سائقون في حلب: لقمتنا مغمسة بالدم عندما نجتاز حاجز “المليون” و”الثلاث نجوم”/ ياسين رائد الحلبي
ريف حلب ـ «القدس العربي»: تنطلق سيارة الميكرو باص مع خيوط الفجر الأولى، في الساعة الخامسة فجرا، من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب نحو المناطق التي يسيطر عليها النظام، ويعتبر الانتقال من مناطق المعارضة نحو مناطق النظام رحلة محفوفة بالمخاطر وشاقة على الرجل الستيني أبو زاهد الذي يذهب كل شهر ليقبض راتبه التقاعدي من المؤسسة التي خدم فيها حوالي 35 عاماَ.
مناطق خضراء وسوداء وحمراء أثناء الرحلة
يقول أبو زاهد تبدأ رحلتنا من حي الشعار في حلب متوجها نحو حي الجميلية، حيث كان يستغرق ذهابي قبل الحرب ربع ساعة، ولكن الآن تبدلت الأحوال وأصبحت تستغرق 8 ساعات وأحيانا 12 ساعة، «حسب التيسير» على حد قوله، ومزاج عناصر الحواجز المنتشرة بين المناطقة الخضراء «أي سيطرة المعارضة» إلى السوداء «مناطق الدولة الإسلامية» إلى المناطق الخضراء والحمراء» مناطق سيطرة النظام السوري والميليشيات التي يتزعمها حزب الله.
المرور في مناطق تنظيم الدولة
تنطلق السيارة من مدينة حلب مرورا بالعديد من حواجز المعارضة التي تنتمي إلى فصائل عسكرية عدة وتكون هذه الحواجز شكلية لأي سيارة قد يشتبه بها إلا أن سيارة النقل معروفة الغرض والتوجه، لذلك لا يتم ايقافها في مناطق سيطرة المعارضة، وتدخل السيارة بعد ساعة ونصف من المسير بمناطق سيطرة «تنظيم الدولة» حيث يتجهز السائق نفسه ويطلب من الجميع عدم التدخين حين وصول الحواجز، ويطلب من النساء الكاشفات الوجه أن يقمن بتغطية وجوههن بالنقاب الشرعي، وذلك منعا لحصول أي تأخير وعواقب.
عشرات الحواجز المنتشرة في المناطق الممتدة والشاسعة
أصبحت الرحلة الطويلة شبه روتينية ومعتادة بالنسبة لأبي زاهد فيقول: «نمرّ خلال مناطق سيطرة «تنظيم الدولة» على الكثير من الحواجز وفي مناطق سيطرة النظام على عشرات الحواجز وفي كل حاجز تختلف المعاملة وتختلف ماهية المطالب، فمنهم من يفتش على الدخان، والمحرم، وغطاء النساء، وأماكن عمل المسافرين كحواجز «تنظيم الدولة» والسيارات، والأسماء، ومكان ميلاد الأشخاص عند حواجز النظام، ويبتسم أبو زاهد قائلا: «والمال هو الأهم عند حواجز النظام».
تفاوت المبالغ المطلوبة بين الحاجز والآخر
سالم سائق سيارة نوع «سوزوكي» يقول: «نمرّ بالكثير من حواجز النظام فمنها من يرفع علم «حزب الله» اللبناني، ومنهم من يرفع علم النظام، وآخرون لا يرفعون أي علم أو شارة ويكونون غالبا من الشبيحة، فعند المرور بكل حاجز علينا تجهيز المبلغ المطلوب فمنهم من يطلب ألفا، ومنهم عشرة آلاف، ومنهم يطلب عشرين ألفا، وهذا يعود للجهة التي يتبع لها الحاجز فلدينا حواجز «لقمتها صغيرة» وأخرى «لقمتها كبيرة» وما بتشبع، يقولها ضاحكا.
حاجز المليون والثلاث النجوم
خلال المسافة الطويلة يوجد حاجزان يخافهما السائقون والركاب، فحاجز المليون أحد الحواجز المعروفة برفع التسعيرة، كما يقول سالم ويتابع قائلاَ: «يـأخذون مبالغ كبيرة للسماح لنا بإكمال الطريق ويبدو أن هذا الحاجز مدعوم، ويضعون صندوق كبير غالبا ما يكون يكاد أن يمتلئ بالعملة الورقية السورية فئة الألف، والخمسمئة لذلك أطلق عليه السائقون هذا الاسم؛ لأن المبالغ التي يجنيها الحاجز تقدّر بالملايين».
أما أبو زاهد فيقول: الحاجز الذي أحسب له ألف حساب هو حاجز يقع بالقرب من مدخل المدينة، حيث يدقق على الهويات كثيرا، وغالبا يقوم الحاجز باعتقال أشخاص، وسبب ذلك أن الحاجز يشرف عليه ضباط بشكل مباشر، لذلك أطلق عليه المسافرون «حاجز النجوم أو الثلاث نجوم».
الوصول مع مغيب الشمس إلى مدينة حلب
يصل أبو زاهد إلى مدينة حلب مع مغيب الشمس، وذلك بعد أن استغرق ثماني ساعات على الطريق المحفوف بالمخاطر والحواجز، أما سالم فيصل إلى مناطق سيطرة المعارضة لنقل أثاث منزل لعائلة قررت النزوح إلى تركيا وترك مناطق النظام وعلى حد قول سالم وأبو زاهد «لقمة مغمسة بالدم».
القدس العربي