لماذا لاينشق الوزراء و السفراء والضباط الكرد عن النظام السوري؟
بنكي حاجو
حتى الآن لم ينشق اي سفير كردي….
لم ينشق اي ضابط كردي من رتبة ملازم اول وما فوق. ولا محافظ او مدير منطقة او مدير ناحية او رئيس مخفر لم ينشق ايضا….
كذلك الحال بالنسبة للوزراء الكرد او مدير عام في دوائر الدولة او مدير شركة قطاع عام….
لم يأتي الانشقاق على بال اي مدير مدرسة كردي او مدير للمالية او الصحة او مصرف…..
لم ينشق اي ضابط في اجهزة امن ومخابرات الدولة من الكرد….
شيء يبعث على الدهشة والاستغراب لـ ” خيانة ” هؤلاء الكرد السوريين…
ولكن كما قيل: اذا عرف السبب زال العجب…
اتعلمون لماذا؟
لانه لا يوجد كردي واحد في اي من تلك الرتب او الوظائف. ليس الآن بل منذ عهد الوحدة مع مصر وان كان قد وجد البعض من العهود الغابرة فقد تم استبعادهم كليا في عهد الانفصال، ولاحقا على ايدي البعث العربي الاشتراكي صاحب الرسالة الخالدة والتي تم الكشف عن محتوى تلك الرسالة منذ 15 آذار 2011.
قد يرد البعض حانقا وبعصبية: هل اصابتكم العمى ولا ترون نائب رئيس الوزراء السيد قدري جميل وهو كردي؟
هو ليس كرديا بل من اصول كردية فقط وشيوعي. الشرط الاساسي لفرد من اصول كردية للوصول الى منصب او موظف متوسط المكانة، عليه التخلي عن كرديته وعن حقوق شعبه والقبول بسياسة التعريب والانتماء الى البعث وو…الخ. هذا الامر ليس محصورا بالسيد قدري وحده بل هي سياسة الدولة السورية منذ خمسينات القرن الماضي.
انتقال المؤمن الورع و التقي من الايمان الى الكفر اسهل بكثير من ان يتنازل الكردي للدخول في حزب البعث، هذا ايضا شكل عاملا اضافيا لبقائه خارج كل أطر الدولة وهو شرف كبير يعتز به كل كردي.
السيد قدري ينتمي الى عائلة جميل باشا العريقة والتي لعبت دورا كبيرا في سبيل القومية الكردية وعلى رأسهم قدري بك الجد واكرم بك وغيرهم وظلوا اوفياء لشعبهم الى آخر رمق في حياتهم.
قد يسأل آخر: الم يصل السيد مالك الكردي الى رتبة عقيد في الجيش السوري ثم اصبح من الاوائل الذين اسسوا الجيش الحر؟. قبل كل شيء فان الكليات الحربية كانت ولاتزال ممنوعة على الكرد بتاتا.
نعم العقيد مالك يحمل كنية ” الكردي ” ولكنه لا يقيم في المناطق الكردية وهو غير محسوب على الكرد من قبل السلطة. عائلة العقيد والكثير من الاسر والعائلات الاخرى المشابهة هم كرد مناطق ادلب وحماة واللاذقية وعلى الاغلب من السلالات التي رافقت صلاح الدين الايوبي وهم لا يتكلمون اللغة الكردية الآن اي لغتهم الاصلية لغة اجدادهم بالرغم من ان اجدادهم كانوا يستعملونها حتى خمسينات القرن المنصرم حسب الاتصالات التي تمت معهم قبل عدة اشهر.
مدراء المدارس من الكرد تم استبعادهم من وظائفهم بمجرد وصول فرد آخر من اصول غير كردية حتى وصل الامر بان اصبح الطلاب مدراء على استاذتهم في نفس المدرسة بالذات بعد اكمال تعليمهم ودخلولهم سلك التعليم دون وجه حق و دون خجل او حياء او اخلاق.
استاذ يقضي عشرات السنين في التعليم ثم يأتي احد طلابه بعد سنوات ويصبح مديرا عليه وجريمة الاستاذ الذي حرم عليه كرسي المدير هو انه كردي حتى وان لم يمارس السياسة ولو يوما واحدا.
تصوروا نوعية الاجيال التي تربت على هذه المبادئ المنافية لاية شرائع الهية كانت او وضعية. اعتقد ان الكثيرين من القتلة والمجرمين من جيش النظام وشبيحته الذين يفتكون الآن بالعزل من الشعب السوري في انتفاضته المجيدة ينتمون الى تلك الاجيال التي تشربت تلك المبادئ والقيم البعثية.
الف رحمة عليك يا قراقوش وقد غمرك الله برحمته لانه لم يجعلك ترى هذه الايام العجيبة من حكم البعث والجبهة التقدمية وحاليا مجالس المعارضات وملحقاتها وخطبائها الذين يذكروننا بالمرحوم احمد سعيد واذاعة “صوت العرب” الشهيرة حيث انه حرر تل ابيب في حرب حزيران من وراء الميكروفون. 60% من سوريا هي تحت سيطرة الجيش الحر كما يقول المعارضون، بينما 99% منهم ومن اعضاء المجلس الوطني هم في معارك تلفزيونية ميكروفونية 24 ساعة في اليوم. كالنعامة تماما يعتقدون ان العالم لا يرى الحقائق.
الطيف الكردي هو الطيف السوري الوحيد الذي لم يرتكب الآثام بحق السوريين على الاطلاق. السبب بسيط وهو بقاؤهم المطلق خارج السلطة. كيف يمكن له ان يؤذي سوريا واحدا وليست لديه السلطة او وظيفة. بالمقابل كان للاطياف الاخرى بما فيها معارضي اليوم نصيب وافر من مناصب الدولة الرفيعة والحساسة وقيادات الجيش والمخابرات وعلى كل المستويات بل محافظات محددة بالذات ومعروفة ولا اقصد العلويين حيث كانوا يشفعون لاقاربهم ومعارفهم في حل مشاكلهم وتمشية امورهم، وهو امر طبيعي في مجتمعاتنا الابوية والعشائرية وحتى الكثيرين كانوا وراء تلك المخططات ضد الكرد وسنكشف عنها مستقبلا.
الكرد ولمدة خمسين عاما لم يكن لهم وطن ولم يشعروا يوما واحدا ان سوريا كانت له وطنا دون ان يكون له ذنب في ذلك. هل المسؤول عن كل ذلك كان البعث وآل الاسد فقط؟. بالتأكيد لا. لم نجد احدا يذكر جريمة تعريب المناطق الكردية وما حل بهم لا سيما ممن يضعون امام اسمائهم صفة “باحث ومفكر “، بينما في تركيا العديد من المفكرين والصحفيين وغيرهم امثال العالم الاجتماعي الشهير البروفسور اسماعيل بشيكجي الذي قضى 17 عاما في السجون التركية دفاعا عن الكرد وهو تركي قح ابا جد يخرج من سجن ويدخل آخر ولم يحيد قيد انملة عن مبادئه لاجل حرية وحقوق الانسان. له عدة كتب ومن اهمها: ” كردستان التي لم تصبح مستعمرة “. اي لو حالف الحظ كردستان واصبحت مستعمرة لكانت اليوم دولة مستقلة كغيرها. اتمنى على كل مفكر ومثقف قراءتها بالعربية ليتعرف على ضحالة الفكر الذي يسود بقية مفكري دول المنطقة.
بالرغم من ذلك كله هناك اعداد كبيرة من المنشقين الكرد. يوميا يصلون الى مناطقهم دون ان يبحثوا عن دولة تؤويهم اوتأمين عائلاتهم الى خارج البلاد. انهم يعودون الى تربة الآباء والاجداد الطاهرة كطهارة ارواحهم الشجاعة كردياو سوريا نقيا….
المنشقون الكرد هم تلك الكوكبات من الجنود الشهداء يوميا بنيران النظام في الخدمة الالزامية في حمص وحماة وادلب وغيرها والذين يرفضون توجيه سلاحهم الى الصدور العارية من اخوانه واخواته من العزل مفضلا الشهادة على الجبن والهمجية.
بنكي حاجو
ايلاف