مؤتمر اسطنبول يأخذ دفعاً على وقع مهمّة أنان
العنف سقف التفاوض وكسب الوقت
روزانا بومنصف
على رغم ترقب الاوساط المتابعة خلال عطلة الاسبوع لبيان رئاسي يصدر عن مجلس الامن يدعم فيه مهمة المبعوث المشترك للامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان بما من شأنه ان يعبر عن موقف دولي موحد في هذا الاطار، فان ما نقلته مصادر ديبلوماسية على اثر الاحاطة التي قدمها انان للمجلس يوم الجمعة الماضي في 16 من الجاري لا تدعو الى التفاؤل بهذه المهمة حتى الان. اذ ان انان نفسه الذي عبر عن خيبة امله من المحادثات التي كان اجراها الاسبوع الماضي اظهرت بحسب هؤلاء الديبلوماسيين ان اعتقاده المسبق بانه يمكن ان يقدم شيئا جديا بسرعة على صعيد الملف السوري لم يصح. وتخشى هذه المصادر ان تكون الردود التي حصل عليها انان حتى الان افقدت المبادرة التي يقوم بها الدينامية والزخم المطلوبين وفي اعتقاده ان هذه المبادرة كانت تشكل فرصة حقيقية لايجاد حل ظهر واضحا في الايام الاخيرة انها لم تكن كذلك. ولا يعتقد في ضوء الردود التي قدمها النظام انه من الصعب تحقيق اختراق في الازمة نحو ايجاد حل مما ينذر بذهاب الامور الى مؤتمر اصدقاء سوريا في اسطنبول على وقع تعثر مهمة انان. وتاليا فان ما يمكن ان يتخذ من مواقف في المؤتمر يرجح ان تكون صدى لهذا التعثر من خلال مؤشرات اعطاها مسؤولون اتراك قبل ايام قليلة تعيد وضع البحث في منطقة عازلة على الطاولة كما الامر بالنسبة الى احتمال تسليح المعارضة.
وتقول المصادر المعنية ان روسيا لم تقدم اي مساعدة فعلية لانان ولو اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف انه يدعم المهمة التي يقوم بها المبعوث المشترك للامم المتحدة والجامعة العربية وان روسيا نصحت الرئيس السوري بشار الاسد بالتعاون مع مهمة هذا الاخير. ولا تستبعد هذه المصادر ان تتم محاولة اعطاء بعض الدفع لمهمة انان على غرار العمل معه على وصول بعثة انسانية وما شابه بحيث يتم تعطيل مضمون مؤتمر اسطنبول على اساس افادة النظام من الوقت لكسب المزيد لمصلحته ومحاولة تسجيل المزيد من النقاط على الارض. الا ان هذا لا يعني في اي حال ركون الدول الكبرى لهذه المحاولات بحيث تحصل ضغوط على المعارضة من اجل ان تقبل هي بمهمة انان وتعلن تعاونها معه من اجل رمي الكرة في ملعب النظام واجهاضه مهمة المبعوث الدولي. اذ ان خلافا نشأ بين افرقاء المعارضة اخيرا حول دعم مهمة انان او عدم دعمها وسط تناقض للاراء بين من يعتبر ان لا فائدة منها ومن يرى ضرورة استمرار الرهان على مبادرات سلمية اسقاطا لمنطق النظام حول عسكرة المعارضة. وهو خلاف مماثل لذلك الذي نشأ على اثر مبادرة الجامعة العربية وارسال بعثة المراقبين باعتبار ان هناك فريقا يرى ضرورة ان يظهر رفض النظام لكل المبادرات وفق ما يحصل واجهاضه اياها وليس اجهاضها من المعارضة. وكثر من المهتمين بالشأن السوري يرون انه لا يتعين على المعارضة ارتكاب خطأ رفض اي مبادرة بل ترك هذا الامر على عاتق النظام وحتى الان فان ما طرحه النظام من شروط على انان لا يظهر استعدادا للتعاون في الجوهر بل على العكس.
وتاليا فان استمرار الوضع على ما هو عليه من دون تراجع للعنف وعدم نجاح انان في مهمته سيؤدي الى انعقاد مؤتمر اسطنبول بجدول حافل بدلا من ان تعطله مبادرة المبعوث الدولي. وتواصل الدول المعنية اقليميا ودوليا التلويح بهذه الورقة من اجل الضغط في هذا الاتجاه والسعي الى الحصول على تطور بعض الشيء في ملف الوضع الامني في سوريا قبل المؤتمر باعتبار ان ذلك سيسمح بان يستفيد الجميع من بعض الوقت. وفي حال لم ينجح ذلك فان هذه الدول ستستخدم هذا الامر في وجه روسيا التي لا تزال داعمة للنظام على رغم بعض الانتقادات للنظام التي ساقها لافروف اخيرا. فاما تضغط فعلا على النظام من اجل وقف العنف قبل المؤتمر بناء على البيان الرئاسي المرتقب عن مجلس الامن او بناء على النية الروسية المعلنة سابقا في هذا الاطار او ان بعض الدول ستأخذ فرصتها في اعلان مواقف صارمة بعد ان تكون مهمة انان قد تعثرت بفعل تصلب النظام وعدم تعاونه.
وفيما توحي مواقف بعض حلفاء النظام في لبنان انه استعاد قوته وسيطرته بفعل ما قام به في حمص ثم في ادلب وتاليا فانه يفرض شروطه من موقع قوة وفق ما فعل مع انان، فان مجمل المعطيات الاخرى لا تؤكد هذا الواقع باعتبار ان الحسم الذي قام به في حمص لم ينه الاعتراضات او الاحتجاجات فيها وكذلك الامر في المدن السورية الاخرى. بل ان الوضع يبدو استنزافيا على نحو خطير وموقف القوة هو سقف مرتفع للتفاوض من حيث المبدأ وفق ما يفترض منطق الامور، علما ان الشكوك تبقى كبيرة في حالة النظام السوري ورغبته الفعلية في التفاوض. اذ يغلب الاعتقاد ان ما يجري هو كسب المزيد من الوقت والسعي الى تقديم القليل قبل كل استحقاق اقليمي او دولي على نحو يخدم هذا الهدف ليس الا.
النهار