سميح صعب
ربما لم يتوقع العرب ان تقابل دعوتهم مجلس الامن الى ارسال قوات حفظ سلام عربية – أممية الى سوريا بهذا البرود في الغرب. فالمطروح اميركياً واوروبياً وتركياً من “ممرات انسانية” لا يلبي الحد الادنى من خطة جامعة الدول العربية لاسقاط النظام السوري بالقوة بعدما بدا ان معارضة الداخل سواء أكانت سلمية أم مسلحة غير قادرة على تحقيق هذا الهدف.
والبطء الغربي ناجم عن حسابات باردة لعواقب التدخل العسكري في تكرار للسيناريو الليبي. فلو كانت الولايات المتحدة ترى ان التدخل العسكري يخدم مصلحتها لكانت تجاوزت مجلس الامن وانشأت حلفاً مماثلاً لذلك الذي غزت به العراق عام 2003. ولكن لا بد ان ثمة مانعاً يحول دون رغبة اميركا في التورط المباشر عسكرياً في الأزمة السورية. هل هو الدرس العراقي؟ ام هو الدرس الافغاني؟ أم هو الخوف من ان يؤدي التورط الخارجي الى زيادة الازمة تفاقماً بحيث تطاول دول الجوار بما فيها اسرائيل؟
بيد ان الحسابات الغربية في ما يتعلق بالتورط المباشر لن تمنع بعض الدول العربية ولا سيما منها الخليجية من ان تقدم الى المعارضة السورية “كل اشكال الدعم”، كما جاء في القرار الاخير لوزراء الخارجية العرب.
وخطوة عربية كهذه تعني حرباً اهلية في سوريا قد تمتد وتمتد سنوات ما دام النظام السوري يحظى بدعم روسي وايراني، ولا يعني في أي حال من الاحوال انتقالاً بسوريا من نظام الى نظام.
واذا ما اضيف الى الدعم الذي ستقدمه الدول الخليجية للمعارضة كي تقلب نظام الرئيس بشار الاسد، دخول الحركات الاسلامية الجهادية الساحة السورية كما دخلت الساحة العراقية من قبل، فإن ذلك من شأنه تحويل سوريا الى ما كانت عليه اسبانيا عام 1936 عندما تحولت ساحة لكل القوى الاوروبية من فاشية ونازية وشيوعية وديموقراطية كلها تتقاتل على الساحة الاسبانية الى حين حسم الصراع لمصلحة الجنرال فرانكو.
واليوم يقف معظم العرب بدعم من الغرب الذي سيصل الى المرحلة التي يبدأ فيها تسليح المعارضة السورية على غرار دول الخليج العربية، فيما يتمتع النظام بدعم من ايران وروسيا، وتالياً تتحول ارض سوريا ارضاً لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية، مما يمد في عمر الازمة.
مثل هذا الصراع فوق الارض السورية، سيكون نقطة تحول ليس في ما بات يعرف بـ”الربيع العربي”، بل سيكون منطلقاً لصراعات اخرى تتمدد الى الجوار، لانه ما من حرب اهلية في أي بلد في العالم بقيت محصورة ضمن البلد الذي نشبت فيه.
هل يستدرك من يدفعون سوريا في هذا الاتجاه خطأهم، قبل ان تنفتح ابواب الجحيم؟
النهار
