بالمفاجآت. فلنتمسك بالتفاؤل…
النهار