في 2014 يبدأ إعمار سوريا؟
غسان حجار
عندما توافقت قوى عالمية واقليمية على ابتكار الحل للأزمة اللبنانية بإنهاء الحرب كان اتفاق الطائف الذي أبلغ الأطراف المتقاتلين بأن قرار قفل الملف اللبناني اتخذ، وان ثمة مناطق أخرى في المنطقة تمضي الى السخونة، وهي أكثر أهمية استراتيجياً. التزم كل الأطراف، وبدأوا يسلمون سلاحهم أو يبيعونه أو يخزّنون ما بقي منه في مستودعات. اتفق السوريون مع أعدائهم الأميركيين، فاجتاحوا القصر الرئاسي في بعبدا، واحتلّوا وزارة الدفاع، وقتلوا من قتلوا من ضباط وجنود. بدت الأمور ممسوكة، رغم انها لم تكن متماسكة.
اليوم لا تمكنني قراءة المشهد السوري على انه فعلاً متفلت من كل القيود. فالمعارضة التي انتجت “ثورة” لا تتحرك من تلقائها، ولا ينزل عليها السلاح مطراً من السماء. بل ثمة دائماً من يموّل ويمد بالعتاد. ولهذه الجهة، ان تقفل الحنفية فتعود الأمور الى سابق عهدها. لكن القرار اتخذ بتغيير النظام.
في مطلع السنة الحالية 2012، ترددت شائعات عن ان الموعد لسقوط الرئيس بشار الأسد في ربيع 2012، والسبب ان الجيش سينهك في الشتاء، ولن يكون قادراً على الاستمرار، وان عتاده الى تضاؤل، وان امداداته باتت أصعب، والوضع الاقتصادي والمالي يضيق الخناق على النظام أكثر فأكثر، وان الانشقاقات عنه ستتوسع.
لكن صديقاً لعب أدواراً في السياسة اللبنانية، نقل عن مسؤول عربي كبير، ان الموعد لم يحن بعد، وان الموعد المبدئي لوقف آلة الحرب، سيكون في صيف 2013. سألته “وهل يمكن النظام ان يصمد الى ذلك الحين؟”. ابتسم وقال: “ما زال الوقت مبكراً، وثمة حركة دولية لم تنضج بعد”. لكن آخرين يخالفونه ليؤكدوا تمسك روسيا بالأسد حتى انتهاء ولايته في 2014.
حفظت الكلام “العربي” وعدت اليه أخيراً لدى سماعي، عن مسؤول لبناني زار أحد مراكز الإدارة الأميركية في واشنطن أخيراً، ولفته في القاعة وجود خرائط عن الشرق الأوسط، كتب على احداها “خريطة اعادة اعمار سوريا”. وفيها مندرجات تبدأ في السنة 2014 وتمتد لخمس سنوات. أي انها تنتهي في نهاية 2018, اذا سارت الخطط من دون عقبات، أو تمدد الى نهاية 2019.
لم يتفوه المسؤول بكلمة، وحاول التكتم عما شاهده، لكنه أسرّ الى مقربين منه، وهؤلاء تحدثوا الى سياسيين عن “واقع مرسوم” دفع هؤلاء الى التشدّد في سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية، والتي تجنب البلاد خطر الانزلاق الى المستنقع السوري، طالما ان الحرب الدائرة في سوريا لن تطول.
في الصيف المقبل، أوله أو آخره، لا فرق، انها مهلة سنة، وهي ومضة في عمر الزمن، وعلى قصرها تؤكد ان الأمور ممسوكة، وان الحرب، كما السلام، مرسومة ومخطط لها، بداية ونهاية.