سوريا والامتناع الأردني
في الوقت الذي ينتقد فيه الروس والصينيون واللبنانيون لمواقفهم المتخاذلة، الجميع يتحاشى لوم الأردنيين جيران سوريا، حيث يوجد على حدودهم شعب يذبح.
والوضع في سوريا سيمس الجارتين الأردن وتركيا مهما كان موقفهما، ولن يفلح تبنيهما سياسة النعامة بدفن رأسها في الرمل على أمل أن يتجاوزها الخطر الذي لا تريد أن تراه. الرحلة من الحدود الأردنية للعاصمة السورية بالسيارة تستغرق فقط ساعة واحدة بالسيارة، أكثر قليلا من مائة كيلومتر، وهذا يوضح حجم وخطر تأثير وضع سوريا على الأردن.
وكل الدول الحدودية لن تكون بمنأى عما يحدث في سوريا إن هي استمرت تنتظر أن يسقط النظام أو تموت الثورة. وفي البداية رفع الأتراك سقف توقعات الجميع ثم اكتفوا كعادتهم بخوض معارك كلامية. أما الأردن الذي عودنا أن له رأيا في كل شأن سياسي، العراق والبحرين ولبنان مثلا، فقد لوحظ صمته. ظل صامتا في حين أن أصوات القصف في درعا تسمع على الجانب الحدودي من الأردن. صمت الأردن أكثر حضورا من كلامه!
والصمت يشي بالكثير، وهنا أحاول أن أفهم انعزالية السياسة الأردنية حيال الحدث السوري الخطير جدا. فالأردن يخشى النظام السوري لأنه يعرف أنه لن يتورع عن إشعال الفوضى بإرسال مسلحيه وشبيحته عبر الحدود، وتحريك بعض القوى داخل الأردن، لكننا نعرف أن الأغلبية الساحقة للأردنيين هي مع الشعب السوري وليس العكس. وربما سبب صمت الأردن لأنه ليس متحمسا لسقوط النظام السوري هو الخوف من أن تتسنم السلطة في دمشق جماعات دينية متطرفة تربك الساحة الأردنية.
ولا نستطيع أن نحمل دولة بإمكانات محدودة، مثل الأردن، أكثر مما تحتمل، لكن أيضا ليست المخاوف التي أوردتها مبررات واقعية للحياد السلبي. إن بقي محايدا فسيجد نفسه بعيدا عن التأثير الإيجابي على مستقبل سوريا، وإن انخرط بدرجة ما، فإنه في واقع الأمر يدافع عن نفسه ومصالحه.