كيلو : حلب تتحرك والنظام يعترف 12 الف شهيد والاسد لن يحصل على 2 % بانتخابات حرة
• حلب بدأت التحرّك وستقرر مستقبل سوريا
• 70% من الشعب ضد النظام
• أحد الضباط المقربين من القصر اعترف بـ 12 الف قتيل
• الأسد لن يحصل على أكثر من 2% من الأصوات في أي انتخابات حرة
باريس – بسّام الطيارة – اخبار بوم
يعد ميشيل كيلو من المعارضين السوريين الأساسيين في الفترة السابقة للثورة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهو عانى كثيراً من الاعتقال الذي لم يوقفه عن إبداء رأيه في النظام. مع اندلاع الثورة، أبقى كيلو على رأيه الحر، غير المرتبط بأي من الهياكل المستحدثة للمعارضة السورية، رغم خروجه من سوريا قبل ثلاثة أشهر. كيلو يرى أن بذور الثورة السورية الحالية بدأت منذ العام 1963، ويشير إلى أن المدن الكبرى بدأت تتحرك. ويجزم بأن اكثر من 70% من الشعب السوري ضد النظام، وأن الرئيس السوري بشار الأسد لن يحرز أكثر من 2% من الأصوات في أي انتخابات رئاسية حرة وديموقراطية. ويؤكد كيلو أن عدد القتلى والجرحى والمعتقلين أكبر من ما يروّج له. ويشير إلى المعارضة لا تنظم الشارع، هي تكتفي بدعمه، فالشارع تقوده حركة شبابية يئست من إمكان التغيير.
• تعيد بذور الثورة إلى وصول «حزب البعث» إلى السلطة، لماذا؟
• نعم، لأنه مع ثورة ١٩٦٣ وصل نظام شمولي وضع يده على الحياة الاجتماعية والاقتصادية لسوريا. ولهذا قامت محاولات ثورية في الاعوام ١٩٦٥ و١٩٧٢ و١٩٧٩ وصولاً إلى ثورتنا اليوم في ٢٠١١. وأعود بالذاكرة إلى محاولات لمعارضات سورية سياسية، منها الليبرالية والقومية والشيوعية، التي استدار النظام عليها وطوعها بادخالها في ما يسمى «جبهة القومية التقدمية»، ما سبب باضمحلال أدوار الأحزاب السياسية، وخصوصاً بعد انقلاب الأسد الأب حيث بدأت الانشقاقات عن هذه الأحزب. المعارضون دخلوا السجون بالآلاف، فظن العالم أن الشعب السورية يدعم النظام. ولكن هذا لم يكن الواقع. في سوريا وجد دائماً مجتمعان: مجتمع السلطة الذي كان يملك القوة والثروة ورقابة الحياة المدنية، ومجتمع المواطنين الذين يعملون ويسعون بعيداً عن النظام للمحافظة على حريتهم، وهؤلاء هم الذين يقومون اليوم بهذه الثورة.
الثورة اليوم هي وليدة هذا المجتمع الجديد الذي لم يكن منضوياً في أحزاب ولم يكن له إيديولوجية معينة. إن هذا المجتمع الذي يقوم اليوم بالثورة لم ينتبه له لا النظام ولا المعارضة، هذا المجتمع هو الذي قام بهذا التحول في بلدنا. وهذا المجتمع الجديد لعب دوراً ليس فقط منذ انطلاق الربيع العربي، بل لعب دوراً من انطلاقة «ربيع دمشق»، الذي أهبت له مجموعة من المثقفين وشريحة عريضة من الطبقة المتوسطة، وشكل هذا يقظة سياسية لا مثال لها في تاريخ سوريا الحديث. كل هذه المتغيرات هي نتيجة اعتناق المجتمع التقليدي القيم الحديثة للمجتمع المدني، أي المواطنة وحقوق الإنسان، وذلك لأول مرة، إذ إن هذا المجتمع التقليدي هو مجتمع مسلم وليس سلفي وباتت خياراته خيارت جتمع مدني حديث.
• ماذا عن ما يقال عن الطابع السلفي للثورة؟
• النظام شدد منذ البداية على الفصل بين المجتمع المدني والمجتمع الإسلامي التقليدي، وحصر نشاطه، في الأشهر الأولى، في قمع المجتمع المدني بهدف شلّه وأوقف مئات الآلاف من الشباب، الذين أمضوا أوقاتهم يدخلون ويخرجون من السجون وقتل عدد منهم. والهدف كان دفع المجتمع التقليدي نحو خيارات سلفية ونحو العنف. هذا هو الوضع حتى اليوم.
• يقال من أن نصف الشعب السوري مع النظام، هل هذا صحيح؟
• إذا كنا نتحدث عن الدراسة الشهيرة يمكنني أن أقول: إذا ذهبت إلى مقهى في الشام وسألت أي شخص هل أنت مع النظام؟ من الصعب أن تجد شخصاً يقول لك لا لست مع النظام. نفس الشخص إذهب معه إلى المنزل وسله هل هو مع النظام؟ من الصعب أن تجد شخصاً يقول لك أنا مع النظام. من الصعب جداً إجراء أي استطلاع للرأي في بلد فيه حركة تمرد عريضة. توجد فقط بعض التقديرات وهي تقول إن ٢٠ في المئة من السنة مع النظام، والسنة يشكلون ٦٥ في المئة من الشعب السوري، يقولون إن ٣٠ في المئة من المسيحيين، الذين يشكلون ١٢ في المئة من السوريين، هم مع النظام، وكذلك ٣٠ في المئة من العلويين الذين يشكلون نحو ١٢ في المئة من الشعب، و٤٠ في المئة من الأقليات المتبقية، أي ١٠ في المئة من الشعب، هم أيضا ًمع النظام. حساب بسيط يظهر أن أكثر من ٧٠ في المئة من الشعب يعارض النظام، وإذا أخذنا فقط السنة فإن نصف الشعب يعارض النظام.
• كيف تقيّم موقف الأقليات، وخصوصاً المسيحيين؟
• إذا سألنا أي مسيحي أو علوي هل تقبل بأن يستمر النظام هكذا، سوف تكون الإجابة لا، وأنا متأكد من هذا. وإذا سألناه هل أنت خائف مما سوف يحصل بعد سقوط النظام، سوف يقول نعم أخاف كثيرا. يوجد قسم من الشعب السوري يخاف من المستقبل، يخاف مما يمكن أن تأتي به الثورة. أحد أسباب خوفهم هو أنهم عاشوا في أجواء محمية أمنية ومنتظمة أمّنها النظام له، وكما يعلم الجميع فإن البرجوازية الصغيرة تحب الأمن والنظام. إن السوريين الذين ليسوا مع الثورة ليسوا بالضرورة مع النظام، ولكن أغلبية المواطنين هي ضد النظام.
بشار الأسد قال للأمين العام للجامعة العربي، نبيل العربي: «إذا أوقفت إطلاق النارعلى المتظاهرين، غداً نجد في الشارع ١٥ مليون سوري، وبعد غد سوف يهاجمون القصر الجمهوري». هذا يبرهن أن بشار الأسد يعلم جيداً أن الشعب السوري ليس معه. ويعلم الجميع أن هذه الجماهير التي نزلت إلى الشارع منذ عشرة أشهر هي ضد النظام.
أود أن أقول أن الاسبوع الماضي بلغ عدد المواقع التي احتلها المعارضون ٥٨٨ وبلغ عددهم ٦ ملايين متظاهر. لو كان للشعب حرية التصويت أنا متأكد أن بشار الأسد لن يحصل على ٢ في المئة من أصوات المواطنين في أي انتخابات حرة.
• كيف تفسّر عم تحرّك بعض المناطق، إذا كان وضع الشارع كما تقول؟
• رغم أن بعض الأحياء وبعض المدن لم تتحرك، إلا أن المعارضة تشمل كل شرائح الشعب. بعد أن بدأت الثورة في أحياء من دمشق انتقلت إلى درعا، ومنها إلى كافة الأرجاء، وخصوصاً إلى داخل المدينة القديمة في دمشق. وفي وسط دمشق الحديث، حيث توجد أعداد هائلة من رجال الأمن، يقوم المعارضون بتظاهرات طيارة تضم عشرات قبل أن تختفي. حلب بدأت تتحرك منذ اسبوعين، وعندنا ثقة أن تحرك حلب سوف يقرر مستقبل سوريا في الأيام المقبلة، لأن حلب سوف تفرض تمييزاً في الثورة القائمة. أود هنا أن أقول أن حلب كانت ملجومة، وفيها آلاف من الشبيحة ورجال الأمن يسيطرون على شوارعها بشكل مكثف، أي لا توجد مساحة للتظاهر فيها، مسافة خمسين متراً تفصل بين الحاجز والآخر، وفي بعض الأحيان ٣٥ متراً. ولكن الآن، مع زيادة الضغط في المدن الأخرى، سحبوا رجالهم من شوارع حلب، التي سوف تبدأ بالتنفس وتلتحق بالثورة.
أما الذين لا يشاركون في الثورة، فهم ليس لعدم رغبتهم في ذلك، بل بسبب الخوف من الموت على عائلاتهم وأولادهم. لا أحد يستطيع أن يتصور الضغوط التي يتعرض لها المواطنون، وأود أن أقول إنهم بدأوا منذ اسبوع برمي الأطفال من نوافذ الأبنية أمام أعين أمهاتهم.
• كيف تنظم نفسها المعارضة في سوريا؟
• المعارضة المنظمة، أي الأحزاب، موحدة وراء الثورة، ولا يوجد أي فرق بين فصيل وآخر، الجميع مع الثورة. حتى المعارضة في الداخل، التي حاولت تنظيم الثورة، باتت اليوم تكتفي بدعم الثورة. المعارضة في الخارج، والتي نشأت في اسطنبول، فيها العديد ممن لم يلعب دوراً في تاريخ سوريا الحديث، ومنهم ما كان غائباً عن سوريا منذ ثلاثين سنة. ولكنهم باتوا اليوم يلعبون دوراً مهماً في مجال التمثيل السياسي للثورة في الخارج. وبعد إنشاء المجلس الوطني السوري بات الشعب مقتنعاً بأنه يوجد تمثيل معترف به بموازاة التمثيل الرسمي للنظام، أي ولد لديه إحساس بأن بات في مرحلة ما بعد سقوط النظام لأنه يعتبر المجلس شبه حكومة في الخارج.
لا يمنع هذا من أن العلاقات بين معارضة الداخل والمجلس ليست منظمة بشكل جيد. ورغم أن المجلس لم يفعل شيئاً، إلا أن المعارضة في الداخل تعتبره ممثلها في الخارج. ولكنه في الواقع لا يمتلك القدرة على التأثير على مجريات الأمور في الداخل. السبب هو أن الذين قاموا بهذه الثورة هم كلهم من الجيل الجديد، ليسوا مسيسين ولا إيديولوجية لديهم، إنهم ثوريون. عندما علموا بأن لن يوجد تغيير لجيلين على الأقل قالوا لنا كيف صبرتم لمدة ٤٠ سنة؟ نحن لن نقبل إما نكون أحراراً أو نموت. في غياب أي تغيير منتظر لن ينتظر هؤلاء الشباب من دون أي أفق.
هنا أذكّر بما قاله بشار لكريستين كيلر، الصحافية الألمانية، حين سألته عن هوية الرئيس المقبل، فقال لها «حافظ بشار الأسد» أي ابنه. كل هذه الأزمات تراكمت لتدفع الشباب نحو الثورة. وهم الذين نظموا التنسيقيات التي تعمل على الأرض وهي حتى اليوم ثلاث: الأولى تنظم التظاهرات والثانية على مستوى الإعلام، أما الثالثة فهي للتواصل، وأظن أن تنسيقية رابعة قد تم إنشاؤها لتأمين المساعدات. إنهم أنشأوا شبكات وهم يحضرون لليوم الكبير عندما سوف يقلبون النظام. لقد نظموا خلايا بشكل لا يمكن للنظام في حال قبض على أحدهم أن يفكك الشبكة.
• هل ما يقال عن أعداد القتلى صحيح، أم أن هناك مبالغات؟
• أنا هنا منذ ثلاثة أشهر. قبل أن أترك البلد أعطاني ضابط وطبيب مقربين من القصر هذه الأرقام: ١٢ ألف قتيل، ٢٢ ألف مختفي جريح، و٢٧ ألف موقوف وأكثر من٥٠ ألف ملاحق و٤٥٠ الفاً دخلوا وخرجوا من السجن. إنها حرب ضد المدنيين.
• ماذا عن حديث المؤامرة وسيطرة الإسلاميين على الشارع؟
• النظام بدأ يتحدث عن مؤامرة قبل ١٥ يوماً من بدء الثورة. قبل الثورة لو سألنا ضابطاً هل يوجد إسلاميون عنا، لكان الجواب لا يوجد في سوريا أي إسلامي. بعد الثورة نسأل الضابط السؤال نفسه، فيجيب «كل السوريين إسلاميون». في الواقع في الأشهر الأولى لم يكن هناك أي إسلامي. شهران بعد بدء الثورة كانت قناة “الجزيرة” مع النظام السوري. عندما كان الإسلاميون يتحدثون عن الحرية في المساجد، كان ذلك من منظور مبدأي. ولكن بعد مدة ظهر إسلاميون غير معروفين من السوريين. استمعت مرة إلى إسلامي يدعي أنه سوري. لهجته كانت مغاربية: تونسي أو مغربي. وهو الآن أحد مسؤولي الثورة. بعد شهرين أو ثلاثة، بدأ يدخل الإسلاميون إلى سياق الثورة وقد ساعدهم النظام كثيراً. في الواقع إنها مؤامرة من الخارج وكذلك مؤامرة من الداخل.