لمصلحة من تخوين الشعب السوري?!
نضال بشارة
من المؤكد أن الشعب السوري يقدّر للمحللين السياسيين والإعلاميين اللبنانيين, الذين تستضيفهم الفضائيات السورية في الآونة الأخيرة أكثر من استضافة الفضائيات اللبنانية لهم, حرصهم على سلامة سوريا ووحدتها, لكن بعض هؤلاء المحللين والإعلاميين ومنذ بدء التظاهرات في 15 آذار الفائت يوجهون وهم في سياق دفاعهم عن النظام السوري تهمة الخيانة أو العمالة لحركة تظاهرات الشعب السوري, أو تهمة أنهم لن يكونوا على قدر النظام الحاكم وطنية وممانعة, وأن هدف كل حركة الشعب السوري إبعاد سوريا عن خط الممانعة والمواجهة للكيان الصهيوني وتقويض دعمه للمقاومة اللبنانية الوطنية وفي مقدمتهم حزب الله.
وإن كنا لا ننكر عليهم حقهم في هذا الدفاع غير أننا نسجل عليهم عدم رؤيتهم الحقيقية لموقف الشعب السوري المؤازر تاريخياً لموقف القيادة السياسية السورية, وهو موقف لم تنكره القيادة نفسها. ولعل النقطة التي تغيب عن بعض هؤلاء المحللين والإعلاميين أنه لولا معرفة وإيمان القيادة السورية بموقف شعبها المؤازر لها في خط الممانعة ودعم أشكال المقاومة الوطنية العربية لكل محتل, لما اعتدّت بموقفها واستمرت به, والوقائع التاريخية كثيرة, أقربها للذاكرة كيف استقبلت القيادة والشعب السوريان الأخوة اللبنانيين الذين اضطرتهم ظروف العدوان الصهيوني على لبنان عام 2006 النزوح للأراضي السورية.
ولذلك لا يصح الخطاب الذي يتفوه به بعض هؤلاء من أن حركة التظاهرات للشعب السوري ترمي إلى تحييد سورية عن هذا الموقف, خاصة أن بعض الذين حملوا السلاح لسبب أو آخر, هم قلّة قليلة, لن يغيروا من موقف الشعب ولا حتى من موقف القيادة السياسية من أحقية مطالب المتظاهرين, التي أقرت بها تصريحات الرئيس بشار الأسد ومصدراً حزمة من القرارات تلبي جزءاً من مطالب الشعب الذي ما يزال ينتظر المزيد والأهم والتي يرشح إعلامياً عنها إنها في طور الإعداد والإقرار.
ولكي نكون أكثر واقعية بما ستحمله الأيام القادمة لنا علينا أن ننظر لما يحدث في مصر التي عادت إلى حقل عروبتها بعد ثورة 25 يناير, فقامت بمصالحة الفلسطينيين (السلطة الفلسطينية وحماس), وفتحت معبر رفح بينها وبين قطاع غزة لتخفف من وطأة الحصار الصهيوني عليه, كما أنها في طريق إعادة تطبيع علاقاتها مع دولة إيران.
فكيف يصح أن مصر تعيد علاقتها مع إيران بعد نجاح ثورتها, واتهام الشعب السوري بأنه سيعمد لاحقاً إلى فك الارتباط بين سورية وإيران?.
لب المشكلة في اعتقادنا أن الطبقات الحاكمة في عموم أرجاء الأقطار العربية ومن يؤيدهم على الحق والباطل, يعتبرون أنفسهم هم الوطنيون وباقي الشعب خلاف ذلك, مع أن الوقائع لم تؤكد صحة توجههم هذا, وغالباً ما تؤكد العكس تماماً.
* كاتب سوري مقيم في حمص
العرب اليوم