عصام زهر الدين وتصريف “الانتصار” في الداخل/ نذير رضا
تراجع العميد عصام زهر الدين عن تهديده للاجئين السوريين بالاقتصاص منهم اذا عادوا الى بلادهم، لا يلغي مفاعيل الإعلان الأول الذي بدا صادقاً، ويمثل تتمة لحلقة مزايدات تنتشر في صفوف شخصيات في النظام السوري ووسائل إعلامه، وتستهدف كل الفارين، أو المنشقين عن بيئة النظام السوري، في تحدٍّ بالغ لسياسة المصالحات التي يروج النظام السوري لها، وخصص لها وزيراً في حكومته.
وزهر الدين، الذي “يصرف” نتائج صموده في دير الزور في الداخل السوري، هدد بمحاسبة كل شخص قرر العودة إلى سوريا بعد مغادرتها في الفترات السابقة، قائلاً في لقاء تلفزيوني مع قناة “سوريا الإخبارية” بعد سيطرة النظام على مطار دير الزور العسكري: “أرجوك لا تعد، لأن إذا الدولة سامحتك، نحن عهداً لن نسامحك، نصيحة من هل الذقن لا حدا يرجع منكن”.
تراجعه عن التصريح، لا يعني بأيّ من الأحوال أن الرجل تخلى عن تهديده. فالتصريح الأول، يمثل استكمالاً لجولة ماضية بدأت في صحيفة تابعة للنظام، الا أنه يزخر بمفاعيل أكثر صلابة، كون الرجل خارجاً من “انتصار”، وهو رجل عسكري، أولاً وأخيراً، يعتبر أحد أركان النظام، ورجالات تثبيته في الميدان.
من هنا، يعبّر التصريح عن فائض قوة يمارسها رجالات النظام. يصرفون إنجازاتهم العسكرية في الداخل. فالمنتصر، من وجهة نظرهم، يحق له التعسف في استخدام القوة، وصرف المكتسبات في مناحٍ سياسية. وليس هناك أبلغ من الاقتصاص. الاقتصاص من كل مُناوئ لرأيهم، أو مناهض لقوتهم ونفوذهم. وعليه، لن يكون الترجع عن التصريح الأول الا نتيجة ضغوط.
الضغوط هنا، بالتأكيد، تأتي من رأس الهرم الأمني في النظام. وحدها تلك الفئة قادرة على ممارسة ضغوط على العسكر الذين ازدادت سلطتهم، وتضاعف نفوذهم، بفعل “الاحتفاء الشعبي بهم”، وصولاً الى ترميزهم. تأتي الضغوط لتثبيت فكرة سياسية ينفذها العسكر، تتمثل في المصالحات التي يجهد النظام لتكريسها، بهدف تثبيت نفسه حاكماً على “سوريا متنوعة”، وبهدف الاستفادة من المصالحين في معارك مستقبلية، ستكون بعناوين قومية تستدعي “التفاف كافة المكونات” حوله، وليس أبعدها حرب ضد تمدد الأكراد.
تهديد زهر الدين، هو خروج على مصالحات النظام. تمرّد عليه. جرى تطويقه بتوضيح صدر عنه. لكن السياق الإعلامي لسحبه من التداول، لن يكون سهلاً. ولعله أبلغ دليل على أن فشل العسكر في التعامل مع الاعلام، ثابت وواقع، بالنظر الى رؤيتهم المتضاربة مع الرؤية السياسية، وخروجهم عن الحيثيات والإيقاعات السياسية.
المدن