ما قبل التدخل الدولي
ساطع نور الدين
لن يعتبر الغرب أن القرار العربي بتعليق مشاركة سوريا في اجتماعات الجامعة العربية ونشاطاتها بمثابة دعوة إلى الاستعداد للتدخل في الأزمة السورية المستعصية. لكنه سيرى فيه فرصة لممارسة أقصى الضغوط على النظام السوري، بما يمكن أن يُحرج موسكو وبكين وينتج إجماعاً دولياً استثنائياً، يحتاجه العرب في مسعاهم الذي لم يصل إلى نقطة اللاعودة.
ما زالت الأزمة عربية وما زالت احتمالات تسويتها في الإطار العربي واردة برغم أن الوقت يضيق ويزيد من مخاطر الحرب الأهلية التي لا يزال المجتمع السوري قادراً على ضبطها في حدودها الدنيا. أما التهديد الذي يمكن أن تشكله تلك الأزمة على استقرار المحيط العربي والجوار الإقليمي فإنه لا يزال افتراضياً، ومحدوداً جداً، ولا يستدعي توتراً او استنفاراً خارجياً او ينذر بالحريق الكبير الذي طالما لوّح به النظام السوري وحلفاؤه.
لن تكون هناك مهلة زمنية للحل العربي، الذي يفترض في نهاية المطاف ان يتوصل الى حوار وطني سوري بين النظام ومعارضيه على تقاسم السلطة اولاً ثم تداولها من دون الإقصاء او الاستئصال للآخر. والساعات الفاصلة عن موعد الاجتماع الوزاري العربي في المغرب غداً، لن تكون سوى مقياس لمدى استعداد العرب للمضي قدماً في عزل النظام السوري ونزع الشرعية عنه، وبمدى استعداد النظام لتقبل الخروج من مؤسسة عربية تحتاج إلى ما يثبت شرعيتها امام الرأي العام العربي المختلف جوهرياً عن ذاك الذي دفع لإنشائها في اربعينيات القرن الماضي.
أخطر ما في القرار العربي أنه يؤدي الى تفاقم الصراع الداخلي في سوريا، لأنه يُخرج النظام عن طوره، ولأنه يُخرج الشارع عن تردّده ويدفعه الى الاعتقاد ان موعد التغيير صار وشيكاً. المجتمع الدولي سيراقب عن كثب، ذلك الاختبار الجديد لموازين القوى السورية، من دون أن يتدخل إلا في تشجيع المعارضة السورية على الصمود والمضي قدماً في جدول اعمالها. وكذلك ستفعل تركيا وإيران اللتان تعتقدان أن الحل العربي هو الحاجز الأخير دون تطوير تنافسهما على النفوذ في سوريا وفي العالم العربي كله.
وفي هذا السياق من المراقبة الدولية للمرحلة المقبلة من الأزمة السورية، ثمة ما يبرر الاعتقاد بأن كل ما هو دون التدخل العسكري الدولي صار مباحاً ضد سوريا، وبطلب ضمني من الجامعة العربية التي بلغت الحد الأقصى في استخدام أدوات الضغط على النظام السوري التي لا تحتاج الى الإجماع العربي المستحيل.
بدائل التدخل العسكري متعددة، ويمكن أن تكون موجعة أكثر من فرض حظر جوي او شن غارات على مواقع عسكرية سورية لحماية المدنيين السوريين على غرار التجربة الليبية التي لن تتكرر حتى ولو حمل نصف الشعب السوري السلاح ضد النصف الآخر.
السفير