صفحات الثقافة

غرفة في الماضي/ نوال العلي

 

 

تضع الماضي وتنقل منه. “المعقولية” هي أصعب ما تواجهه. حسناً، هذه هي الحياة السابقة، وهذا هو المصير المدهش، وبينهما جسر طويل، هو الكتابة التي تمشي عليها.

غالباً ما ننقل من الماضي ونحن نكتب. وعلى الأرجح، ليست ثمة محادثة واحدة من التي تدور في النص حدثت فعلاً، وليست هناك غرفة ظهرت بشكلها ورائحتها في النص كما هي في الواقع. أجل هذه التفاصيل موجودة، ولكن نقلها عبر آلة الكتابة يحتاج إلى إعادة “تزمينها” (من الزمان)، لذلك تحتاج إلى صفة “المعقولية”.

إذا بدا لي مشهد من حياتي كأنه لا يمكن أن يحدث في الزمان والمكان وفي تلك الظروف، فإنه يُخفق في اختبار المعقولية. أي أن أقنع ذاكرتي بأن تلك الغرفة كان شكلها ورائحتها هكذا. ربما تكون رواية سيرة ذاتية هي كتابة وَهم متماسك عن الماضي. الأمر أبعد من تخيّل الماضي، يلزم أن تجعل منه معقولاً.

هذه هي المشكلة عند كتابة ماضيك، أنت لا تؤسس على الواقع فقط، بل تخلق معه المتخيل والمصدّق الذي عاش بمحاذاته طيلة الوقت. في هذه الحالة كتابة رواية تاريخية مثلاً هي كذبة في قلب الحقيقة. والخيال فيها هو الحقيقة وسط الكذبة.

الكتابة غرفة منفصلة، حياة منفصلة، وماذا يفعل كاتب في الغرف التي لا يكون فيها؟ أو تلك التي لم يعد بمقدوره العودة إليها؟

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى