سوريا : كذبة العاشر من أبريل دموية !
ناصر الصرامي
رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قال إنّ موضوع سحب القوات السورية من المدن مجرّد كذبة، وإنّ النظام السوري يتظاهر بسحب قواته ولكنه مستمر بقتل الأشخاص يومياً.
وهنا المهم، فمهما كانت أعذار المجتمع الدولي لحماية المدنيين، إلاّ أنّ انسحاباً تكتيكياً وشكلياً محدوداً لا يعني أبداً حماية للشعب السوري ضد آلة القتل الأسدية، في أبشع صورها، وفي استعراضها أمام العالم مباشرة وعبر أجهزة الهواتف المحمولة.
وإذا كان مجلس الأمن الدولي قد وافق على بيان رئاسي على تحديد العاشر من أبريل مهلة للنظام السوري لوقف أعمال العنف، والالتزام بتنفيذ خطة عنان فوراً وسحب جيش النظام من المدن والتجمعات السكانية، ووقف استخدام الأسلحة الثقيلة …
ومطالبة المعارضة الضعيفة عسكرياً – بوقف العنف في غضون 48 ساعة من تنفيذ تلك الإجراءات، وفي إطار ما أسماه المجلس الأممي بالتسوية السياسية السلمية للأزمة …
.. إلاّ أنّ هذه المحاولة للتسوية السلمية لا يتوقع لها النجاح، بل هاهي تسقط قبل تنفيذها، وحين تصل حاملة جنود أو مدرعة وعلى متنها العشرات من جنود جيش النظام، ثم تنسحب قطع منها خارج بعض الأحياء، مبقية الجنود والقنّاصة في مواقعهم، يعنى أننا أمام سحب للآليات فقط، لا إيقاف فعلي لقتل الشعب السوري وإرهابه من قِبل نظام الأسد وبشكل استعراضي فاضح.
ماذا سيحدث لو تم الانسحاب بالفعل..؟
لو حدث وخرجت القوات السورية – الجيش السوري التابع للنظام -، فإنّ الجيش الحر لن يجد ببساطة من يواجهه، وسيبقى في خنادقه، أو منازله، وقد يضع السلاح جانباً لينضم للمظاهرات السلمية التي ستتحرك مجدداً، وبشكل أكثر كثافة من السابق، وبزخم أكبر وفي إطار التظاهر السلمي، قد تكون فرصة للمزيد من المساعدات الإنسانية والطبية، وحينها سيكتشف العالم حجم المأساة التي صنعها النظام بين الشعب السوري بأطفاله ونسائه ورجاله.
العودة للتظاهر وكشف الصورة الكاملة للمأساة من الداخل، والتي لم ير العالم سوى 20% من حجمها الفعلي – طبقاً لنشطاء سوريين -، ستكون بالنسبة للنظام ذريعة، أو قد تكون لديه – كما عوّدنا – قصة جاهزة سلفاً لافتعال حدث ما، وإفشال الخطة الأممية بالكامل، وهو ما يمكن قراءته في طلب سفير نظام الأسد لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري بالتزام خطي من المعارضة بعدم محاولتها استغلال انسحاب قوات النظام للسيطرة على المناطق التي تتراجع منها!.
وبالتالي للعودة للأسلوب القديم، وهو خيار النظام المفضل – إنْ لم يكن الوحيد – لفض التظاهرات السلمية عبر القتل والترويع…
أي العودة إلى المربع الأول، بل قد يكون أكثر شراسة، فيما الثورة السورية تدخل عامها الثاني، حينها فقط سيكتشف العالم ولو متأخراً وبعد العاشر من أبريل، أنّ النظام الأسدي منتهي الصلاحية ولن تنفع معه إلاّ المواجهة الصارمة، وهي اللغة الوحيدة التي قد يفهمها..
*نقلاً عن صحيفة “الجزيرة” السعودية