عندما يتنحى بشار.. ماذا سيفعل الايرانيون ؟
صحيفة الغد الاردنية
منذ فقد بشار الأسد زمام المبادرة، بدأ المعنيون بالملف السوري في القيادة
الإيرانية بالتواصل، مباشرة وعبر وسطاء، مع الإخوان المسلمين السوريين، ومع
معارضين آخرين، ومع دول بحثا عن تسوية. كان بشار خطا أحمر بالنسبة
للإيرانيين؛ أي حل كان مشروطا بعدم المس به، مع تقديم تنازلات كبرى ومؤلمة.
فهو بنظرهم الضامن للاستراتيجية الإيرانية في إبقاء سورية ساحة من ساحات
الصراع مع العدو الصهيوني.
منذ شهرين، بدأ الإيرانيون يغيرون لهجتهم، وصار بشار موضوعا خاضعا للنقاش.
ويبدو أن ثمة تغيرا حصل في موقف المرشد الأعلى علي خامنئي. وهذا التغير هو
ثمرة التقييم الموضوعي الذي قدمه قاسم سليماني وعلي لاريجاني وعلي أكبر
صالحي، وثلاثتهم يعدون الأقرب للمرشد، والأكثر معرفة بالمنطقة. يدرك
الثلاثة أن بشار لن يتمكن من الصمود وسيسقط نظامه، وما يخشونه هو قيام نظام
معاد للجمهورية الإسلامية.
من يقود في سورية ليس ماهر الأسد وعلي مملوك وجميل الحسن.. وغيرهم من
مسؤولين عسكريين وأمنيين؛ قاسم سليماني بحكم مسؤوليته في الحرس الثوري هو
من يقود. وإيران وأتباعها في العراق هم من يدفعون فاتورة الحرب، لا خزائن
رامي مخلوف. وبشار يعلم جيدا أنه لولا إيران لانتهى منذ الأشهر الأولى.
والدعم السياسي الروسي في مجلس الأمن لا قيمة له أمام الدعم الإيراني على
الأرض، عسكريا وأمنيا واقتصاديا.
إن تجرع المرشد السم وقبل بالتخلي عن بشار، فإن الأخير سيقبل بما يقبل به
الولي الفقيه، وسيحصل على ضمانات له ولعائلته. المشكلة هي كيف سيقبل الشعب
السوري بعد كل هذه الجرائم بتسوية مع النظام؟
في النهاية، ثمة مصلحة للجميع في وقف نزيف الدم. ويراهن الإيرانيون على أن
المزاج السوري سيتغير مع توقف القصف، والإفراج عن المعتقلين، وإزاحة
المسؤولين الدمويين. والإيرانيون يعرفون جيدا المسؤولين السوريين، وفيهم
عدد كبير لم يتورط بجرائم دموية، مثل وزير الدفاع الأسبق علي حبيب، ونائب
رئيس الجمهورية فاروق الشرع الذي اعترض من البداية على الخط الدموي، ورئيس
الوزراء المنشق رياض حجاب.
في حال حصول الانقلاب الإيراني، سنشهد استسلاما من جماعة بشار في الداخل،
وقبولا بأي تسوية. لكن سنشهد مزايدة من طرفين: الأول في المعارضة السورية،
وهو متفهم ومشروع؛ إذ سيطالبون بالقصاص والمحاكمة. وهؤلاء أولياء الدم، ومن
حقهم أن يواصلوا القتال ثأرا لشهدائهم. أما الطرف الثاني، فهو على شاكلة
ميشال عون وميشال سماحة ووئام وهاب؛ هؤلاء لا يرضون بأقل من إبادة الثوار
السوريين بمدنهم وقراهم.
تحدث عون بلغة طائفية مقززة عن شريعة الإخوان الذين سيحكمون سورية، متناسيا
أن من يمولونه من الإيرانيين وحزب الله أكثر تشددا من الإخوان. في مصر، قدم
الإخوان رئيسا مدنيا يحكم سنوات معدودة خاضعا للرقابة الدستورية، وفي إيران
ولي فقيه معصوم من أي نقد ويحكم مدى الحياة؛ لا مكان لغير الشيعي في النظام
الإيراني، وفي مصر عين مرسي قبطيا نائبا له.
ماذا سيفعل عون وغيره من أيتام بشار إن حصل الانقلاب الإيراني؟ وفي
النهاية، الثورة منتصرة؛ انقلب الإيرانيون أو قاتلوا حتى النهاية.