شبيحة الأسد يصعدون إلى الجبل، ليُنزلوه إلى عندهم….
فاضل الخطيب
الحديث المكشوف بطائفيته ومذهبيته لا يعني هنا أنني كذلك، بل هو فضح ما يتهيب البعض الحديث عنه، أو جعله “مستوراً” يبقى ضمن الجدران وخلف الأبواب و”الماسينجرات”.. ملاحظات بعضها “فيسبوكية” عن موقف بعض الدروز، وعن بعض نشاط الإسلام السياسي وبعبعه الذي يصنعه الإسلاميون أنفسهم.!..
يعتقد الدروز بقداسة العقل حتى “تأليهه”!..
كلما اقترب الدرزي من الطاغية، ابتعد عن إله العقل!. قام بعض دروز لبنان يقودهم طلال أرسلان بزيارة لطاغية سورية الذي يضحك عليه العالم قرفاً وتقززاً! ويعمل البعض جاهداً كي يكون بعض دروز لبنان حصان طروادة، بعد أن سقط جبل العرب “بحمير” طروادة!. يحاول هذا البعض جعل السويداء ملعباً للصبية يحدد مصيرها أزلام نصر الله..
العالم يغلق الباب خلف الطاغية، ويحاول صغارنا فتح النوافذ له. لقد ظهر الأمير في حضرة الطاغية أمير اكسسوار، وشيخ عقله أكسسوار، ومشايخه شهود زور أكسسوار!. يتيم ذلك العقل إذا كان أميره وشيخه أكسسوار.. إله العقل يدفن وجهه خجلاً، ويعلّق السماء على روح طفلٍ شهيد، ويأخذ استراحة تنظيف الأكسسوار، وحتى تلك اللحظة من العار تركه إله إكسسوار..
عندما قام سلطان الأطرش بتفجير ثورته، كان أكثر أهل الجبل وكل رجال دينه “عقلانيين” كثيراً، واستخدموا نفس الحجة الواهية تقريباً، وبعد أن ظهرت نبتات الكرامة التي زرعها سلطان، صار الجميع يتبارى للظهور كمناصر له/ا، صار الجميع يريد أن يأخذ صورة مشتركة مع الباشا.. الرجولة والعقلانية والكرامة تقول أنه يجب ملاقاتها وليس انتظارها أو الهروب منها وحين تسقط علينا ننهض من غفلتنا لترديد الجوفيات.. قناعتي أن تواطؤ بعض رموز الجبل الحاليين سيكلف الجبل كثيراً، وسيأتي الوقت الذي يصبح فيه وئام وهاب ومن شرب القهوة معه أو استقبله أو سكت على نذالته، سيصبح عاراً يظهر في طعم قهوته وسمن مضافته وعلى جبينه وحطته وعمامته وعلى ربطة عنقه..
في لحظة الكرامة تتضح الألوان كثيراً، والحديث عن تجنيب الجبل الحرب هو اعتراف بجريمة الهروب والمساهمة في جلب الذل للجبل، الحديث التبريري هو الطلاق مع الرجولة الجبلية، هو إطلاق النار على سلطان الأطرش وكمال جنبلاط وعلى معركة المزرعة وكل التاريخ الذي يجتره البعض ويدفعه ثمناً للعلف وللمازوت..
كنت أقول مع نفسي، أنه يجب التعامل مع البعض على قد عقلاته! لكنه عندما نرى بعض عمامات العقل تخضع ذلاً لطاغية بلا عقل، يصبح التعامل معهم يحدده حجم تواطئهم وذلّهم!. غريبٌ وعجيبٌ إيمانهم عندما يقف “عقلهم” تحت جهلهم..
أرى إله عقلك يا جبل حوران يهرب من بؤسائه، أراه يركض وراء ثوار بلادي، أراه يضمد جراحات الشهداء عنده، أراه يصدح مع القاشوش “الشعب يريد إسقاط النظام!”..
تصريحات الذلّ والولاء التي يطلقها شيوخ دروز من لبنان وسوريا، تجعل “عمائمكم” قطع قماش فقط، تجعلكم متواطئون على الجبل وبازلته وقهوته وعلى إله عقله.. ألا تخجلون من أياديكم التي تصافح اليد الملطخة بدم أطفال درعا؟ هذا الإله الذي تعرفون لا أعرفه، وسأقف ضده حتى يردعكم أو تتوبوا إلى أطفال درعا!..
لماذا يتسابق البعض على ملاقاة وملاحقة الذلّ؟ لماذا ينفخ بعض رجال دروز لبنان في قربة أسدية مثقوبة ؟ لماذا يعملون تنفساً اصطناعياً لجثة هامدة يرفض العالم الصلاة عليها؟ لماذا يبتعدون عن إله المحبة والعقل؟ لماذا تسير تلك العمامات وراء أمير يركع تقبيلاً عند جزمة عسكري مجرم؟ لماذا تحفظون ثقافة الطلائع أكثر من ثقافة عمار بن ياسر والحلاج؟. ارجعوا مع أميركم وسكاكره وشوكولاته واتركونا، فعندنا في الجبل ما يكفي إساءة لتاريخ ألف عام!.
مشايخ دروز من لبنان يتقدمهم أمير درزي من لبنان يقدمون الولاء لطاغية سورية، ولا يملك أي واحد منهم شجاعة السئوال عن اختطاف شبيحة نصر الله السيد شبلي العيسمي ابن العقد التاسع من بين بيوتهم في لبنان ومنذ نصف عام وسجنه في سوريا!
عندما تصبح العمامة ولابسها طرد بريدي لتجميل الطاغية، عندما تصبح بيضة قبان -كما يحلو للبعض، عندها تفقد بياضها وبريدها الروحي والأخلاقي..
الأخلاق لا تحددها قدرة قوات هذا الطاغية أو ضعف ذاك الحراك! الأخلاق لا تحددها السياسة البراغماتية النفعية الآنية..
بياض العمامة ليس بيضة قبان ولا ديك حبش..
خطاب شيخ عقل دروز لبنان سياسي من كعب دست “أخوان الصفا” وحكمة الحلاج، خطاب سياسي من عقل أبو العلاء وهرمس الهرامسة، بس خربطت سماحتك بين زيارة النبي هابيل وقصر هُبل، بين ملحمة الحلاج وملحمة الأسد، بين معنى “معت” الفرعونية وبين مدح الطاغية.. إننا بفضحهم ندافع عن كرامتنا وتاريخ أجدادنا، نرد الضيم والذل عن جبلنا وأحرارنا، إننا بفضحهم نساهم بمسح دمعة أم ثكلى وصرخة حبيبة على زوجها أو أخوها.. إن الوقوف ضد ذلهم هو رد إذلالهم عنا…
(الثورات أكبر من أن يستوعبها أي تنظيم مهما كبر وأن يختطف مسارها أي مذهب أو ديانة أو قومية، ولا أن يتسلق عليها هاوي رياضة!. ولابد من الاعتراف بأنه بدأت تظهر تغييرات على فكر التيارات الإسلامية المساهمة في التحولات العصرية الجديدة، ومن واجب قوى الثورة الشبابية أن تتعامل بإيجابية وحذر والانتقاد بشجاعة عند الحاجة وبدون مواقف مسبقة. ومن المفيد والضروري التنبّه لعدم الوقوع في مصيدة أنصار النظام المنهار بتبرير قمع الثورة بحجة أن سقوط النظام سيكون خدمة للإسلاميين. ومن جهة أخرى نرى أن سلفيي إسلام اليوم، هم سلفيو رجال كنيسة أوربا في العصر الوسيط.. الإسلام يعيش مرحلة مخاض وتجديد كالتي عاشتها الكنيسة قبل قرون، ونتائجها ستكون إيجابية للمجتمع وتطوره)…
“طز” أخونجية مصر تصل سوريا، وهي غير لائقة في زمن الثورة!.. في مقابلة قبل فترة قصيرة مع صحيفة “كردووتش”، ورداً على سؤالها: “لماذا لا تتخلون عن تسمية «العربي» وتتحدثون عن الهوية السورية فقط؟”. قال السيد زهير سالم، القيادي في جماعة الأخوان المسلمين السورية: “لا لا. طز بالهوية السورية! نحن لا نعترف بسوريا هذه. من اختلق سوريا؟ أليست اتفاقية سايكس-بيكو؟”.. وكان حضرته/م علّق/وا معارضتهم لنظام الأسد إبّان الحرب على غزة قبل عدة سنوات، ومعروفة مناشداته/م للأسد ووساطات القرضاوي وقتها، ومعروفة مصطلحاته ضمن مقالات المناشدة، حيث استخدم تعبير “نحن” مرات عديدة في إشارته لوحدة الشعب السوري مع “قيادته” الأسدية!. وأنا أسال: هل هذه امتداد للـ”طز في مصر وأبو مصر” التي رددها القيادي الأخونجي المصري قبل حوالي سنتين؟ أم هي “طز” القذافي وشريف شحاذة؟. هل هذا هو التطور في رؤيتهم لهدف الثورة “سورية بدها حرية؟!”. أيها الإسلاميون تعقلّوا! “طزكم” وأخواتها وأخوانها هي كوابح في قطار الثورة، وعبثكم في مؤتمرات المعارضة وأسماء بعض “البناطيل” منكم تجعل ثغرات الثورة نوافذ، ومن تلك النوافذ أبواباً للتسلل غير البريء.. سوريا عمرها أكثر من سبعة آلاف سنة..
في كل نقيصة وطنية ارتكبها نظام الأسد، أرى “جزءً” من المسئولية على الإسلام السياسي، لأنه يعطي مبرراً للحجة الكاذبة، للغطاء الدولي وتجاهل جرائمه، للمظلة المثقوبة، للتشويه الأخلاقي.. في كل تقصيرٍ وانحرافٍ ترتكبه المعارضة الوطنية، أرى “جزءً كبيراً” من المسئولية على الإسلام السياسي، بتعليقه معارضته وتعليق التعليق، لأنه يريد الهيمنة، “دحش” زلمه المقنعة، استبعاد العلمانيين وإجهاض دورهم، الالتفاف على الوطن وتحجيمه خدمة للإيديولوجيا.. لا تطعنوننا أكثر، لأنه لا يخدم إلا الأسد..
لماذا يُصرّ بعض الإسلاميين السلفيين القروسطيين على أن الإسلام هو الحل! ودين الدولة هو الإسلام!.. هل مؤسسة البريد المسلمة توصل الرسائل أفضل من مؤسسة البريد الهندوسية؟ إذا كان يجب المحافظة على كل شيء ورد في الإسلام منذ 1430 سنة، هذا يعني أنه يجب استخدام الحمام الزاجل، وتسليح الجيوش المسلمة بالسيوف، ورمي الموبايلات والميكروفونات و…إلخ.. استخدام تقنيات هذا العصر أمرٌ جيد وعقلاني، وترك مالا يستقيم في هذا العصر من أفكار هو أيضاً أمرٌ جيد وعقلاني. الدين ليس قيود، لا تحبسوه كي لا تعيشوا في حبسه!..
كل ما دقّ الكوز بالجرة، يسحب أنصار النظام وأنصاف أنصاره والمتفرجون، ورقة خدام والأخوان.. وهذا هو الهروب من الحديث عن التناقض الرئيسي وهو مع عائلة الأسد.. لا يمكن الوصول إلى كشف حقيقة اتهاماتهم لخدام إلا بعد القضاء على النظام وإقامة دولة القانون.. من يريد الحكم على خدام، عليه أولاً العمل على إسقاط النظام.. الخلط بين التناقض الرئيسي والثانوي هو عداء للثورة..
كل حديث أو حتى إشارة إلى إسرائيل قبل الحديث عن الوطن وما يعنيه ويحويه، هو هروب من الاستحقاقات الوطنية، هو التآمر على الوطن، إنه يشبه تنظيرٌ سياسي إيديولوجي وفذلكات نظرية أمام طفل جائع مشرد! من لا يعرف وضع الأولويات بشفافية يسقط في الثانويات وتضيع منه الأولويات والثانويات أيضاً. صار مستقبل الأسد في ماضيه، وماضيه كان مستقبل والده، ومستقبل والده كان سقوط الجولان..
في سوريا: إما الأسد، وإما الشعب، أحدهما يجب أن يرحل أو يفنى.. معادلة من الدرجة الأولى، لكن فهمها يلاقي صعوبة عربية وأوربية وأمريكية، لأن الأخلاق عندهم من الدرجة الثالثة…
فاضل الخطيب، 13 / 12 / 2011.