شرح للوردة/ نصر جميل شعث
أكتبُ مُتقمّصًا طفلًا غفرَ له الجميع.
عرفتُ منكم أنني أكتبُ ما يؤلمني.
ماتت كلماتٌ كثيرةٌ وأنا أقفُ على الندى في أشعار القدامى.
وإذا كان الشعر اتْباع أثرٍ
فاتباعُ نخلةٍ وضعَ عليها المُحبّون أقدامَهم؛
ربطوا الأحذيةَ وركضوا فُرادى،
كالنخلة التي تظهر، فجأةً،
والبعيدون يتحدّثون.
***
أسندُ بابًا مخلوعًا إلى سُلّمٍ
على جدار،
كي لا يصعدَ أحدٌ
من الأطفال، إلى عمري.
***
حلمتُ أني طفل،
وأنّ لي حصّالةَ نقودٍ
في شكل أُذُنٍ،
نسمعُ أنا وهي
الموسيقا.
***
كدربكةِ الفقراء
على حصائرَ مصنوعة باليد،
حين يزورُهم غنيّ،
المطرُ
على سطح البيت.
***
زوايا مخدّتي رخوة
كجوارب طفلين
سحلت من أقدامهما،
وهما نائمان.
كلّ هذا النوم الثقيل،
كلّ هذا القطن في الأحلام،
ولم تصل الحشوةُ الأطراف.
***
لم أرَ عصفورًا على الأرض
يحكّ ساقَه بقدمه، بعد عثرة.
أو يفكّ خيطًا، من الضوء،
تخلّلَ شعابَه.
بمنقاره فقط،
بمنقارهِ الذي يُغنّي
في المسافات.
***
نشربُ الماء.
أنت منَ الزجاج، أنا منَ الصلصال.
إذا رشقت إنائي بالبقيّة
يشرب،
وإذا رشقتُ إناءَك بالبقية
يبكي
***
أشرحُ نفسي للوردة
كما يشرحُ صُوفيٌّ لله
لونَ الماء
في قواريرَ
تَغلبُ على البعيدِ عنها حقيقةُ
أنها مشروبة.
***
الوردةُ
لا ترى في ساقٍ تحملُ وردةً مثلَها
انتفاخًا لعضلة.
فقط:
العُقَدَ،
وركبةَ القاطف.
***
قطرةُ ماء
حُرّة.
لا خوفَ يُؤخّرُها وهي تسقطُ
على حبل المودّة،
أو حدّ سيف.
***
صحراء
لو بكيتُ عليها قتلتُها،
ولطاردني، أبدًا، ذنبُ المشي
على جثّة.
***
بلاطة القبر أثقلُ من الجثمان،
وتعضّ أصابعَ من يدفنونه.
في محاولةٍ أخرى من القبر
لشدّ بعض المشيّعين إليه.
***
خطأ الموتى أنهم يأتون
بملابس بيضاء، في المنام.
الموتى مُزوِّرون.
لو أنهم طيّبون وكرماء لأتوا، بلا مبالغة،
بألوان الحياة
التي عرفوا معانيها.
***
الأرقُ
أن أفكّرَ بسمكةٍ
أكلت الطعمَ،
وقطعَ الخيطَ وزنُها وأنا على الهاوية.
النومُ
أن أتبعَها،
وأغرقَ فيه.
***
أعتني بالشعر
اعْتناءَ الحقيقة بنفس النسخة
من مفتاحٍ
طبَعَه سارقُ الفحم
على صابونةٍ،
والشاعرُ
على مرآة.
***
يومًا ما
سأغلقُ هذهِ الورشةَ،
وأتبرعُ بعينيّ لفتح محطّةِ ماء
على باب الجحيم؛
بصنبورٍ فِضّيٍّ
يدُه نجمة.
ضفة ثالثة