قصة طويلة
خلف علي الخلف
بدأت الاحتجاجات.. الناس بحد أدنى من التنسيق خرجوا للشوارع .. نظام مجرم قتل الناس .. الناس شيعت قتلاها وتظاهروا ضد النظام المجرم… رفع وتيرة القتل … إزدات أعداد الناس في الشوارع… اقتنع معارضون أن هذه ربما ثورة… بعضهم ظل صامتاً لفترة طويلة. بعضهم سجل موقفاً خجولا خشية أن تنتصر الثورة .. بعضهم لم يقتنع
أن السوريين قادرين على إطاحة هذا النظام فقبل الحوار ونسق له في الكواليس كي يحجز مقعداً في ” الإصلاحية” التي طنطن بها النظام..
اشتد ساعد الثورة بإلوف الشهداء والمعتقلين والمختفين … اتجه المستثمرون إلى الثورة، كأنها القارة المكتشفة حديثاً …
وقفوا أمام المركب المتجه للقارة الجديدة .. جاء شرفاء رهنوا أعمارهم لها، وجاء بسطاء وسذج. تجار ومغامرون ومقامرون ولوطيون وسفلة وشراميط وانتهازيون وعنينون، ويسار عقيم ، ويسار متآمر، وقوميون مفلسون وأصحاب ثارات، وسحاقيات ومعتقلون سابقون ومرضى نفسيون، وإسلاميون رأوا راية الخلافة على مرمى حجر.. جاء يمين انتهازي وشمال تافه … كلهم قدموا إلى مركب الثورة لينقلهم إلى القارة الجديدة. نهض إعلان دمشق من سباته والتجمع الديموقراطي، والإخوان المسلمون ، والأحزاب اليسارية الصغيرة،، جاء الأكراد بأحزابهم وجاءت العشائر بشمغها وغترها …
على عجل تشكلت الهيئات والتيارات والمجالس واللجان لحجز قطعة أرض في القارة المكتشفة.. لجان التنسيق واتحاد التنسيقيات والهيئة العامة والمجلس الأعلى ومجلس العشائر وهيئة التنسيق… وبدأت حفلة التيارات … كل مجموعة شكلت تيار لا يتجاوز أعضاؤه عدد ركاب باص… وبدأت حفلة المجلس الإنتقالي والتنازع على من يشكله.. اشتد إجرام النظام وزادت أعداد الشهداء..
بقيت المعارضة تتعارك على من يصعد أولاً.. وتشكلُ مجالسا وتنسحب من مجالس ومؤتمرات مؤتمرات … استخدم النظام كل عتاده العسكري.. دبابات مدفعية طيران قتل عشوائي براميل مفخخات دمر المدن هجر الملايين … والمعارضة تتابع عراكها وأعداد الموتى والجرحى والذين يموتون لنقص الدواء تتزايد …
العالم يتفرج على حفلة المعارضة التي تجري خارج القارة الجديدة .. تجري على سلم المركب الذي سينقلهم إلى أرض الثورة..
العالم الذي لا يريد أن يفعل شيئا “انبسط” لحفلة المعارضة التي جعلها شماعة لإرادته بأن لا يفعل شيئاً..
بدأت حفلة الحكومة الإنتقالية… الألاف يريدون أن يصبحوا وزراء .. بدأت حفلات العراك بالأيدي استخدمت كل الأسلحة فوق الطاولة وتحت الطاولة، حفلات التخوين، المزايدة، العهر….
درعا مهد الثورة حوصرت وجوّعت وقصفت ولم تبق قرية فيها أو حي إلا وفيه عشرات الشهداء.. دير الزور أصبحت مدينة لاحياة فيها .. تعرضت لإبادة.. حمص تهدم نصفها وشرد أغلب سكانها.. ريف حلب وأحياء منها كأن حرب عالمية جرت فيه،… إدلب وريفها، أحياء من دمشق وريفها، ريف حماة وأحياء منها ، ريف الرقة… لم تبق قرية أو مدينة أو بلدة إلا وطالها القتل والتهجير والقصف والتجويع … وحفلة المعارضة لم تنته..
كأن 40 ألف شهيد وعشرات آلاف المعتقلين والمختفين وملايين المهجرين وآلاف البيوت المهدمة والمنهوبة لم يكن لها وظيفة إلا ليصبح هيثم المالح رئيس حكومة والبيانوني رئيسا لسوريا ورياض الترك يحكم ولا يملك .. وأحمد رمضان!!! رئيسا خفيّاً لمجلس تافه.. إلخ إلخ إلخ البقية تعرفونها جميعاً.