كانوا نياماً وذُعروا!!/ نبيل بومنصف
لعل اشد ما يفاجئ من يتابع كلمات الزعماء الغربيين في الامم المتحدة وجلسة مجلس الأمن التي خرجت بقرار وقف انتقال المقاتلين الأجانب الى الشرق الاوسط بقوة الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة مجموعة مفارقات مفجعة فعلا لأبناء هذه المنطقة المنكوبة ليس بعلتها السرطانية الارهابية ونمو الاصوليات فيها فحسب بل بتناوب حروب المصالح الدولية على تفجيرها.
ثمة ما يفوق الذهول وعدم القدرة لدينا على التفسير والفهم مهما تشاطرنا حين نتساءل أين كان الغرب ولماذا نام طويلا وهل كان نائماً وساهيا ومستخفا ام تراه كان متواطئا طوال سنوات كفلت لما يفوق لأكثر من ١٥ الف أصولي اجنبي ان ينتشروا في العراق وسوريا وسواهما دون ردع او منع او تعقب؟ ثم لماذا برفة جفن ولدى اتخاذ القرار الحاسم بإطلاق حرب التحالف على داعش والقاعدة والنصرة وبنات نسلها استفاق الغرب على ان القنابل البشرية هذه باتت تهدد باريس وواشنطن ولندن وأوروبا واوستراليا كما كل المنطقة باكبر خطر يحيق الشرق والغرب معا؟
لا يمكن عقلنا الساذج ان يفقه سر هذا التراخي والتساهل والتعامي الطويل عن ألوف مؤلفة من جيوش الخلايا الأجنبية الزاحفة على الشرق من ٨٠ دولة كما أعلن الرئيس الاميركي طوال السنوات السابقة لإطلاق حملة التحالف الغربي – العربي من دون ان نستفيق على الأسئلة الكبرى حول اسرار تلك الغيبوبة التي طبعت تمهل الغرب تحديدا في اكتشاف خطر السرطان الإرهابي مع ان هذا الخطر اطلق أولى ضرباته من الولايات المتحدة نفسها في ١١ أيلول ٢٠٠١. قد يقول قائل ان داعش اعتمدت وحشية خيالية الى حدود السقوط في أسوأ الغباء الذي استدرج التحالف الدولي الى اطلاق حرب تدميرها بمعنى ان سقطتها القاتلة كانت في الذبح الهمجي الذي تجنبته القاعدة نفسها. ربما يكون في ذلك كثير من الصحة ومع ذلك ترانا نتساءل هل كان تأخر التحالف برمته ومعه المجتمع الدولي عن محاربة تدفق الأصوليين الأجانب الى المنطقة متعمدا لتجميع كل اصوليي العالم فيها من غير التحسب لانفجار يوازي الحرب العالمية بعدما أطاحت داعش الخطوط الحمر في الحدود والخرائط ومخزونات النفط ومعها المصالح الدولية كلها؟
ثم ما دام الشيء بالشيء يذكر الا يثير فائضا من الم لدى الأقليات الشرقية ولا سيما منها المسيحية حصرا الا يسمع في الامم المتحدة سوى صوت صارخ للملك الأردني وحده عن عراقة الحضور المسيحي وتجذره العربي وتمسكه بهذا المكون التاريخي الحضاري والديني؟ وهل عنى تهجير مسيحيي العراق مع أقلياته الاخرى وتهديد سائر المسيحيين في الشرق شيئا آخر في أدبيات الزعماء الغربيين والعرب الاخرين؟
في بداية تحول ضخم كهذا الذي يجري الآن لا ترانا ننتظر فتح كهوف الأسرار الا بعد خراب البصرى وأبعد.
النهار