سوريا: الموقف الروسي سيئ
علي حمادة
كل من اطلعوا عن قرب على الموقف الروسي في الايام القليلة المنصرمة، ومن بينهم النائب وليد جنبلاط العائد البارحة من موسكو، يعترفون بأنه سيئ جدا في ما يتعلق بالازمة السورية، وكأن المسؤولين اتخذوا قرارا كبيرا يقضي بالدفاع عن النظام في سوريا وبشار الاسد كدفاعهم عن موسكو نفسها! ثمة تصلب كبير في كلام المسؤولين الروس، الامر الذي يفسر الى حد بعيد اعلان نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف “ان موسكو لن تدعم أي مشروع قرار في مجلس الامن الدولي يدعو الرئيس السوري بشار الاسد الى التنحي”. أكثر من ذلك، ينقل عائدون من موسكو ان المسألة بالنسبة الى القيادة الروسية لا يمكن تلخيصها بصفقات تجارية، او تسليحية من هنا او هناك، بل بالحوار الاستراتيجي الكبير بين موسكو وواشنطن: بعضه متعلق بالمدى الحيوي الاستراتيجي لروسيا الاتحادية في اوروبا وآسيا الوسطى، وبعضه الآخر بالدرع الصاروخية التي تنوي الولايات المتحدة نشرها في اوروبا الشرقية سابقا، وتركيا تحت بند حماية الغرب من الصواريخ الباليستية الايرانية، وبعضها الثالث متعلق بالتدخل الاميركي – الغربي في الشؤون الداخلية الروسية، ولا سيما الحراك الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية الغربية التي تشجع المجتمع المدني الروسي على تحدي سلطة فلاديمير بوتين المرشح للرئاسة والمتوقع ان يعود اليها في مطلع شهر آذار المقبل، اما العامل السوري البحت فيعتبر الذين اطلعوا أخيرا على الموقف الروسي أنه ليس في صلب المعادلة الكبرى إلا بمقدار ما يتم استخدام ورقة منع سقوط بشار الاسد رافعة في ملفات اخرى، وبهذا المعنى فإن بشار هو رهينة الحوار الاستراتيجي الكبير الحاصل اليوم بين موسكو وواشنطن.
بشار الاسد ليس مهما في المحصلة الاخيرة، فهو متهالك وضعيف ومكروه من معظم شعبه، ويواجه ثورة عارمة في الداخل، وقد تلطخت يداه بدماء آلاف السوريين، وبوتين يعرف ان لا امكان لإعادة تعويم ابن حافظ الاسد. ان قدرة موسكو على انقاذه معدومة، وقدرتها على تعويم النظام معنويا واقتصاديا معدومة ايضا. ولكن قدرتها على تأخير الاستحقاق النهائي قائمة، والثمن هو مزيد من شلالات الدم في سوريا، ومزيد من الاطفال يقتلون، وانحدار مؤكد نحو شكل من أشكال الحرب الاهلية، حيث ان الثوار السلميين لن يمر وقت طويل قبل ان يتجهوا هم ايضا على غرار الجيش السوري الحر الى الاحتكام الى السلاح في مواجهة نظام يقتل الناس بهذا الشكل الوحشي.
إزاء هذا الموقف الروسي، لا يجوز التوقف عن محاصرته في المحافل الدولية، ودور العرب هنا اساسي في تحطيم كل شرعية لبشار الاسد ونظامه، وقد كان قرار حمد بن جاسم التوجه الى مجلس الامن باسم المجموعة العربية أمرا جيدا. وفي الوقت عينه لا بد من تكثيف الدعم للثوار. وفي النهاية لا بد من أن يسقط نظام صار في عيون ملايين السوريين أسوأ من اسرائيل بأشواط!
النهار