رفيق خوري
ليس ما بعد قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة في الشأن السوري سوى استمرار لما كان قبل. شيء من مقولة كلاوزفيتز ان الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل اخرى. وشيء من موقف لينين المعاكس الذي يعتبر في الممارسة ان السياسة هي استمرار للحرب بوسائل اخرى. فلا تغيير في ايقاع الاحداث اليومية في سوريا: النظام مستمر في الحل الامني – العسكري وعرض الحل السياسي. والمتظاهرون مستمرون في النزول الى الشارع للمطالبة مع المعارضين باسقاط النظام. ولا تبديل في المواقف الخارجية من الصراع في سوريا والصراع الاكبر عليها، وان كشف القرار بأكثرية ١٣٧ دولة ومعارضة ١٢ وامتناع ١٧ احجام الاصطفاف في المواقع.
ذلك ان المأزق واحد، وان تعددت القراءات في القرار. فالثوابت كما المتغيرات في مأزق. والذين صوتوا مع وضد وبالامتناع يعرفون ان قرارات الجمعية العمومية هي في مرتبة توصيات. لكن من الصعب تجاهل الوقع المعنوي للقرار ومحاولات توظيفه في اللعبة الكبيرة. اذ هو حركة على رقعة الشطرنج بعدما تعطلت الحركة في مجلس الامن بالفيتو الروسي – الصيني.
والقرار، الى جانب مؤتمر اصدقاء سوريا الذي تستضيفه تونس يوم ٢٤ الجاري، رسالة عربية – غربية الى اكثر من عنوان في طليعتها العنوان الروسي. فما يريد العرب والغرب قوله لموسكو هو ان روسيا دولة عظمى في مجلس الامن لا خارجه. وما ترد به موسكو التي تتصرف على اساس ان معركة سوريا هي معركة روسيا، هو التأكيد بالقول والفعل انها قوة عظمى في مجلس الامن وخارجه ولها دور ومصالح يجب اخذها بالاعتبار. كذلك الامر بالنسبة الى الصين التي خاطبت الاميركان والاوروبيين ببيان لوزارة الخارجية يقول: تعودوا سماع صوتنا على المسرح الدولي ويجب ان تتكيفوا مع الدور الجديد للصين.
لكن المأزق، تكراراً، واحد: السير على طريقين مختلفين لا يقودان الى مكان بالنسبة الى الحل. فالمظلة الدولية لقرارات الجامعة العربية لن تعطيها قوة لأن المبادرة نفسها مرفوضة في دمشق. والاستفتاء على الدستور الجديد يوم ٢٦ الجاري مرفوض من المعارضين في الداخل والخارج لسببين: اولهما ان وقف العنف شرط لأي حل سياسي، في حين يرى النظام ان الحل الامني – العسكري محطة اجبارية على طريق الحل السياسي. وثانيهما ان مشروع الدستور هو من صنع النظام وليس حصيلة حوار، وان من يشرف على الاستفتاء هو السلطة الحالية لا حكومة الوحدة الوطنية.
وليس بين القوى الداخلية والخارجية من يريد او يستطيع التراجع عن موقفه، مهما يكن الثمن في اي سيناريو.
الأنوار
