لا حلّ مع السلاح/ سمير العيطة
كيف يمكن للحرب في سوريا أن تنتهي؟
المصالحات هنا وهناك أو الانتصارات العسكريّة التي يحرزها الجيش النظامي والقوّات الموالية له في القلمون أو حمص أو ريف دمشق لا تعني أنّ النظام السوريّ على وشك فرض سيطرته على الأراضي السوريّة كافّة، وأنّ الأمور ستعود كما كانت من قبل. ذلك ليس لأنّ الموارد البشريّة والعسكريّة اللازمة لذلك لا تجعل أمد هذه السيطرة بعيداً أو مستحيلاً فحسب، بل لأنّه حتّى في المناطق المعنيّة ما زال الكثيرون يحملون السلاح ولن يعودوا كما كانوا.
ولا ينسى أحد أنّه، حتى لو استعادت المعارضة المسلّحة المبادرة وأعادت تنظيم قواها وحقّقت انتصارات عسكريّة، فهي لن تكون قادرة على فرض سيطرتها وإقامة نوع من دولة قانون، مهما كان، مدنيّا أم على أساس الشريعة، على مجمل أنحاء البلاد. في المقابل، تم إقصاء معظم الضباط المهنيين من المواقع القياديّة في المعارضة العسكريّة، وانقسام المقاتلين إلى تنظيمات لا تحمل جميعها مشروع الحرية والكرامة والمواطنة، ستصطدم لا محالة لاحقاً بكلّ من دفع ثمن هذا الطموح.
في مثل هذا الإطار، يتردّد اليوم خطاب أنّ لا حلّ عسكريّاً لما يحدث في سوريا.
الحلّ العسكريّ مستحيلٌ إذاً، فما هو الحلّ السياسي الممكن؟ من الواضح أنّه لن يكون بداية في «الجسم الانتقالي الكامل الصلاحيّات» الذي نصّت عليه وثيقة جنيف. فهذه الوثيقة صيغت في حزيران 2012 حين كانت القضيّة السوريّة قضيّة قمع تمارسه سلطة على احتجاجات، بينما انتقل البعض فقط إلى السلاح، قبل أن يتمّ إطلاق معركة حلب وريفها وقبل أن تنتقل المواجهات المحدودة إلى حربٍ مفتوحة بين جيوشٍ وألوية وكتائب، سوريّة وغير سوريّة على الطرفين. لقد تغيّرت الأوضاع بشكلٍ جذريّ آنذاك، وأضحى أساس أيّ حلّ ان يكون بالضرورة وقفا لإطلاق النار بين المتقاتلين قبل التفاوض على حكومة.
لا سياسة إذاً قبل وقف الاقتتال.
ومن يستطيع وقف الاقتتال هم المتقاتلون لا السياسيّون. الرئيس السوري هـو حاليـاً قـائد قوّة عسكـريّة قبل أن يكون رئيساً لدولة. لا يهمّ أن يعيـد ترشيح نفسه للرئاسة، فالانتخابات أرضها السياسة وليست الحرب. وقادة الفصائل المسلّحة المقاتلة هم خصومه وأنداده، وليس زعماء المعارضة في تركيا وغيرها. المتقاتلون هم الذين يجب جلبهم إلى طاولة مفاوضات، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لوقف الحرب، هذا يتطلّب توافق من يدعمونهم على إقناعهم بأنّ الحرب يجب أن تتوقف، أو يقتنعوا بأنفسهم بأنّها عبثيّة وتدمّر البلاد بحيث لن يبقى لهم ما يقاتلون من أجله.
وكي يحصل هذا لا بدّ من أسس وأهداف مشتركة. أهمّها وحدة أراضي وشعب سوريا، وإنقاذ هذا الشعب الذي بات جائعاً محاصراً مشرّداً، وإخراج جميع المقاتلين غير السوريين على الطرفين من البلاد. هنا سيبرز عدوّ مشترك لا يُمكن أن يكون سوى التنظيمات المتطرّفة، التي تعيث فساداً وإرهاباً لمشروعٍ لا علاقة للسوريين به.
كلّ هذا يتطلّب شجاعة استثنائيّة تفرضها الأخطار المحدقة بسوريا كبلد موحّد ووطن وشعب ودولة.
فهل يستطيع من خاضوا الحرب بشجاعة مهما كانت مواقعهم أن يمتلكوا شجاعة وقف الحرب؟
النهار