سوريا: الحل “عسكري”
إيلي فواز
لا يوجد ابشع وافظع من فيتو روسيا والصين في مجلس الامن ضد مشروع قرار يدين القمع في سورية سوى مداخلة المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، فواحدة تراها تغطي وتشجع جرائم نظام البعث وتمدد امده، واخرى تراها تبررها وتكاد تفتخر بها.
يقول لافروف، المحتفى به في الشام بطلا، والباحث عن انتصارات وهمية تعيد له ولبوتين مجد السوفيات المضمحل, ان “لا مصلحة روسية في تبني قرار مجلس الامن”، وهو بالتالي لا يهمه ما يجري داخل المدن السورية من جرائم ضد الانسانية بل تهمه مصلحة بلاده قبل كل شيء.
واستطرادا، على الشعوب العربية شكر وزير خارجية الاتحاد الروسي لانه نزع غشاء لطالما استعملته ديكتاتوريات العرب واقنعت جماهيرها به: اميركا وحدها امبريالية، وتقدم مصلحتها حتى على القيم الانسانية الجامعة، وكل ما تريده هو السطو على خيرات الامة، كما يذكرنا دائما امين عام “حزب الله”. ولكن على ما يبدو روسيا امبريالية هي الاخرى، وتسعى لتامين مصالحها على دماء الابرياء في سوريا تماما كما الصين.
اما بشار الجعفري في مجلس الامن، فهو بطبيعة الحال استعمل في مداخلته المعيبة عنصر المؤامرة، والارهاب والتطرف، كما استعمل القضية الفلسطينية، واستفاض في تعداد تاريخي لاخطاء بعض الدول الاعضاء في مجلس الامن التي ارتكبتها في كامبوديا مثلا او الفيتنام والعراق، وذلك لتبرير القتل المنهجي الذي يقوم به نظام الاسد بحق شعبه، وهو اكد ان البعض في مجلس الامن ينتهج “سياسة المعايير المزدوجة”، فيسمح لاسرائيل ما لا يسمحه لسوريا، مطالبا بكلام اخر مساواة الاسد بشارون مثلا، او بول بوت زعيم الخمير الحمر، متناسيا تسامح دول العالم واميركا بالذات مع جرائم نظام الاسد في لبنان، وسوريا، وبحق القضية الفلسطينية نفسها التي يستشهد فيها. الجعفري في مداخلته ينفي عن النظام تهمة مجزرة حمص الاخيرة التي اودت حسب تقارير غير رسمية بحياة اكثر من 300 شخص، و يسأل هل من الممكن ان يصدق عاقل ان يقوم النظام السوري بمجزرة في حمص قبل يوم من انعقاد جلسة مجلس الامن الخاصة بسوريا؟
العاقل الذي يعرف تاريخ نظام الاسد الاب والابن، لم ينس حرب المائة يوم عام 1978 ضد اهل الاشرفية، او حرب زحلة عام 1981، او مجزرة حماه عام 1982، او حرب المخيمات الفلسطينية في لبنان عام 1985، او اجتياح المناطق المسيحية عام 1991.
العاقل يعرف مدى بشاعة الاعتقال في سجن المزة او سجن تدمر وصيدنايا، ويعرف وحشية الاستجواب على يد الملقب بالنبي يوسف في عنجر، وهو يعلم ان من امر باغتيال كمال جنبلاط، والمفتي حسن خالد ورينيه معوض ورفيق الحريري، يمكن ان يقوم بمجزرة في حمص قبل يوم من انعقاد مجلس الامن، لان المجرم لا يلجاء للعقل وسيلة لفض النزاعات بل الى الدم والارهاب.
ولكن دعونا من الجعفري فهو اصبح من الماضي، ولنتكلم عن المستقبل، فمن الواضح ان لا حل سياسيا ممكنا في سوريا بعد اليوم وبعد كل هذا القتل، ولا مفاوضات ممكنة بعد كل هذا الاجرام انما هناك حل عسكري قد ياتي على يد الجيش السوري الحر.
ولكن لهذا الحل شروط واضحة اولها دعم ومد الجيش السوري الحر بكل المستلزمات المطلوبة من اجل اسقاط نظام الاسد، وثانيها فرض منطقة حظر جوي لحماية المدنيين، وفرض حصار بالتالي على تحرك اليات ودبابات ومدرعات جيش النظام.
اما اذا ظلت دول الغرب تكتفي ببيانات التنديد، فهي ستكون شريكة روسيا والصين بتغطية مجازر النظام واطالة امد اجرام بشار الاسود.
موقع لبنان الآن