غليون: أمريكا وحلفاؤها حريصون على ألا تكون سورية محافظة إيرانية تهدد الخليج
القاهرة- (د ب أ): أكد رئيس المجلس الوطني السوري السابق برهان غليون أن هناك حالة من تقاطع المصالح في توجيه ضربة عسكرية لنظام بشار الأسد وتحديدا بين مصالح أمريكية وفرنسية ومصالح الشعب السوري.
وأوضح غليون في مقابلة هاتفية مع وكالة الأنباء الألمانية بالقاهرة أن “مصالح الغرب واضحة وهي أن لا تصير سورية محافظة إيرانية كما قال أحد المسئولين الإيرانيين من قبل.. وإذا صارت سورية محافظة إيرانية ستهدد أمن الخليج مصدر الطاقة الرئيسي للغرب والعالم “.
وتابع :”كما أنهم يريدون إثبات حضورهم في المشهد وعدم السماح للروس ولديكتاتور صغير كبشار بتحديهم .. وهم أيضا حريصون على أن يحتفظوا بعلاقات ودية مع الشعب السوري في المستقبل وحتى لا يتعرضوا للنقد من قبل الرأي العام العالمي عندما يسألهم لماذا صمتم أمام مجزرة حقيقية ولم تفعلوا شيئا”.
وأردف :”ولهذا أطمئن المتخوفين من إلغاء الضربة العسكرية أنها لن تلغى لأنها ليست قادمة من أجل الشعب السوري فقط ولكن هي أيضا تحقق مصالح فرنسية وأمريكية تحقق استرجاع مصداقية القوة الأمريكية ومصداقية الأمم المتحدة ، فلا أحد يعمل دون مصلحة”.
وتتهم المعارضة وقوى الغرب حكومة دمشق باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في الغوطة الشرقية بريف دمشق نهاية الشهر الماضي بينما تلقي الحكومة باللوم على فصائل المعارضة المسلحة. ورفض غليون ما يتردد عن أن هدف الضربة هو رغبة الولايات المتحدة في الحفاظ على أمن إسرائيل أو خلق حالة من التفكك بالشرق الأوسط وتقسيمه لدويلات على أساس ديني طائفي أو عرقي، مشددا على أن “أكثر واحد حافظ على أمن إسرائيل هو بشار ووالده حافظ الأسد “.
وتابع :”على مدار أربعين عاما لم يوجه هذا النظام أي سلاح لإسرائيل والآن يستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه فهل هناك أمان لإسرائيل أكثر من ذلك .. لقد دمر بشار الوطن وقسم السوريين ودفعهم للحرب الطائفية…هذه ليست مؤامرة أمريكية كما يروج هذا النظام فأمريكا والغرب صمت على مذابح عدة تمت بسورية على مدار عامين وأكثر وهذا يثبت أنهم لم يكونوا متعجلين.. وإذا كان هناك معنى للجامعة العربية فكان بالأحرى بهم أن يتدخلوا لا أن يجعلوا الأمريكان هم من يتدخلوا ليحموا الشعب السوري”.
وأبدى غليون، وهو مفكر فرنسي سوري وأستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة السوربون، تفهمه لإمكانية أن تتعارض المصالح الغربية الدافعة لهذه الضربة مع مصالح الشعب السوري في الوقت الراهن أو بالمستقبل أو أن يطلب من هذا الشعب ثمن فاتورة هذا التدخل، وقال: “أعرف تلك المخاوف وأنا شخصيا عندي نفس هذه المخاوف.. ولكن اليوم مصلحة الشعب السوري الرئيسية هي أن يبقى ويعود ليعيش حياة طبيعية”.
وتابع :”بالطبع من الممكن أن تتعارض المصالح الغربية مع مصالحنا في المستقبل ولكن الآن المصالح متقاطعة هم يريدون إثبات مصداقيتهم ولكننا نحن من نذبح …نحن نحاول أن ننقذ ما تبقى من سورية كبلد وشعب .. العالم يشاهدنا في نشرات الأخبار ولكن هناك كارثة يعيشها السوريين بأكثر من 150 ألف قتيل وما يقرب من مثلهم معاقين بشكل نهائي و200 ألف مختفي و8 مليون نازح داخل وخارج الأراضي السورية”.
وأردف :”من يقول بعد ذلك أن توجيه ضربة تضعف وتكسر بشار عسكريا حتى يقبل أن يفاوض على تسليم السلطة وتنصيب حكومة تمثل الشعب هي أمر خطأ!”.
وحذر غليون (68 عاما) من تمرير تلك “الجريمة” لبشار دون عقاب، معتبرا أن ذلك سيدفعه لارتكاب المزيد منها و”ستكون حصلية قتلاها أكبر وبالتالي يركع الشعب السوري ومن بعد ذلك يتحالف مباشرة مع إسرائيل”، موضحا أن “ما يقوم به الأسد هو خلق إسرائيل جديدة حليفة لإسرائيل الأم . لا داعي للانخداع بأحاديث وخطابات بشار فالرجل هو أكبر حليف استراتيجي لإسرائيل”.
وفي معرض رده على تساؤل حول احتمالية أن تؤدي الضربة العسكرية لتدمير سورية كوطن ووقوع ضحايا أكثر من الشعب السوري حتى دون أن تتمكن من إسقاط نظام بشار، أجاب غليون: “طبعا هذا ممكن إذا كانت الضربة غير مدروسة”.
وتابع :”ولذا قلت إنه من المفيد أن يتأخروا بعض الشيء ويدرسوا الأمر بشكل دقيق ليكون تركيزها في التأثير علي النظام بشكل يدفعه بالحل السياسي”. ورفض الشكوك والاتهامات حول مسئولية بعض فصائل وقيادات الجيش الحر في ضرب الغوطة بالأسلحة الكيماوية حتي يكون ذلك ذريعة للتدخل الغربي خاصة مع تمكن النظام من استرجاع العديد من المناطق والمدن التي سبق أن خسرها بل وإحراز انتصارات عسكرية على قوات الجيش الحر، وقال :”هذا ليس مجال للنقاش. من غير المعقول أن يضرب الجيش الحر أولاده وأهله”.
وأضاف :”الضربة احترافية ووجهت للمناطق التابعة لسيطرة الجيش الحر ولو كان يملكها أو يملك تقنيتها لاستخدمها ضد أعدائه …والحديث عن أن أجهزة مخابرات أو دول قامت بتزويد الجيش الحر بتلك الأسلحة وتقنيتها لإلصاق التهمة للنظام هي أحاديث صادرة من قبل أشخاص عندهم سوء نية”.
وفسر غليون ضرب الأسد للغوطة بالأسلحة الكيماوية في ظل وجود مفتشين دوليين على مسافة قريبة جدا من موقع الضربة ، وهو الأمر الذي يراه البعض أمرا غير معقول أو منطقي، بالقول: “هناك مكالمة نشرت بين ضباط من جيش النظام وضح من خلالها أن تأثير الكمية التي استخدمت في الغوطة كانت أكبر بكثير مما كانوا يتصورون”.
وتابع :”هذه هي الضربة 28 الموثقة لدينا بالمعارضة علي استخدام النظام للأسلحة الكيماوية وفي كل مرة كان يزيد الكمية حتى تكون أكثر تأثيرا ولكنه أخطأ هذه المرة وصارت تلك المذبحة الرهيبة .. لقد كان المفتشون الدوليون موجودين بالأساس في دمشق للتحقيق في وجود شكاوى تتعلق باستخدام لأسلحة والغازات الكيماوية”.
وقال غليون :”لقد ظل النظام لمدة خمسة أيام يمنع انتقال المفتشين للغوطة حتى تمحى آثار الضربة ويتخلص منها “. واعتبر أن مقاطع الفيديو التي نشرت ويظهر فيها قيام عناصر من الجيش الحر وهم يقومون بحقن عدد من الجثث في الغوطة بمواد كيماوية لإلصاق التهمة بالنظام “جزء من إعلام النظام الذي يملك القدرة لاختلاق مئات القصص”.
وحول التخوف من احتمالية أن يتبع سقوط نظام بشار فوضى عارمة أو سيطرة فصائل وكتائب متشددة كجبهة النصرة ودولة العراق والشام الإسلامية وبالتالي ينتقل الشعب من ديكتاتورية لأخرى وتزيد عليها صبغة دينية متشددة، قال غليون: “هذه قضية أخرى ..بشار الأسد أخرج ما يقرب من 500 عنصر من عناصر القاعدة من السجون بعد شهر واحد من تدشين الجيش الحر ليكونوا منافسين للأخير لكنه فقد بعد ذلك السيطرة على هذه العناصر…هل خوفنا من النصرة وغيرها يعني أن نقبل باستمرار بشار وليموت الشعب السوري .. وهل إلغاء الضربة سيعني موت النصرة أو وقف نشاطها”.
وشدد: “أنا أيضا متخوف من النصرة ولكن أؤمن أني وكل السوريين سنقاتل بكل ما نملك للدفاع عن أرضنا وحياتنا ولن نسمح لأحد بالتحكم فينا ونجلس لنتفرج”.