سينما القاتل/ أحمد باشا
“بين الـ22 من الشهر الجاري وحتى الـ30 منه، تقام في مدينة حلب فعاليات احتفالية “حلب عاصمة للسينما السورية””، هذا ليس خبراً من كوكب آخر وزمن آخر، بل ما نقلته “سانا” وطافت به بقايا صحف النظام ومواقعه، في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم (أو لا تتجه!) إلى تدمير “الشهباء” وإبادة وتهجير أهلها.
ليس الانفصال عن الواقع جديداً على ماكينات النظام، فجوقته الإعلامية لم تتورع سابقاً عن أخبار وفعاليات سريالية كهذه، وها هي تبتكر “حلب عاصمة للسينما السورية” في وقت لم يبق نظامها وأسياده في المدينة سوى مشهد الإبادة.
لم تهمّش وتهشّم ديموغرافياً ومعمارياً مدينة كما همّشت وهشّمت حلب، قبل الثورة السورية وبعدها، ولم تُسحق هوية مدينة كما سُحقت هويتها. وبعد أن نُكّل بأهلها، ودمّرت آثارها وأسواقها التاريخية خلال حرب النظام الباسل على شعبه الإرهابي والعميل إلخ، ها هي إحدى منارات الشرق والعالم تتحول إلى أنقاض وشاشة لجنون الاستبداد وهذيانه.
ما سيبقى طويلاً في ذاكرة الشهباء، وذاكرة المنطقة كلها، أن حلب لم تشهد وتعرف عبر تاريخها الطويل خراباً كالذي تشهده في عصر من سمّوها عاصمة للسينما السورية. ستعرض “الاحتفالية” أفلاماً صُوّر بعضها على ظهر الدبابة وهي تدخل بيوت المهجّرين والمغيّبين والقتلى، ستتماهى سينما القاتل مع ذاتها وحقيقتها.
العربي الجديد