سوريا: اختبارات
محمد ابرهيم
سلسلة من الاختبارات يطلقها القرار الدولي بوقف القتال وسحب الاسلحة، الثقيلة، من المدن السورية مطلع الاسبوع المقبل.
الاختبار الاول هو للنظام الذي يعترض على الوجه العسكري، التخريبي، للمعارضة المدعومة خارجيا، لكنه لم يثبت ان بمستطاعه تحمل المعارضة السلمية في الشارع، ولا المعارضة الحقيقية في مفاوضات لبناء سوريا الديموقراطية. حتى الآن الغطاء الخارجي، الروسي-الصيني، كان العامل المساعد للنظام على تضييع الفوارق بين نوعي المواجهة، العسكرية والسياسية. وموقف مجلس الامن الاخير يقول ان هذا الغطاء قد استنفد، وانه على النظام في سوريا ان يثبت قدرته على البقاء، سلما.
الاختبار الثاني هوللمعارضة التي عليها ان تثبت ان عسكرتها كانت رد فعل على العنف، وليست استراتيجية لتعويض النقص في امتدادها الجماهيري. والاجواء السلمية، والعمل السياسي المكشوف، تتيح معرفة موقف اكثرية السوريين، بطبقاتهم وطوائفهم وقومياتهم. وفي هذا تحد برنامجي للمعارضة، وتحد لقدرتها على تقديم بديل منظم من الوضع القائم. وعلى هذا الصعيد لا يكفي القول انه بمجرد ان يتوقف الحل الامني الذي يعتمده النظام، فإن الشوارع سوف تضيق بمعارضيه، لأن “العروض” التي قدمها “الربيع العربي” حتى الآن، تجعل القرار، الفردي، بالانخراط في الثورة لا يقل صعوبة عن القرار، الفردي، باختيار المحافظة على النظام.
الاختبار الثالث هو لداعمي النظام الخارجيين، وعلى رأسهم، بالطبع، روسيا. فهل تعني هذه ما تقوله من ان دعمها للنظام لاينبع من حسابات مصالح تبدأ من الوضع الداخلي في روسيا ولا تنتهي عند الخوف من فقدان آخر الحلفاء الموثوقين في المنطقة؟ وهل تعني انها مستعدة لرعاية الانتقال المنظم للسلطة في سوريا في حال ثبت ان قواعد النظام القديم لم تعد قائمة؟ وان البديل المتوقع هو الشبيه الاسلامي للبدائل في مواقع “الربيع” الاخرى؟
اما الاختبار الرابع، فهو للداعمين الغربيين والعرب للثورة في سوريا. انه اختبار مدى قدرتهم على اقناع المعارضة الخارجية، وداخلها، بأن الميزان الدولي لا يسمح بالاستمرار في مبدأ رفض الحوار مع النظام، ولا في طرح شعار رحيل الرئيس شرطا مسبقا لهذا الحوار؟ وما مدى استعداد الخارج الغربي-العربي للتخلي عن فكرة اطاحة النظام بأي طريقة، اذا ثبت سلما، ان قواعد الاخير، ولو على اساس انه اهون الشرور، لا تزال قادرة على الاستمرار بصيغة من الصيغ؟
الاطراف كلها في وضع صعب، والمصدر الاول للصعوبة، ان الديماغوجيا لن تنفع في ستر الطرف الذي سيجد، قبل غيره، انه غير مستعد لعملية سياسية تثبت ان رهاناته خاسرة، وبالتالي التسليم بحل لايتوافق مع رؤاه ومصالحه.
النهار