صفحات العالم

‘طائف سوري’ ممتنع على السعودية!


محمد صادق الحسيني

يكاد يجمع المتتبعون والمطلعون على خفايا الحالة السورية بان ثمة ‘تفويضا’ ما وان بالاكراه هو في طريقه للتقديم من قبل الدول المتنفذة في المنطقة متبلورة في الورقة المصرية، الى الجمهورية الاسلامية الايرانية، مترافقا مع ‘تسوية’ ما هي الاخرى تحت الضغط في طور الاعداد على المستوى الدولي طرفاها الاساسيان هما الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الروسي ستشكلان الحل النهائي لما بات يعرف بالازمة السورية!

فكل المعلومات المتوافرة لدى المتتبعين بدقة لما يجري في الميدان، اي على الارض السورية وكذلك لما يجري في اكثر من عاصمة اقليمية ودولية تحت الطاولة وفوق الطاولة انما تشير الى تطورات متلاحقة ومتسارعة في طريقها للظهور الى العلن تدريجيا ابتداء من ساعة صفر الانتخابات الامريكية، بما يفضي الى ‘طائف سوري’ سيشارك فيه اغلب من هم محسوبون على المعارضة فيما سيتم تفكيك وبيع كل المتورطين في العنف او السلاح او التطييف والتطهير العرقي او المرتهنين لاجهزة مخابرات الدول في سوق البيع والشراء الهامشي على جانب الاتوستراد الجديد الذي يفترض ان يؤدي بنا الى نظام متعدد الاقطاب لن تكون فيه الولايات المتحدة الامريكية القوة العظمى الاوحد في العالم!

لقد خرجت السعودية من الباب البحريني نهائيا من اية ‘تسوية’ كما خرجت قطر من الباب السوري العريض ولن يستطيع احد ان يتكهن ان كان اميرها الحالي سيبقى في الحكم اصلا ام في طريقه للاذعان بضرورة اجراء عملية انتقال للسلطة في بلاده بعد رفض وزير الحرب الامريكي اقتراحه للتدخل العسكري في سورية بشكل علني في اشارة واضحة الى انتهاء مفعول دوره الماضوي!

اما تركيا ‘الاسلام العلماني’ التي ورطت حالها في مخاطرات ورهانات خطيرة على خلفية لعب دور زعيمة ‘العالم السني العربي’ في ظل تخبط الادارة السعودية الروحي والزمني، فقد ظهرت لها مصر ما بعد الثورة الازهرية لتضع لها خطوطا حمراء في هذا المجال، ثم جاءت تطورات الميدان السورية لتطيح بما تبقى لها من رهان على ‘العمق الاستراتيجي’ الاوغلوي صاحب نظرية ‘صفر مشاكل ‘ لتتحول الى ‘سفر مشاكل ‘ قد يطيح بـ’سفر التكوين’ الذي قامت عليه حكومة حزب العدالة والتنمية، اي ان يخسر السلطان اردوغان الرأي العام الداخلي وليس فقط جيرانه جميعا بعد ان استطاعت المعارضة ان تجمع نحو ثمانين بالمائة منه ضد توجهاته في المسألة السورية!

يقول العارفون ببعض خفايا امور ما تحت الطاولة بان القيادة المصرية الجديدة انما تراهن على العلاقة مع الجمهورية الاسلامية والمقاومات اللبنانية والفلسطينية استراتيجيا اكثر مما يهمها ما تختلف عليه مصر الجديدة مع هذه الاطراف الثلاثة حول المسألة السورية او حول شكل او نمطية التعامل مع كل من الولايات المتحدة الامريكية وبعض توابعها في المنطقة او حتى حول نوع التعاطي مع شرور الصهاينة سواء فيما يتعلق بالعلاقة مع معبر رفح او مستقبل كامب ديفيد او …. فالمهم عند حكام مصر الجديدة هو ما ستؤول اليه تطورات الامور استراتيجيا في حال صمدت اطراف التحالف الاستراتيجي المجازي في الوقت الراهن، لان من شأن ذلك ان يعيد ترتيب اوراق اللعبة في اللحظة المناسبة، يوم لا تستطيع ‘اسرائيل’ ولا من هو حامي ‘اسرائيل’ وصانع هذا الكيان فعل الكثير!

قد يسأل سائل هنا وماذا عن مهمة الاخضر الابراهيمي الموفد الدولي العربي الى سورية ؟!

فالمعادلة باتت بسيطة جدا وشفافة جدا وصعبة جدا في الوقت نفسه اي نوع ‘السهل الممتنع’ كما يقول النحويون، بمعنى ان من سيمسك بالميدان في سورية ومن سيتمكن اسرع في الوصول الى ‘تطهير’ نفوذ الآخر الاقليمي والدولي على الارض السورية هو من سيكون شريك صناعة القرار السوري في المرحلة المقبلة!

ومثل هذه المهمة لا مكان فيها لا للابراهيمي ولا لغيره ايا كانت قدراته!

اذ ان الامور في سورية قد تطورت وباتت اشبه ما تكون حالة ‘برلين’ التي صنعت معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية كما يقول الدكتور علي اكبر ولايتي مستشار الشؤون الدولية للامام السيد علي الخامنئي ‘وبهذا تكون برلين الامس هي دمشق اليوم’ حسب تعبير ولايتي!

ولما كانت كل من روسيا والصين ومعهما الجمهورية الاسلامية الايرانية ودول ‘البريكس’ مصممة جميعها على منع انتصار الغرب في سورية باي ثمن كان، حتى لو ادى ذلك الى نشوب حرب عالمية ثالثة، فان ذلك بات يعني ان الدفاع عن اسوار دمشق بات جزءا من الدفاع عن الامن القومي لكل دولة من الدول المذكورة اعلاه.

السؤال الاخير المتبقي هو هل لا تزال الولايات المتحدة الامريكية او اي من حلفائها الذين التفوا حولها بخصوص الحرب على افغانستان او العراق او التدخل في ليبيا، يملكون من الارادة والقدرة على انجاز حرب مضمونة الانتصار في مكان في العالم؟!

الجواب على ذلك كما تفيد المعلومات المتاحة بوفرة تفيد بالنفي، فكيف اذا كان السوريون مصممين على ‘سحق’ التمرد ولو ادى الامر بهم الى ان يكونوا هم من يشعل حرب نهاية ‘اسرائيل’ وهم الذين يعرفون جيدا كم هو حليفاهما الايراني واللبناني في اشد الشوق لمثل هذه اللحظة التاريخية؟!

بحسابات ‘السهل الممتنع’ آنف الذكر اذن لن يكون هناك منتصر سوى الاسد ولن يكون هناك حل الا ‘طائف’ سوري، السعودية فيه خارج قوس هذه المرة وما الاستعارة هنا الا لان لبنان المقاومة وسيدها نصرالله سيكونان جزءا من الحل!

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى