بعد أغنيات عديدة عن الثورة السورية أطلق الفنان سميح شقير أغنية جديدة عن مدينة حلب هي أقرب إلى مرثية لمدينة قيد التدمير، وفي الأغنية، كما جرى بثها على “يوتيوب”، يعود شقير إلى أكثر الأشكال بساطة، إذ يغني مع عوده فقط، برفقة الإيقاع، مع شريط من الصور الفوتوغرافية هي مختارات من صور قصف المدينة، وحال أحيائها وناسها.
يقول مطلع الأغنية “حلب لو فيك تحكي احكيني، تحت اللهب وعيونك بتكويني، هيدي حلب مش أي مدينة، ست المداين هي حلب”، وفي مقطع آخر “والشبابيك ال كانت زينة، باقي منها ظل مدينة، رعب وموت اللي مبكيني، يا خسارتنا يا حلب”. يبدو شقير هذه المرة خافت الصوت، حزيناً وهامساً، ربما بما يليق وحجم الجنازة السورية. اختفت تلك الصيحة الحانقة المتوهجة “يا حيف”، كما اختفت إصبع الاتهام التي كانت تشير إلى القاتل بوضوح في أغانيه السابقة أثناء الثورة. لكن الفنان يستدرك، في حديث لـ “المدن” على الفور، ليقول “نحن نتحدث عن واقع أصبح معروفاً للقاصي والداني، لقد تجاوزنا أن نسمي القاتل في كل أغنية، ربما لأننا نحسب أن كل الناس تفكر مثلنا وتعرف جيداً من هو القاتل. ثم إنني أغني فيما يعرف الجميع أين أقف، وما هو موقعي”.
وفيما إذا كان هناك من حكاية وراء تأليف الأغنية الحلبية الجديدة قال شقير “قصة الأغنية هي قصة معاناة المدينة التي باتت تمثل ذروة المأساة السورية، والتضامن مع هذه المدينة هو أقل ما يمكن”. وإذا كان الفنان يستعير بعض مفردات حلبية في كلمات الأغنية التي كتبها بنفسه من قبيل “مية السلامة يا حلب”، فلأنه عاش في تلك المدينة عامين “اتكأت على ذاكرتي، حيث عشت فيها وأعرفها ومازالت لهجة الناس وأحاديثهم وملامحهم حاضرة عندي”.
شقير اعتبر أن الجديد في أغنيته على مستوى المضمون هو الإشارة إلى البعد الطبقي الذي غفل عنه كثيرون. فهو يقول في أحد مقاطع الأغنية “واللي عندن قدرة فلوا، وحدن الفقرا اللي ظلوا، حطب الحروب واللي مروا، ولأيمتى رح نبقى حطب”. يقول شقير “كنت دائماً أعيب على أحزاب اليسار أنهم لم يتمكنوا من قراءة هذا البعد في الثورة السورية، أنهم لم ينحازوا على الأقل إلى الفقراء الذين عبروا عن فيض الكيل في واقعهم. ها نحن نجد أن الذين بقوا على الأرض يحاربون هم الفقراء”.
على المستوى التقني يعترف شقير بنقص يعتري أغنيته “اعتمدت البساطة الشديدة بسبب امّحاء قدرتنا الإنتاجية، رجعنا إلى البدايات في تجربتنا، في النهاية هي رسالة تضامنية من القلب”.
هذا ما يؤكده الموسيقي السوري شفيع بدرالدين لدى سؤاله عن الأغنية “هي جميلة بالعموم، لكن يبدو لي أنه ينقصها شيء لست قادراً على تحديده في هذه العجالة. هي مزيج بين سميح أيام زمان “بيدي القيثارة”، و”لو رحل صوتي” مع الأغاني المارشية للشيخ إمام. واضح أنها بحاجة لوقت كي تنضج أكتر، لا سيما على صعيد الأداء. والأكيد أن ضيق الحال القسري اقتصرها على عود و إيقاع وصوت، في حين بدا لي أنها تتطلب مرافقة فرقة موسيقية٬ تماماً كالمجموعة التقليدية مع سميح أيام زمان”.
ولدى سؤاله إن كان سيغني لمدينته السويداء، خصوصاً بعد تحركات غاضبة شهدتها أخيراً قال الفنان شقير “ما حدث في السويداء أخيراً مهم، ويعطي شيئاً من الأمل. أنتظر أن أغني للسويداء كما غنيت لغيرها من المدن التي ساندت الثورة”.
وختم الفنان “نحن نكتب في ظل الثورة، أحب أن تؤدي أدواتنا دوراً في مناصرة هذه الثورة العظيمة، وبالتالي ننتظر الإلهام من شعبنا في كل المدن. نحن صدى لحراكهم الذاهب إلى الحرية وصياغة سوريا الجديدة”.
المدن
