سوريا: النظام “يشبع” شعبه رواتب وهمية/ سالم ناصيف
يُكثر النظام السوري في هذه الفترة من إصدار المراسيم والقرارات التي يحاول عبرها إيهام الشعب السوري بأنه يواكب متغيرات الأزمة، ليخفف من وقعها السلبي على الشعب. لكن في الحقيقة، أن مراسيم النظام تستفيد من المتغيرات لـ”تُشبع” الشعب رواتب وهمية، لا تتناسب مع حجم التغيرات المالية في السوق السورية. ولا تؤشر الحركة الاقتصادية للمواطنين على أي إنفراجات جراء الزيادات، فالمرسوم التشريعي الرقم 41 لعام 2015، الذي أقر عشية عيد الاضحى، والذي أتى بعد انخفاض الليرة إلى عتبة 330 مقابل الدولار، قضى بزيادة مبلغ مقطوع قدره 2500 ليرة إلى الرواتب والأجور الشهرية للموظفين، أي ما يعادل 7 دولارات ونصف، لكنّه لم يقدم أي تغييرات ملموسة.
المرسوم منح الزيادة المقطوعة المنصوص عليها لجميع الموظفين في القطاع العام، الدائمين منهم والمؤقتين، وكذلك للموظفين بموجب عقود شهرية أو موسمية، وللمياومين والوكلاء.
كما منحت الزيادة نفسها لموظفي التقاعد وأسر المتوفين منهم. وخصّ المرسوم موظفي القطاع المشترك بزيادة 2500 ليرة على الرواتب، على أن يتقاضاها موظفو مؤسسات القطاع المشترك التي تمتلك الدولة نسبة 75% من أسهمها.
الزيادة على الرواتب طال انتظارها في سوريا من قبل فئة الموظفين التي باتت تعتبر أشد فقراً والأكثر تأثراً بالارتفاع المتواصل لأسعار المواد الغذائية. وسبق أن وضعت تلك الزيادة قيد الدراسة من قبل وزارة المال في الحكومة منذ بداية هذا العام ولكن تصاريح متناقضة كانت “تسوّف” أمر إقرارها، حتى خرج المرسوم التشريعي المخيب لآمال أكثر الموظفين. حيث كان من المنتظر أن تخرج الزيادة بنسبة 50% على الأجور والرواتب لتعين أصحابها على العيش في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بسوريا.
مصدر اقتصادي سوري، فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، ذكر لـ “المدن” أن “الزيادة على الرواتب كان يفترض أن تصدر منذ 5 أشهر على الأقل، لكن العقل السياسي لحكومة الأسد لا يزال ينتهج النهج المعتاد نفسه. فمن المعروف أن أي زيادة يتم استباقها بالعديد من التصاريح الصحفية المتناقضة لأشخاص من الحكومة، حتى يبدو أن إقرار أي زيادة بعيد المنال. بعد ذلك يصار إلى إقرارها بمرسوم يصدر عن بشار الأسد ليظهر بأنه تدخل شخصياً لحسم ذلك الجدل. ومن هنا تأتي تسمية الزيادات على الأجور والرواتب بالمكرمة التي يمنّ بها بشار الأسد على الشعب الجائع”.
وخلافاً لما يشاع، لا تشكل هذه الزيادة على الأجور والرواتب أي أعباء مالية إضافية على الخزينة السورية. فقد جرى إقرارها بعد هبوط في قيمة الليرة من 285 ليرة إلى حدود 330 ليرة، ومن المعروف أن النظام يعتمد على الدولار في عمليات الإدخار، بينما عملياته المالية الجارية يتم تداولها بالليرة السورية، ومنها مسألة دفع الرواتب الشهرية، بينما لايزال خط اعتماد النظام المالي الداعم له يأتيه بالقطع الأجنبي، فضلاً عما تدر عليه تجارته الخارجية من العملة الصعبة.
وكانت كتلة الرواتب تشغل قبل هذه الزيادة نحو 609 مليار ليرة سنوياً حسب بيانات وزارة المالية. وفيما لو تم احتساب نسبة هبوط الليرة خلال الشهرين الأخيرين ستكون تلك الزيادة بمثابة فروق أسعار لا زيادة فعلية، حسب ما يرى المصدر. ويضيف أن الكتلة المالية التي تشغلها الرواتب من الخزينة، شهدت الكثير من حالات الوفرة جراء خروج عشرات الآلاف من العاملين من وظائفهم، إما بفعل قرارات الفصل الصادرة عن النظام أو نتيجة سفر أصحاب تلك الرواتب خارج سوريا. فضلاً عن حالات الوفرة في الكتل المالية للرواتب الممنوحة لموظفين يقطنون في مناطق خرجت عن سلطة النظام ولا يمكنهم السفر لمناطق أخرى لتقاضي رواتبهم.
وكان دخل فئة الموظفين قد تضرر بشكل كبير جراء تراجع قيمة الليرة السورية أمام الدولار لسبع مرات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. وبالرغم من إقرار الحكومة السورية لأربع زيادات على الرواتب منذ عام 2011 بقيت القيمة الشرائية لكل راتب لا تناهز ثلث ما كانت عليه قبل العام 2011.
المدن