سوريا: النظام يسطو على أموال الشركات المعارضة/ سلام السعدي
لم يتوقف النظام السوري عن تشديد الخناق على الشركات العاملة في سوريا والتي يشك في الولاء السياسي لمالكيها. وعندما دعم بعض رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات الإقتصادية المتوسطة نشاطات متعددة خلال الثورة، واجهوا نتيجة ذلك انتقام النظام باعتقالهم أو بإغلاق منشآتهم ومصادرة أموالهم، وذلك بعد توجيه اتهامات سياسية مباشرة لهم تتعلق بـ”دعم الإرهاب”، أو اتهامات جنائية كالاحتيال والفساد.
وقد شهد شهر آب الجاري تكثيفاً لملاحقة الشركات ورجال الأعمال المتواجدين في سوريا أو خارجها. فقبل يومين أصدرت “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، قراراً يقضي بنقل ملكية رجل الأعمال السوري فراس طلاس في الشركة السورية للأسمنت “لافارج”، بحيث يجري تسجيلها باسم “وزارة المالية” السورية.
ووفقاً للقرار الذي نشرته صحف رسمية ومواقع الكترونية مقربة من النظام السوري، تبلغ حصة طلاس في شركة الإسمنت نحو 200 مليون ليرة تعادل 1.333 في المئة من رأسمال الشركة.
وكان فراس طلاس، الابن الأكبر لوزير الدفاع السوري الأسبق مصطفى طلاس، قد أعلن دعمه للثورة بعد أن غادر سوريا في مطلع العام 2012. ويدير طلاس مجموعة “ماس” الاقتصادية ومنشآت وأعمال مختلفة، وكان يعتبر أحد رموز الدائرة الاقتصادية المقربة من السلطة التي تقاسمت موارد البلاد وعممت والبؤس والفقر على الغالبية الساحقة من السوريين.
وكانت “وزارة المالية” قد أصدرت في وقت سابق قراراً بالحجز على أموال طلاس وزوجته سيدة الأعمال رانيا الجابري. وذلك “ضماناً لحقوق الدولة والأفراد” كما جاء في نص القرار.
وفي السياق نفسه، ألغت وزارة الصناعة السورية قبل أيام تراخيص سجلات صناعية لثلاث شركات “ثبت تورطها في علاقات مشبوهة مع المجموعات الإرهابية المسلحة في ريف دمشق”، كما أوردت صحيفة الوطن المحلية الموالية للنظام.
واتهم القرار شركات صناعية بـ “تمويل المجموعات الإرهابية المسلحة في مدينة دوما بريف دمشق، وهي شركة الراشد الغذائية وتعمل في مجال تكرير ملح الطعام المبلور، وشركة راشد – زنوبيا لتكرير وتصنيع الملح، وشركة كريستال لصناعة الكونسروة”.
وتوقعت الصحيفة أن لا يكون ذلك القرار هو الأول من نوعه في هذا السياق، إذ “من المتوقع أن تكون قرارات أخرى سبقته بالصدور وأوقفت عدداً من الشركات التي ساهمت بدعم الجماعات الإرهابية المسلحة”.
وبالفعل، فقد ترافق هذا القرار مع إعلان مصادر قضائية لصحيفة حكومية عن ارتفاع عدد الشركات “التي تُحاكم أمام القضاء السوري نتيجة مخالفات قانونية” وقد وصل عددها وفقاً لتلك المصادر إلى 20 شركة، في حين وصل عدد التجار الذين يحاكمون بتهم مختلفة إلى نحو 100 تاجر. وتتراوح التهم الموجهة لهم بين الفساد والتهرب الضريبي.
يذكر أن عدد الدعاوى التجارية المنظور بها في المحكمة التجارية البدائية بدمشق، بلغ حوالي 528 دعوى تجارية، ولاسيما على التجار الذين غادروا البلاد من دون تسديد الديون والضرائب المترتبة عليهم.
وكانت وزارة المالية قد أصدرت في شهر آذار من العام الجاري قراراً بإلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لنحو ست عشرة شخصية من بينهم وزير سابق وذلك بتهمة “إدارة شبكة إرهابية منظمة بقصد تحريض الشباب السوريين على العمل المسلح ضد الدولة وتحريض الجهاديين الإرهابيين من مختلف دول العالم على الدخول إلى الأراضي السورية”.
ولا تشكل تلك الشخصيات سوى غيض من فيض، ففي ظل انخفاض إيرادات الدولة والارتفاع الحاد في نفقاتها وخصوصاً العسكرية، بات النظام ينتهج كل الطرق الممكنة لتحصيل الأموال. وأحد أهم تلك الطرق، هي السطو على أموال رجال الأعمال والشخصيات المعارضة للنظام، أو التي يشك بولائها لها.
المدن